وهران تفقد منارة لتكوين الأئمة والدّعاة بوهران

ودعت وهران الثلاثاء، إحدى أبرز الشخصيات الدينية المعتدلة التي صنعت الرجال وساهمت في تجسيد مكارم الأخلاق عبر ثلاثة عقود كاملة من الدعوة إلى الله والوعظ من فوق المنابر، هو الشيخ مصباح فريد، الذي وافته المنية بعد صراع مرير مع فيروس كورونا، حيث أسلم روحه لبارئه بغرفة الإنعاش عصر الاثنين المنصرم.

وفاة الرجل الطيب خلّفت أثرا كبيرا بوهران والجزائر ككل، نظرا لوزنه ضمن أبرز الدعاة والأئمة الذين قضوا نصف أعمارهم في سبيل نشر العلم وتعاليم الدين وتكوين المرشدين ومربي أطفال الروضات .

وبهذه المناسبة الأليمة، اعتبرت شقيقة الشيخ مصباح السيدة عزيزة، أن الجزائر تبكيه اليوم بقلوب تعتصر ألما، كيف لا، وهو الذي كرس حياته من أجل الدعوة إلى الله، وتوعية وتحسيس الناس، إلى جانب الانخراط في أول جمعية خيرية بوهران هي جمعية الزهور التي تكفلت ولا تزال تتكفل بآلاف المحتاجين والأرامل واليتامى، فضلا عن دوره الفعال في تكوين أئمة المستقبل، ولعل من أبرز إنجازاته، “رياض الزهور” التي تحتضن كل سنة مئات الأطفال من أجل تربيتهم على الأسس القويمة، ورغم كل ما عاناه في العشرية السوداء من ظلم وتعذيب أثناء فترة اعتقاله والزج به ظلما في معتقل رقان، إلا أنه لم يكره يوما الجزائر، التي يوصي بها خيرا في كل خطبة جمعة يلقيها.

الشيخ فيزازي قدم شهادته في الرجل الطيب من خلال مقطع فيديو حزين نشره عبر حسابه الخاص، حين اعتبر أن الساحة الدعوية فقدت أحد أبرز دعاتها، ومربيها، مستذكرا ما قدمه الرجل طيلة مسيرة تفوق الـ30 سنة، معتبرا أن الرجل الصالح صمد في وجه التعذيب والظلم سنوات التسعينات، وصبر على أمراضه المزمنة وتعايش معها، لكنه لم يستطع مواجهة فيروس عالمي، أدخله الإنعاش لأيام، ليلفظ آخر أنفاسه من دون توديع الأحبة وتلاميذه، فيزازي كشف للعلن أن الشيخ عاش فقيرا ومات كذلك، بدليل أنه لا يملك حتى شقة باسمه، ورافض لكل هدايا المحسنين الذين أصروا على شراء مسكن له، لكن عفته وقناعته حالت دون قبوله عدة عروض .