رياضة

وهران… هل ربحت فعلا؟

أن تحضن وهران، بعد ستين سنة من الاستقلال، تظاهرة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، فتلك مناسبة حسنة، تعيد المدينة إلى الواجهة المتوسطية، بعد أن صارت أقل شأنا سياحيا وثقافيا ورياضيا، من قرى متوسطية مترامية الأطراف في مالطا وقبرص ولبنان، ولا نقول إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وحتى من الجيران..

 لكن أن نعتبر ما تحقق بالانتصار العظيم، والإنجاز الفريد، فذاك تقليل من شأن وهران والجزائر قاطبة، لأن وهران المنتمية إلى بلد ثري وبتاريخها وجغرافيتها لا يمكنها سوى الفوز على مدينة صفاقس التونسية التي نافستها من أجل احتضان التظاهرة التي لم يعد لها أي صدى إعلامي، إذ يكفي أن نقول بأن صفاقس لا تطلّ أصلا على البحر الأبيض المتوسط، أي أن فوز وهران كان أشبه بفوز ملاكم في الوزن الثقيل أمام ملاكم مبتور الذراعين، وكل الذين حاولوا أن يوهمونا بأنهم عادوا من بيسكارا بالمجد كلّه، هم أعلم منا بأن كل المدن التي طمح رؤساء بلدياتها وليس وزراءها وحكامها، لتنظيم الألعاب المتوسطية في السنوات الماضية، إنما من أجل كسب بعض الآلاف من السياح، وليس من أجل هدر المال العام في إنجاز شبه المشاريع، والذي نخشى أن تسلكه مدينة وهران كما فعلت جارتها مدينة تلمسان، عندما احتضنت تظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية، وكما تفعل حاليا مدينة قسنطينة التي تحتضن تظاهرة عاصمة الثقافة العربية.

سيكون من الصعب علينا أن نجد إجابة صحيحة، عن سؤال يتعلق بآخر مدينة احتضنت الألعاب المتوسطية عام 2013، أو عن المدينة التي تحتضن الألعاب المتوسطية عام 2017 حتى من لسان المبتهجين الذين أوهمونا بأنهم حققوا معجزة، وسيكون أصعب أن نجد إجابة عن النتائج التي تم تحقيقها والأرقام القياسية وعدد الميداليات التي حققها الجزائريون، مما يعني بأن هاته الألعاب لم يعد لها صدى إعلامي وشعبي كبير، وإذا تذكرنا بأن الجزائر العاصمة احتضنت هاته الألعاب عام 1975 بمنشآت لن تحلم بها وهران، فقد كان السعي لاحتضان الألعاب الأولمبية سيكون منطقيا في بلد بدأ من الأعلى، ثم باشر النزول، بدليل أن التظاهرات الشعبية والتي لها بعض الصدى والتي قد تجني منها الجزائر بعض المال من بث تلفزيوني وحضور جماهيري مثل كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، خسرتها أمام بلد لا يزيد مساحة عن وهران.

كل الذين تحدثوا عن فوز مدينة وهران “بشرف” تنظيم ألعاب البحر المتوسط، وتبنوا “النجاح”، ركزوا على الإمكانيات المادية الواجب توفرها والبنى التحتية والسطحية، وبدأت أعناقهم وأيديهم تمتد إلى الخزينة العمومية، لنعود إلى نفس الأسطوانة، التي بدأت منذ عام 2001 عندما احتضنت الجزائر العاصمة المهرجان العالمي للشباب والطلبة، الذي جمع بقايا الشيوعيين والبلشفيين، وقالت حينها الوزيرة السابقة خليدة تومي بأن جمع خمسة آلاف شاب وشابة من القارات الخمس، سيبعث السياحة عندنا، ومرّت السنوات ولا هدف من كل هاته الوعود التي سبقت التظاهرات القريبة والبعيدة المدى تحقق، ولن تنجح وهران إلا إذا تمكنت من الاستفادة من الألعاب المتوسطية وخلقت تقاليد رياضية جديدة، في بلد، الرياضة فيه صارت مختصرة في لعبة كرة القدم فقط.

مقالات ذات صلة