هل هو خيانة أم حق شرعي؟

يتخذ الكثير من الرجال قرار الزواج من ثانية، ولكل رجل أسبابه الخاصة ومبرراته لذلك، والغالبية يفضلون أن يقوموا بهذه الخطوة بسرية تامة، إما حفاظا على الزواج الأول أو تفاديا للوم المجتمع، وانتقادات المحيط.

ينظر المجتمع الجزائري إلى تعدد الزوجات بعين المنتقد، إذ من الصعب تقبل فكرة أن يتزوج الرجل على زوجته، فإن كانت مريضة أو مقصرة اتهموه بعدم الوفاء، وإن كانت جميلة، مثقفة، نشيطة، اتهموه بالخيانة وبأنه لا امرأة تملأ جوف الرجال، أما إن اكتشفت الزوجة في حد ذاتها ارتباط زوجها بأخرى، فالمصيبة قد تكون أعظم، ولا منجي من عتابها وانتقامها.. كل هذه الأسباب وغيرها تدفع الرجل إلى التفكير مليا لزواج التعدد سرا..

تزوج بثانية دون علم زوجته هل هو رجل خائن؟

لابد من أن الزوج الذي هانت عليه عشرة زوجته الأولى، واختار تغييرها هو شخص خائن في معتقد النساء على وجه الخصوص. هذا حكم عبير، ذات الستة والثلاثين ربيعا، متزوجة منذ 14 سنة، اكتشفت أن شريك حياتها مرتبط بسيدة أخرى في الحلال منذ سبعة أشهر، فكانت الصدمة: “مشكلتي أنني ساذجة، أسدد إيجار المنزل وكل الفواتير، وأعيره سيارتي الفخمة ليتفسح بها، بينما أنا منشغلة في العمل والكد، إنها أسوأ خيانة مادية ومعنوية قد تتعرض لها أنثى..”، هذا فيما يعتبر زوج عبير أن ما قام به هو حقه الشرعي، بينما لا يحصل على حقوقه كاملة من زوجته الأولى لانشغالها وسفرها الدائم.

في هذا الصدد، تشير كريمة رويبي، أستاذة جامعية وأخصائية نفسية واجتماعية، إلى تحليل يعتبر الأقرب إلى المنطق في نظر علم الاجتماع: “بما أن القانون الجزائري لا يصنف الزواج من ثانية على كونه خيانة، رغم سعي المشرعين سابقا لجعل الزوجة الأولى تصادق على ارتباط زوجها بأخرى، وبما أن ديننا الإسلامي لا يبيح التعدد، فإن فكرة الخيانة هي صناعة اجتماعية بحتة، تغذيها كبرياء الزوجة الأولى، وإحساسها بالإهانة والانكسار أمام قرار شريك حياتها، فلا يمكن أن تعتبر ارتباطه بأخرى سوى خيانة لها”.

أخفيت زواجي حفاظا على مشاعرها

حتى وإن اعتبر البعض التستر على الزواج الثاني خوفا على مشاعر الزوجة الأولى حجة ضعيفة وغير مقنعة، تؤكد الكثير من الحالات أن السبب الوحيد وراء ترك التعدد سرا، هو لمخافة تضرر نفسية الزوجة الأولى، وإمكانية طلبها الانفصال. يقول عبد الحفيظ: “عندما أغرمت بزميلتي في العمل وقررت إعادة الارتباط، صممت أن يحدث الأمر خفية عن زوجتي وعن كل شخص يمكن أن يعلمها بذلك، لأنها ورغم زواجنا التقليدي لطالما كانت صبورة أمام مشاعري الجافة حيالها، خدمتني بإخلاص وكانت وفية في جميع مواقفها معي، ولكنها لم تكن المرأة المثالية التي أحلم بالعيش معها”. عبد الحفيظ لم يعلم زوجته حتى اليوم، وبعد مرور ثلاث سنوات من زواجه، خشية أن تتركه أو تصاب بأزمة نفسية، فهي لاتزال تظن أن غيابه في وهران لغرض العمل، رغم أنه تقاعد منذ سنتين تقريبا.

“التعدد حق وحرية شخصية”

رغم اختلاف الرؤى ووجهات النظر حول سرية الزواج الثاني، فإن المقبلين على هذه الخطوة، حسب الأخصائية النفسية، هم شخصيات مقتنعة بأن الارتباط من امرأة ثانية هو حرية شخصية، وحق شرعي قد يكون السبب الوحيد من إخفائه هو الخوف من وقوع في المشكلات والخلافات الأسرية في البيت الأول، وتفادي العتاب والنظرة الدونية التي يستقبلها الرجل من أبنائه ومحيطه، فضلا عن نكران زوجته الأولى ومحاولاتها العبثية في استرجاع كرامتها، التي قد تستعمل فيها أي سلاح آخر يمكن أن يفتك بها سوى العقل.