-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وزير “البالوعات”

وزير “البالوعات”

يجد الجزائري أحيانا نفسه، مجبرا على أن يترك “عظائم” الأشياء للاهتمام بـ”صغائرها”، ففي الوقت الذي لم يعد من حديث “مرعب” يفزع الراعي والرعية، غير أسعار النفط المنهارة، صار المطر الذي يحلم به الإنسان، في كل زمان ومكان، والذي جعل منه الله كل شيئا حيا، وخصّه الرسول صلى الله عليه وسلم، بصلاة تدعو لتساقطه، يُرعب الجزائريين، بسبب ما صار يسمى بأزمة البالوعات في الجزائر، التي حوّلت مختلف الشوارع إلى شبه سدود أو مسابح إسمنتية، تكتنز المياه ولا تحوّلها إلى المجاري ولا إلى التجمعات المائية، والغريب أن أكثر من ألف رئيس بلدية عاجز عن تسيير هذه البالوعات، بالرغم من أن ديوان الأرصاد الجوية يمنحه المعلومة المناخية بالتاريخ والجغرافيا، والسيولة المادية متوفرة لدى غالبية البلديات العاجزة عن إنفاق المال العام، فما بالك بإيجاد مشاريع تنموية حقيقية، ولكم أن تتصوروا حال رئيس بلدية عاجز عن تسيير بالوعة لمجاري المياه، في تسيير الأمور الكبيرة التي تتطلب بعض التفكير وبعض الذكاء.

لقد حاولت الجزائر مثل كل بلاد العالم بعث وزارات، اتضح فيما بعد بأنها تقوم بتسيير المال العام وإنفاقه على مصالحها، ولا توجد وزارة واحدة تساهم في الناتج القومي المكوّن في مجمله من عائدات تصدير النفط، فكانت لنا وزارة الغابات، وكل الوزراء الذين حملوا هذه الحقيبة يعلمون أن الثروة الغابية تنقرض أمام أعينهم، وكانت لنا وزارة للبيئةـ وكل الذين حملوا هذه الحقيبة يعلمون أن البيئة في تدهور مستمر، وعجزت وزارات السكن والنقل والصناعات والفلاحة عن تحريك الساكن المزمن، بالرغم من استفادتها جميعا من أموال تسيّر بلدانا كبيرة، وسيجد مختلف الوزراء المعنيين بمخلفات هذه الأمطار التي لا يمكن وصفها بالطوفانية أو حتى الغزيرة، أنفسهم محرجين، أمام كمية التساقط العادية، وهم يزورون المناطق المتضررة، حيث انهارت جسور عمرها بضعة أشهر بناها صديقهم وزير الأشغال العمومية، وغمرت المياه مدنا جديدة وليست عتيقة أنجزها صديقهم وزير السكن، وتشققت جدران وأسقف مدارس أنجزتها زميلتهم وزيرة التربية والتعليم.

رئيس البلدية في كل بلاد العالم، هو مشروع رئيس دولة، يمارس رئاسته لمدينته في أهم امتحان لبلوغ رئاسة البلاد، ولا تكاد السيرة الذاتية لأي رئيس دولة في العالم تخلو من جملة رئيس بلدية سابق، لكنه عندنا يبدأ بالخطأ، فإما تدفعه العروشية للكرسي ليصنع ربيعها المادي، وإما بالتزوير أو ما صار يعرف بـ”الشكارة”، وفي كل الحالات تفتقد الجزائر، لرئيس بلدية واحد خارج عن قاعدة الرداءة، بالرغم من أن الدولة حرمتهم من كل الصلاحيات، وتركت لهم شيئين فقط هما جمع القمامة ومعالجة البالوعات، ففشلوا في الأولى طوال فصل الصيف عندما غرقت البلاد بما في ذلك عاصمة الثقافة العربية التي كانت مرآة للجزائر في أطنان من القاذورات، وها هم يفشلون في المهمة الثانية في فصل الخريف، عندما صارت البلاد تغرق في قطرة ماء؟ 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • بدون اسم

    من سعادة المواطن البسيط إلى العالم و المبدع هو توفر الحد الأدنى من وسائل الرفاهية و في مقدمتها الماء الصالح و توفره بوتيرة منتظمة..النظافة و التحكم في المفارغ العمومية و النفايات الجالبة للفئران و الجرذان و القطط و الكلاب المتشردة ...الكهرباء الغاز بنوعيه البوتان والمدينة..الطرقات تنظيم الأسواق ،توفير و تنظيم النقل..