الشروق العربي
ظاهرة " اللايف" أو النقل المباشر على شبكات التواصل:

هوس الظهور أمام الكاميرا في كل مكان

صالح عزوز
  • 1016
  • 7
ح.م

من هوس “السيلفي” وصلنا اليوم إلى هوس “اللايف” أو التصوير المباشر الذي انتشر في الوسائط الاجتماعية بكل أنواعها، شباب وفتيات يعرضون حياتهم الشخصية على الأفراد في كل مكان في انتظار التفاعل معها من طرف الأصدقاء والمحبين، ظاهرة بمثابة مس أصاب كثيرا من الناس، وأصبحت حياة الأفراد مكشوفة على مصراعيها، على العام والخاص دون استثناء سواء في العمل أم البيت أم السفر وفي كثير من محطات حياتهم وعلى المباشر، وتعدت بذلك حدود فيديو عادي وأصبحت حالة مرضية، وقع فيها العديد من الناس.. فكلٌّ يترجم ما يقوم به في فيديوهات “اللايف” حتى ولو نشر فيديو وهو يسير في الطريق أو يمارس الرياضة أو حتى دخوله إلى بيت الخلاء. والغريب أنها لا تحمل في غالبها رسالة هادفة، فقد مستهم عدوى “اللايف” فحسب.

اعتبرها الكثير من رواد شبكات التواصل الاجتماعي بمثابة ثورة كبيرة في مجال الرقمنة التي وصل إليها العالم وهي نتيجة لتسارع التكنولوجيا الحديثة في مجال التواصل والاتصال، التي تطورت من الصور إلى الفيديو، وهاهي اليوم تصل إلى التسجيل أو النقل المباشر للأحداث، الذي يقوم على تقنيات حديثة، في شبكات التواصل الاجتماعية بكل أنواعها، غير أنها لم تلق الترحيب من طرف كل الأفراد كسابقاتها، فبالرغم من أنها تحمل إيجابيات كثيرة، والأهم أنها سهلت عمليات التواصل، إلا أنها لا تخلو من سلبيات عديدة تصل إلى حد التشهير للكلام البذيء أو السب العلني أو تصوير خصوصيات الأفراد على المباشر، بما يصعب التحكم فيها أو مراقبتها. وللذكر، فإنه إلى وقت ليس ببعيد، لم تكن هذه التقنية في متناول كل الأشخاص، وتخضع لشروط محددة عند استعمالها، وكانت في الغالب تحمل الطابع المهني لا غير، وليس كما نراها اليوم، حيث أصبحت في متناول كل الأفراد دون استثناء، وتستعمل للمزاح أو العبث فقط، كما كانت منتشرة في البداية عند المشاهير من لاعبين وفنانين في تطبيق “الأنسغرام”، ثم مست كل الوسائط الأخرى.

ما فائدة.. مباشر من الحمام أو آخر من الفراش؟

بعيدا عن سلبيات هذا المباشر الذي ابتلي به كثير من الأشخاص ومن كلا الجنسين، وما قد تصل إليه الحياة الشخصية والخصوصيات عبر مباشر لا يتعدى بضع دقائق نجد أن هذا النقل لا يحمل في طياته رسائل أو أخبارا أو منفعة للأشخاص قد يستفيد منها من يزورها، بل مجرد نقل لأحداث شخصية تعتبر تافهة في نظر غيره.. فماذا يفيدك مثلا، من ينقل إليك تصويرا مباشرا من الحمام أثناء استحمامه وهو يغني أو يرقص، أو من ينقل إليك تقلبه في الفراش حين منامه بالليل أو استيقاظه بالصباح؟؟ لذا، فإن أغلب محتويات هذه الفيديوهات، لا معنى لها، فهي مجرد خزعبلات لا غير.

الكلام البذيء والسب على المباشر دون رقابة

سهلت هذه التقنية الحديثة التي تتميز بها أغلب شبكات التواصل الاجتماعي اليوم، التحرر من الرقابة، وفتحت المجال لكل من هب ودب للتلفظ بكلام بذيء أو السب العلني للأشخاص على المباشر.. وهي من السلبيات الكبيرة التي تحملها هذه التقنية في طياتها.

لم يبق كل ما نقوم به اليوم موثقا بالصور أو الفيديو فحسب، بل تعدى هذا وأصبح موثقا على المباشر، سواء في العبادات مثل الصلاة في المساجد، أم الحياة الشخصية في غرف النوم ومكان العمل وغيرها، وتحولت هذه الظاهرة إلى حالة مرضية، مست أغلب رواد شبكات التواصل الاجتماعي، وزعوا حياتهم على العام والخاص، في مباشر لا يحمل معنى ولا رسالة.

مقالات ذات صلة