-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ويبقى السؤال عن مكانتنا ومستقبل الدين

ويبقى السؤال عن مكانتنا ومستقبل الدين

أشرنا في “مساحة أمل” السابقة كيف أن الكاتب “أمير نور” استند إلى فكر “مالك بن نبي” في محاولة منه لإيجاد مخرج ليس فقط للانسداد الذي نعرفه نحن في المجالات المعرفية والسياسية، إنما للانسداد الذي تعرفه الإنسانية قاطبة. ومن بين ما أوصى به “ابن نبي” في هذا المجال، هو ارتقاء المسلم في مستواه إلى الأعلى، لكي يكون قادرا على فهم الآخر وتقديم البديل. وضرب مثالا توضيحيا لذلك، في وصيَّته، بجدول الماء الذي لا يستطيع سقي أرض “بالصعود إليها، وإنما بالانحدار، وذلك بحكم السنن الإلهية عن طريق الجاذبية…” (انظر دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين ص 38)، أي إن علينا، كشعوب مُهيمَن عليها، ألا نكتفي باللّحاق بالعصر، إنما أن نَتفوق في ذلك، إذا كُنَّا نزعم امتلاك البديل.

وللوهلة الأولى، يبدو الأمر مستحيلا.. كيف لمجتمعاتٍ حالها كحالنا أنْ تُقدِّم البديل؟ إلا أن المُتمَعِّن في حالة الانقسام الفكري والوجداني الذي بات الغرب عليه اليوم، يتبين أنه يعيش أكثر مِنا شعورا بالتيه والحيرة بل ويشترك معنا في حالة الشعور باللاّسعادة، رغم تمكنه من تجاوز المشكلات المادية المتعلقة بالغذاء والكساء والسكن… التي مازلنا نتخبَّط فيها، هذه الحالة تُقدّم لنا عناصرَ مؤيدة لإمكانية أن يكون لنا دورٌ إيجابي في المستقبل.

ومن ميزات كتاب “الإسلام ونظام العالم”، أنه ناقش هذه المسائل مُقدِّما في ذات الوقت الأطروحة ونقيضَها، سواء تعلق الأمر بمستقبل الدين أم النظام الأمريكي السائد، أم صعود قوى جديدة بما فيها نحن.

إنه يقدِّم آراء للمدافعين عن عودة الدين من الغربيين، كما يُقدِّم آراء مَن يرون عكس ذلك. يتحدث لنا عن Rodnay Stark، وRoger Fink في كتابهما Acts of faith (أعمال الإيمان) عندما يقولان: “إن الوقت بلا شك قد حان لنقل جثمان مذهب اللائكية إلى مقبرة النظريات التي فشلت، وأن نُتَمتم “ارتح بسلام” requiescat in peace (repose en paix) (ص130)، كما يشرح لنا استبيان Rodnay Stark,” الذي مس أكثر من مليون شخص في 163 بلد، الذي أكد من خلاله أنه لا “يمكن لأي متابع للسياسة في القرن الـ21 نكران عودة الله سواء اعتقد أم لم يعتقد. The triumph of faith (انتصار الإيمان)2015… وعشرات من الكُتاَّب الآخرين لا يتسع المجال هنا لذكرهم من أمثال Manlio Graziano المتعلق كتابه بعودة الدين (The return of religion 2017)… وكتاب (Pankaj Mishra,، Deepak Chopra “زمن الغضب” « Age of Anger » وكذلك كتاب leonard Mlodinow (العلم مقابل الروحانية) (2011)Science Vs Spirituality »… إلخ.

وفي الجانب الآخر، يستعرض كل من الملحدين المعاصرين: Richard Dawkins, Christopher Hitchens, Daniel Bennett,Sam Harris الذين تكلموا عن “موت الإيمان” و”جنازة الإله” مثلما عَنون Andrew Norman Wilson كتابه: تراجع الإيمان في الحضارة الغربية (1999) « God’s funeral: The decline of faith in western civilisation. كما استعرض آراء Yuval Noah Harari المؤرخ العبري الذي بات يبشِّر بسيطرة اللوغاريتمات على البشر إلى درجة نقل الإنسان إلى درجة الإله (كتابه Homo Deus) ـ 2015ـ…

وهكذا، مثلما يتعلق الأمر بمستقبل الدين، تناول الكتابُ مستقبل النظام الدولي منذ وستفاليا (1648) الذي كان بالأساس غربيا، وكان همّه الأول القضاء على النظام العالمي الإسلامي، الذي ساد قبله ومازال إلى حد الآن يعتقد أنه لم ينه المعركة معه بعد.. كما تناول مستقبل الولايات المتحدة والقوى الكبرى، يَحكم تحليله باستمرار سؤال كبير يتعلق بمستقبل الإسلام والمسلمين، يسعى من خلاله إلى تَلمُّس معالم مكانتنا المستقبلية من خلال ما تضمنته وصية “مالك بن نبي” رحمه عن دور ومكانة المسلم في نهاية القرن العشرين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • لزهر

    بالرغم من محاولة الإنجيليون من جامعة فرجينيا الأنجيلية في تأثيرها على السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية بالتقارير التي يعتمد عليها ترامب في غالب الأحيان إلا أن نهايه الحلم الأمريكي إنتهى و أصحبت الحكومة غير قادرة لتوفير السكن و الغذاء و الدواء و أصبحت الأشياء تسير بمظادتها. إميل سيوران روماني من أب قسيس لكنيسة و من أم تكره الدين و عاش بين شيئين ٢ متناقضين و قال في أحد كتبه إذا إعتنقت مجموعة من اللصوص أستورة فأتظروا مذبحة أو ما هو أسوأ من ذالك ولادة دين جديد. هل هذا ما أنهكنا و أتعبنا و أدخلنا في الفوضى إلى حد اليوم. ولو نكف من الخوض في هذا المستنقع ليس أحسن لنا بما أن أمريكا لم تستطيع ذالك بالرغم من جامعتها الدينية الأولى عالميا.