الشروق العربي
قارورات "الخمر الحلال" قادمة

هل يفسد “الخمر الحلال” مائدة الصائمين؟!

الشروق أونلاين
  • 15022
  • 0

انتهى المد والجزر في قضية ترخيص بيع الخمور في الجزائر، وتنفس الكثير من المواطنين في العديد من المناطق الصعداء، بعدما خرجوا للتظاهر ضد فكرة تعميم بيع المسكرات في مجتمعنا، وقد كان سحب هذا القرار بأمر من السلطة، وهو ما رآه الكثيرون عين الصواب ورحب به العديد منا، لا ندري لماذا، ربما هو خوف من اللهيب الاجتماعي المشتعل، وكذا الجبهة الاجتماعية التي باتت اليوم قاب قوسين أو أدنى من الانفجار في بعض المجالات، خصوصا وأن الفتنة مشتعلة منذ فترة في قطاعات أخرى، غير أن التحايل في تمرير فكرة “الخمر” أخذ شكلا جديدا، وظهرت إلينا في ثوب جديد، ألا وهو “الخمر الحلال”، وهو اجتهاد للمسؤولين في الجزائر قبيل شهر رمضان الكريم، وهذا بتزين موائدنا بمسكر لكنه حلال، فهل يستوي الخبيث والطيب؟

إذا كان حلالا فلماذا التسمية “خمرا”؟

استغرب الكثير من الناس لفكرة كونه خمرا وفي نفس الوقت غير مسكر، وهما الأمران اللذان لا يجتمعان عادة، كحال الخمر المعروفة عند عامة الناس، فإذا كان كذلك، أي غير مسكر، فلماذا سمي “خمرا”؟ ولماذا لم تعط له تسمية تدخل ضمن عديد المشروبات الغازية الموجودة في هذا السوق، بل أكثر من هذا، فإن الشركات القائمة على صنعه وتوزيعه لم تختر له شكلا جديدا في القارورات الحاملة له، غير أنها اتخذت له شكل قارورات الخمر المعروفة والمصنفة ضمن المسكرات، التي يتبين من خلالها للفرد في أول وهلة يراها فيها أنها قارورة خمر، كل هذه المعطيات بينت أن الهدف من كل هذا ليس توفير شراب مخصص لموائد رمضان الذي هو على الأبواب، وليس بحثا عن نوعية جديدة في السوق الجزائرية، إلا أن الأمر يتعدى إلى أبعد من هذا كله.

تسويق فكرة “الخمر” قبل المادة المسكرة

لقد اتضح أن ما تهدف إليه هذه الأطراف التي سوقت هذه المادة ـ الحلال في رأيهم، لكنها خمر في الواقع ـ، هو خلق التعود لدى الأفراد في ذكر هذا المصطلح بينهم، لأن المواطن الجزائري صغيره وكبيره، ذكره وأنثاه، بقي عنده لفظ “الخمر” مصطلحا خبيثا، وهو غير متداول إلا عند من يتعاطون هذه المادة، لذا تسعى ـ هذه الأطراف ـ من وراء هذه الفكرة، إلى تسويق لفظ “الخمر” داخل المجتمع قبل تسويقه مادة مستهلكة، حتى يصبح متداولا ويُضم إلى قاموس اللهجة الجزائرية، وتسقط عنه النظرة السلبية بيننا، ونصبح نتداوله بشكل عادي كغيره من المصطلحات الأخرى، وهم يريدون التشهير به وتذليل العقبات التي تقف أمام تعميمه وهذا بإضافة مصطلح “الحلال” له، والذي يخفف وقعه على المسامع، فهل يستوي الطيب والخبيث في تلبية حاجة الأفراد.

إن هذا التحايل في تسويق الخمور في الجزائر، يوحي بحق أن مشروع إقرار الخمر داخل المجتمع هو أمر واقع لا محالة، سواء أدخل من الباب أو النافدة، المهم التأسيس له وتوطينه بيننا، ولو كان مشروعا على المدى البعيد كحال “الخمر الحلال”، التي تزامنت مع اقتراب شهر رمضان الكريم، حيث يسهر الكثير من الأشخاص على طرحها بأفكار جديدة، حتى وإن كان ذلك على حساب التلاعب بالألفاظ وإخضاعه إلى رضا عامة الناس، ويصبح أمرا عاديا في مجتمعنا، بعدما كان الخمر وإلى زمن بعيد من الموبقات السبع، فهل تسقط عليه هذه الصفة عندما تضاف له كلمة حلال؟ وهذا ما يسعى إليه القائمون على هذا المشروع.

مقالات ذات صلة