جواهر
آراء ومواقف

وصفة جدتي للظفر بعريس

سعاد تيرس
  • 6818
  • 36
ح.م

درجت العادة عندنا في الغرب الجزائري  كسائر جهات الوطن أن نجلس نحن الاطفال الى حنة “الميمة” ،”لالة” أو “الحبيبة” وهي تسميات ننادي بها الجدة سواء من جهة الاب او الأم في مناسبات المولد أو الاعياد الدينية نستمتع بشغف الى قصصها ومواعضها التي كنت أجد فيها متعة ولذة انتشي بهما تجعلاني أتصور الشخصيات وملامحها وحركاتها وسكناتها كانها أمامي في  مشهد حي صورة جدتي تقفز من الماضي  تقابلني وهي تتربع على جلد الخروف بقعدة عربية خالصة تقوم بفرز الصوف من الشوائب بهدوء يتدلى من عنقها خيط لويز بين كل قطعة ذهبية واخرى خرزة عجنت من القرنفل ومواد اخرى لا اعلمها فقط كانت تنبعث منها رائحة ممزوجة برائحة الحناء  التي تخضبت بها  حديثا عيون مكحلة بعمق ووشم يكاد تختفي تفاصيله بين رسومات أخرى صنعها الزمن بين حنايا ملامحها .

كانت جدتي تحدثنا بحماسة نحن البنات وتنصحنا بضرورة تعلم الخياطة والعجين ومبادئ الطبخ الاولية ومعاونة الأم في شؤون البيت قائلة بكل ثقة: “التي تحب أن تتزوج يجب ان تكون امراة” ..وما المرأة في نظرها ؟.

في عرف جدتي “المرأة” يجب أن تكون فطنة سريعة البديهةشديدة الملاحظة قنوعة تعرف كيف تخفي شراهتها امام الغرباء وكيف تظهرحيائها وعفتها و

أن تكون حريصة على نظافتها ونظافة البيت أن تجيد العجن والدلك وطهو خبز الدار ،أن تغسل الفتاة الملابس مرتين بقطعة الصابون وتجليها عدة مرات…أن تحضر الكسكسي … ان تركب القفلة “الزر” وترقع الجوارب …اظن انني لوتركت حبل ذاكرتي ساصل الى حلب البقرة وجلب الماء من العين وطهى الخبز في الفرن الطيني ورفع المنسجة.

في الماضي كانت هذه الطقوس تعد من المٌسلمات فالاسرة تحضر البنت الى مهمة عظيمة منذ صغر سنها بشكل فيه حزم وصرامة .قد نراه اليوم عملا تقليديا  متخلفا .يسحب المراة الى الخلف ويمنعها من التطور والرقي..لكن لو امعنا النظر في الامر فان هذا التدريب الذي كان يرافق الفتاة حتى ياتي النصيب امر فيه من المنافع الكثير .فهو كالمخصبات التي تعطى للنبتة الطرية لتصبح شجرة باسقة تطرح ثمرها.و استثمارفي استعداد ها الفطري ليصبح قناعة. ان اكبر مهمة لها هي بناءالاسرة وما اعظمها من مهمة واثقلها من مسؤولية .لم تخلق المراة عبثا . فقد جعلها  الله لباسا وسكنا للرجل الاصل في الامر تكامل ومودة ورحمة واحسان بينهما لكن عندما تفقد الحرية معناها وعندما تفهم القوامة ظلما وقهرا وتسلطا.وعندما تبسط التكنلوجيا سلطتها وزحمة الحياة وتعقيداتها منطقها .نتماها في هذا الزخم الحضاري ونفقد اصالتنا ورموزنا وتراثنا .

 عندما تقبل الفتاة بالرجل الشهم ولا تلتفت الى مرتبه . المهم ان يكون رجلا يقدر المسؤولية “الراجل بن ذراعه” كما تقول جدتي .وعندما تقبل السكن مع العائلة الكبيرة الى حين ميسرة .وعندما تكتفي بمهر وجهاز قدر  الاستطاعة.وعندمالا تاكل لقمتها الا بمقاسمتها.يقول المثل: “الخير امراة والشر امراة” عندما تطلق الحرة العنان الى كراماتها في التدبر والتسيير والحب والعطاءوكل شيىء جميل من صنعها  تبدع جنتها  بيدها .لانها قد.تصل الى اعلى المراتب وترص الشهادات  بعضها فوق بعض وتكون من الجميلات لكن اذا جد الجد فزواج وسترة  هي الغاية من الوجود ولا سبيل الى التفاوض اذا وصلت عتبة العنوسة حسنا.ماذا لو اعدنا العداد الى الصفر واحيينا عاداتنا واعرافنا في الزواج والتربية بدعوة صريحة وجريئة الى البساطة والقناعة واليسروالثقةهو ضرب من الخيال لكن ما  المانع من ان نبدا المحاولة.

مقالات ذات صلة