-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من قانون الأسرة إلى قانون العقوبات إلى المنظومة التربويّة

هل هي حرب على التطرّف أم حرب على الثّوابت؟

سلطان بركاني
  • 2048
  • 0
هل هي حرب على التطرّف أم حرب على الثّوابت؟

المتتبّع لمجريات الأحداث في بلاد المسلمين في السّنوات الأخيرة يدرك لا محالة أنّ هناك مؤامرة خبيثة تدبّر لهذه الأمّة؛ خطّط لها الصّهاينة والصّليبيون وينفّذها أزلامهم من البلاعمة الذين باع بعضهم دينهم بعرض من الدّنيا قليل، واختار بعضهم الآخر السّباحة عكس التيار واتّباع سياسة “خالف تعرف” للتّغطية على فشلهم الذّريع في إدارة شؤون المناصب والمسؤوليات التي نزوا عليها، وراح هؤلاء وأولئك يثيرون الفتن والقلاقل ويتّخذونها ذريعة ليس فقط للبطش بالصّحوة الإسلاميّة المعاصرة التي عجز سيل الشّهوات المتدفّق عبر وسائل الإعلام عن القضاء عليها أو الحيلولة دون تزايدها، وإنّما أيضا لاجتثاث ثوابت الأمّة والحرب على مقوّماتها.

في السّعودية، يتطاول الإعلام الليبراليّ وتصل به الجرأة إلى حدّ المساس بقدسية القرآن وبثوابت الدّين، ويتعمّد أزلام أمريكا استثارة الغيورين على دينهم بمنح الضّوء الأخضر للادينيين ليستهزئوا بالدّين وبالمتديّنين من فوق أرض وطئتها أشرف وأطهر قدمين، قدمي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم.

في مصر، تغلق المساجد، ويمنع الدّعاء للمظلومين، وتكمّم الأفواه، ويضيّق على الدّعاة، ويسخّر الأزهر لإضفاء الشّرعية على سياسة القمع والبطش، وتحلّ الجمعيات الخيرية والدّعوية، وتطالِب الجهات الرّسمية بإسلام جديد، ويفتح المجال للإعلاميين والصحافيين للحرب على ثوابت الدّين ومقوّماته… كلّ هذا تحت ذريعة الحرب على الإخوان.

في تونس، وتحت ذريعة الحرب على الإرهاب، تغلق المساجد ويسرّح الأئمّة الذين يرفضون الخطاب الاستئصالي ويأبون تبنّي “الإسلام الأمريكيّ”، وتعود سياسة قمع الحرية الدينية في ثوب جديد.

في الجزائر، لا يزال أتباع التيار الفرانكفوني يخوضون معاركهم الآثمة ضدّ عناصر الهوية الوطنيّة على كافّة الأصعدة؛ فتارة يصوّبون سهامهم المسمومة المستوردة إلى قانون الأسرة الذي يصفونه بالرّجعية والتخلّف، ويريدونه قانونا يخلو من أيّ أثر للفقه الإسلاميّ، وتارة يصوّبون سهامهم إلى بعض قوانين التّجارة التي تقيّد حرية المتاجرة في بعض المحرّمات، وتحول دون الخضوع الكامل لتوصيات المنظّمات العالميّة، وتارة يهاجمون الخطاب الدينيّ، وينادون بعلمنته والحيلولة دون تدخّله في قضايا الشّأن العامّ، بل وفي كثير من قضايا المجتمع، وتارة يجلبون على المنظومة التربوية لتفريغها من بعدها العربيّ الإسلاميّ؛ لم يكفهم أنْ صارت التربية الإسلامية من المواد الثانوية التي لا يكاد يُلتفت إليها في الامتحانات الرّسميّة، حتّى أعلنوا نفيرهم العامّ لمحو أيّ أثر لها في هذه الامتحانات، بل قد تمادى بهم الأمر إلى حدّ الرّغبة في محوها من الوجود، عندما اتّهموا التّعليم الدّينيّ في المساجد والمدارس القرآنية بأنّه السّبب في تدنّي مستوى كثير من التّلاميذ، ((كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا))؛ أوجدوا السّنة التّحضيريّة للقضاء على التعليم القرآنيّ، وحينما لم تنجح مؤامرتهم، هاهم الآن يوسوسون إلى الجهات المسؤولة لعلّها تلغي التعليم في المساجد، لأنّه، حسبهم، يؤثّر سلبا في التّعليم المدرسيّ!

إنّ هؤلاء الذين ينفذون مخطّطات أسيادهم من وراء البحار في الحرب على مقومات المجتمع، لا يدركون أنّهم يلعبون بالنّار، وأنّهم بحماقاتهم هذه يوجدون الذّرائع لـ”التطرّف” الذي يريدون حربه بالوكالة؛ الأمّة جميعا بدأت تستشعر أنّ المستهدف هو الدّين وليس التطرّف، وأنّ هذه الحرب ليست حربا عادلة وإنّما هي حرب بالنيابة تخوضها الأقليات المستغربة بالوكالة عن جهات خارجية تسعى إلى الحيلولة دون أسلمة القارة العجوز، بإشغال المسلمين بعضهم ببعض.

فعلى الأئمّة والدّعاة والخيّرين في هذه الأمّة أن يتفطّنوا إلى هذه المؤامرة، ويفوّتوا الفرصة على المتربّصين، بدعوة النّاس إلى التّمسّك بثوابت دينهم ورفض أيّ مساومة عليها، والتّضحية لأجلها بالأموال والمناصب وكلّ متع هذه الحياة الدّنيا.

وقفُ رخص جمع التبرّعات لن يوقف تزايد عدد المساجد.. منع الخمار في بعض وسائل الإعلام الرّسميّة وبعض المصالح والإدارات لن يوقف الإقبال على الحجاب وتزايد عدد المحجّبات.. إلغاء مادّة التربية الإسلاميّة لن يلغي التعلّق بالدّين من القلوب.. فلْيمُت المتربّصون بغيظهم، من مات بغيظه منهم فله كفن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!