هل مشكلة كرتنا.. في الأفارقة؟
سيكون من غير الإنصاف، أن نتجاهل ما قدمه السيد محمد روراوة على مدار سنوات للعبة الشعبية الأولى، وربما الوحيدة في الجزائر، وسيكون من غير الإنصاف أيضا أن لا ننتقد الرجل على خلفية القرار أو مشروع قرار يمنع انتداب اللاعبين الأجانب في الدوري الجزائري المحترف، لأن ما قام به الاتحاد الجزائري هو خطوة لا علاقة لها بعالم الاحتراف، الذي اجتهد المسؤولون على الكرة، لأجل بلوغه، وفشلوا باعتراف الجميع بما فيهم رؤساء الأندية.
وبينما تمنى عشاق الكرة وهم بالتأكيد كثيرون في الجزائر ويمثلنا شعبا قائما بذاته، أن تستفيد الجزائر من بعض الصحوة التي أوصلت ثلاثة أندية جزائرية محلية لأول مرة في تاريخ القارة السمراء إلى دور الثمانية في أهم منافسة قارية، وهي رابطة الأبطال الإفريقية، وتمنوا لو التفتت الاتحادية إلى عقدة الملاعب المعشوشبة طبيعيا والمركبات الرياضية، التي جعلت نصف الأندية الجزائرية تُشرّق نحو تونس، ونصف الآخر يٌغرّب نحو المغرب، أو إلى الفئات الشبانية التي صارت جميعها لقمة سهلة يلتهمها أي منتخب إفريقي مغمور، وتمنوا أن يبدأ الاحتراف الحقيقي برفع الدولة من إنفاقها البذخي على أندية لا تنجب لاعبين، أطلّت علينا بهذا القرار الذي سقطت كل التبريرات المقدمة بخصوصه في الماء، ولم تُقنع أحدا، فمن غير الممكن أن تتحرك الجزائر لأجل بعث الاستثمار الأجنبي، ويتم طرح مشكلة اسمها كيفية تحويل العملة الصعبة لعدد من اللاعبين الأجانب، ومن غير المعقول أن يطول التقشف منع أجنبي من اللعب في الجزائر، وهو يتقاضى مرتبا أقل من مرتب اللاعب المحلي، ويوجد حاليا في اليونان أكثر من مئتي لاعب أجنبي في الدرجة الأولى فقط، في بلد لم يعلن التقشف فقط وإنما بلغ درجة الإفلاس.
ولو سارت بقية القطاعات على نهج ما تريد فعله اتحادية الكرة، فقد نشهد عودة إلى سنوات التسعينات، عندما خلت الجزائر نهائيا من الأجانب لأسباب أمنية، ولكن هذه المرة لأسباب يقال بأنها اقتصادية.
لا جدال في أن كرة القدم الجزائرية مريضة، مثل كل القطاعات الأخرى، ولكن سيزداد المرض إن لجأ القائمون عليها لعلاج في غير موضعه، كما حصل مع قضية منع الأجانب من اللعب في الدوري الجزائري، وسيكون من المضحك أن يشجع المدرب الوطني الجزائري وهو أجنبي، لاعبا جزائريا للاحتراف في الخارج ويهلل له كل الجزائريين، بما فيهم الاتحادية الجزائرية لكرة القدم ومنهم السيد روراوة الذي أفرحه احتراف إسلام سليماني مع نادي سبورتينغ لشبونة البرتغالي، في الوقت الذي يجد لاعبا حالما أو مغمورا أو حتى متمكنا من إفريقيا ومن غيرها من القارات باب الدوري الجزائري مغلقا في وجهه.
لقد اجتهد السيد روراوة على مدار سنوات إشرافه على الكرة الجزائرية وأصاب في العديد من المرات، ولكنه هذه المرة أخطأ برغم نيته الطيبة، وسيكون خير الخطائين ..لو تاب عن قراره؟