وكأننا نعيش في كوكب أخر!
كلما واجهتنا أحداث وتحديات جديدة ينتابنا شعور بأننا لا نعيش على كوكب الأرض، ولا في عالم القرن الواحد والعشرين عندما نستمع إلى بعض التحاليل والتعاليق في كل مناح الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية من طرف متابعين وفاعلين يقال عنهم اختصاصيون!
كل بوادر الجهل والتخلف نلمسها في كثير من التصريحات والتصريحات المضادة، وكل ملامح الحقد والكراهية نقرأها في وجوه كثير من الفاعلين الذين يصفون حساباتهم على صفحات الجرائد وقنوات التلفزيون في سيناريو صار مفضوحا ينعكس سلبا على الأجيال الصاعدة التي ستكبر من دون شك على الممارسات نفسها!
لن أخوض في هذا الفضاء وفي كل العجب الحاصل في السياسة عندنا، ولن أخوض في تفاصيل وتداعيات قانون المالية، ولا في مشاعر التذمر واليأس والخوف التي تهيمن على فئات اجتماعية كثيرة، وأكتفي بما قرأناه وسمعناه عن فلاسفة الكرة بعد تأهل منتخب أقل من 23 سنة إلى الأولمبياد، ومحاولات بعضهم ركوب الموجة وإعطاء تفسيرات وتحليلات فيها كثير من المغالطات، وبعيدة تماما عن المنطق والمعقول!
بعض الفلاسفة خرج إلينا ليقول إن تألق منتخب أقل من 23 سنة دليل على وجود طاقات شبانية كروية بإمكانها تدعيم الفريق الأول والاستغناء عن اللاعبين المحترفين، لكن هؤلاء الفلاسفة لا يعلمون بأن المدرب السويسري كان مضطرا لاستدعاء لاعبين لا يلعبون في نواديهم بانتظام، وكان مضطرا لاستدعاء مهاجمين مصابين وهما درفلو وأمقران لأنه لم يجد قلب هجوم أقل من 23 سنة يستحق حمل ألوان المنتخب.
بعضهم خرج إلينا يدعي حرصه الشديد على ضرورة الاعتناء بالفريق والحفاظ عليه وترقية لاعبيه إلى صنف الفريق الأول عوض توجيه الدعوة للنوادي بضرورة إشراك هؤلاء اللاعبين في نواديهم بانتظام وترقيتهم وتشجيعهم لأنه لا يعقل استدعاء لاعبين للمنتخب الأول وهم احتياطيون في نواديهم!
بعضهم الآخر راح يدعو إلى ضرورة المشاركة في الأولمبياد المقبل بالتشكيلة التي ضمنت ورقة التأهل لإعطائهم فرصة الاحتكاك، علما أن هذا المنتخب سينتهي بعد الأولمبياد ولن يبقى بالتركيبة نفسها لأن لاعبيه سيتجاوزن السن القانونية 23 عاما، كما أن كل المنتخبات التي تشارك في الأولمبياد تعمل على تدعيم فرقها بأحسن ما لديها من لاعبين؛ بالإضافة إلى ثلاثة من أحسن لاعبي الفريق الأول لضمان مشاركة جيدة.
التأهل إلى الأولمبياد أعمى بصيرة كثيرين، ولا أحد تحدث عن النقائص التي ظهرت وسط الدفاع الذي يحتاج إلى دعم، ووسط الميدان الذي يحتاج إلى لاعب محنك يقود الفريق، ومهاجمين أكثر قوة وحنكة لكي نتمكن من ضمان مشاركة مشرفة في ريو دي جانيرو!
لا أحد من المحللين والمتابعين أعطى المدرب السويسري حقه من الثناء لأنه تمكن من اقتطاع ورقة الترشح في مجموعة صعبة ولعب النهائي واستطاع تجاوز كثير من النقائص التي يعاني منها اللاعب الجزائري فكريا وفنيا وتكتيكيا، ولو كان المدرب المحلي هو الذي حقق هذا الإنجاز لسمعنا العجب من أشباه المدربين والمحللين الذين يسوقون للبضاعة المحلية وكأن مشكلة كرتنا في المدرب المحلي أو الأجنبي!
أتوقف عند هذا الحد لأنني أريد أن أبقى على كوكب الأرض وأتحدث اللغة العالمية للكرة التي ترتكز على الفكر والعلم والعمل والإبداع، وليس على المغالطات والأماني واللعب على المشاعر والعواطف لأن في ذلك تحايل لا يختلف عن التحايل الحاصل عندنا في كثير من المجالات.