الجزائر
كواليس ورشات تنمية ولايات الحدود تكشف تناقض المسؤولين حول طريقة التنفيذ

ولاة وأميار ينفضون أيديهم من المشاريع “الوهمية” للوزراء!

سميرة بلعمري
  • 6050
  • 7
ح.م

احتدم النقاش بين ممثلي الوزارات والخبراء، الأحد، حول “مخارج النجدة” الواجب المرور عبرها للوصول إلى تهيئة المناطق الحدودية وتحصين البلاد من التهريب وتجارة السلاح والمخدرات والتجارة غير الشرعية، وأجمع المشاركون في الورشات التقنية على ضرورة طرح التوصيات للنقاش في مجلس وزاري مشترك، وإدراج تحفيزات وإعفاءات جبائية لتشجيع الاستثمار بالولايات الحدودية 12 ضمن مشروع قانون المالية للسنة القادمة.
استؤنفت، الأحد، أشغال الملتقى الوطني حول تهيئة المناطق الحدودية وتنميتها في يومه الثاني، حيث تم تنظيم ورشتين تقنيتين، الأولى تناولت موضوع “تنظيم الفضاءات والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة للمناطق الحدودية”، أما الثانية فتناولت بالنقاش موضوع “الحوكمة وآفاق التنمية عبر الحدود”، وانتهتا بعرض التوصيات التي ينظر إليها المشاركون على أنها خارطة طريق وستسهم في تحيين المخطط الوطني لتهيئة الإقليم وتترجم مستقبلا في شكل سياسات تنموية تخص الولايات الحدودية الاستراتيجية”.
وحسب ما أكدته مصادر شاركت ضمن الورشات التي كانت مغلقة للشروق، فإن الصراحة كانت حاضرة بقوة في تدخلات ممثلي الحكومة والخبراء، ولو أن وجهات نظر الطرفين عرفت مواجهات حادة واحتداما للنقاش عدة مرات، ويبدو أن التصور النظري الذي طبع الخطابات الرسمية للوزراء التي دوت يوم افتتاح الملتقى اصطدمت مع حقائق ووقائع قدمها ولاة ومنتخبون ورؤساء المجالس البلدية لهذه الولايات، فوالي ولاية الطارف انتقد سعر المتر من العقار الصناعي بهذه الولاية ووصف السعر الذي قال إنه يصل أحيانا إلى 18 ألف دينار بغير التنافسي والمنفر للاستقرار بمناطق حدودية، ذلك لأن الاستفادة من العقار الصناعي بولايات الهضاب العليا بالدينار الرمزي، وقال والي ولاية الطارف إن المستثمر في مثل هذه الوضعيات يفضل مناطق أخرى.
الإجابات عن الانتقادات التي حملها خطاب وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية نور الدين بدوي للجماعات المحلية والتي اتهمها صراحة بالتقاعس على النهوض بالاستثمار، كانت جاهزة، فإذا كان بدوي قد طالب الجماعات المحلية على مختلف مستوياتها بتقديم ملفات استثمارية لدى المجلس الوطني للاستثمار، فإجابة الجماعات المحلية جاءت مختصرة في كون مناخ الاستثمار غير جذاب ولا مستقطب لأنه خال من عوامل التحفيز والتشجيع.
فبدوي الذي عقب على مداخلات عدد من ولاة المناطق الحدودية، بالقول إن “الدولة وضعت ميكانيزمات لتشجيع الاستثمار، منها المجلس الوطني للاستثمار دعا الولاة والجماعات المحلية إلى تقديم ملفات استثمار على مستوى هذا المجلس، ردها عليه المشاركون في الورشات وطالبوه صراحة بإدراج إجراءات تحفيزية مماثلة ومطابقة للإجراءات التحفيزية التي يستفيد من أصحاب مصانع تركيب السيارات، وطالبوا بإدراج التسهيلات الخاصة بتنمية مناطق الحدود ضمن قانون الاستثمار، إلا أن إجابة ممثلي الوزارات كانت جاهزة ولم يستسيغوا مقترح إدراج هذه التسهيلات ضمن قانون الاستثمار.
مقترح ثان جاء كرد على بدوي الذي أعاب على الجماعات المحلية، عدم مبادرتها باقتراحات لمشاريع تنموية، وقال إن “لا شيء يمنع الجماعات المحلية من تقديم ملفات استثمارية يمكن من خلالها خلق الثروة ومناصب الشغل وبالتالي المشاركة في استراتيجية التجديد الاقتصادي”، المقترح الثاني جاء واضحا جدا مهمة تجسيده تقع على عاتق نواب المجلس الشعبي الوطني الذين حضروا الملتقى، حيث طالبوهم بإدراج تعديلات على مشروع قانون المالية للسنة الجارية على مستوى لجنة المالية والميزانية قبل إحالته على النقاش في الجلسة العلنية.
وتتمثل التعديلات بحسب المشاركين في الورشة، في إدراج إعفاءات ضريبية تصل إلى 5 سنوات على الاستثمارات التي توطن بالمناطق الحدودية، وتسهيلات جمركية ومراعاة الأولوية والسعر في تخصيص العقار الصناعي، وقد حصلت هذه المقترحات على شبه إجماع، وذهب آخرون أبعد عندما اقترحوا ضرورة طرح توصيات الورشات ضمن مجلس وزاري مشترك يضمن تنفيذ هذه التوصيات وبصفة مستعجلة، وبالتوازي مع برنامج العمل الجديد الذي أقره رئيس الجمهورية ومن المزمع أن يمول من صندوق تنمية الجنوب وصندوق التضامن للجماعات المحلية.
الحديث الذي شغل فضاء الورشتين كان تقريبا على خط متواز مع خطابات الوزراء الستة الذين تعاقبوا على منصة ملتقى تنمية الولايات الحدودية، الأمر الذي جعل أمر التلاقي يكاد يكون مستحيلا، كون بعض جوانب تدخلات الوزراء جانبت حقيقة الواقع، وهو الأمر الذي نطق به لسان نواب بالمجلس الشعبي الوطني عن ولايات تندوف وتمنراست وغيرها من الولايات الجنوبية التي أكد ممثلوها على خصوصية طبيعة المنطقة التي تجعل وصفات التنمية بباقي الولايات غير قابلة للتطبيق عندها.
ملتقى تنمية المناطق الحدودية، الذي أكد مجددا أن لا سلاح كفيلا بمواجهة تجارة السلاح وتهريب المخدات والاتجار بالبشر، سوى سلاح التنمية وتهيئة هذه المناطق تقاطعت خلاله تدخلات الولاة والنواب والمنتخبين المحليين عند ظاهرة الهجرة غير الشرعية والتهريب والتجارة غير الشرعية، إذ كشف والي تمنراست تسجيل 7500 محاولة اختراق للحدود الجنوبية خلال 8 أشهر الأولى من السنة الجارية، كما اشتكى الولاة من العزلة التامة لبعض المناطق الحدودية، مقترحين فك هذه العزلة من خلال تنمية النشاطات الصناعية وإنشاء مناطق صناعية، مع إعداد دراسات لتحديد الحجم الحقيقي للثروة المائية الباطنية بهذه المناطق..

مقالات ذات صلة