-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ويسألونك عن “النُومُوفُوبِيا”…

ويسألونك عن “النُومُوفُوبِيا”…

يستخدم اليوم مصطلح “نوموفوبيا” Nomophobia، للتعبير عن رهاب أو خوف من نوع جديد نسبيًا، وهو الخوف من ضياع الهاتف النقال أو نفاد رصيده أو زوال شحنته الكهربائية أو تعطل شبكته. ويركز هذا التخوّف على  الحالة النفسية التي تنتاب بعض مستخدمي الهواتف النقالة. وتشير الدراسات والإحصائيات أن عدد المصابين بهذا الداء في تكاثر ويمسّ بوجه خاص الطلبة الجامعيين.

 أصل المصطلح

والواقع أن أول استعمال لهذا المصطلح هو البريد البريطاني حيث استخدم عام 2008 خلال القيام بدراسة حالات القلق التي يشعر بها مستعملو الهواتف النقالة. ومن المعروف أن المصطلح منحوت من الكلمات الثلاث التالية No-mobile-phobia. وعلى الرغم من أن هناك من انتقد هذه التسمية فقد شاعت وأصبحت تستعمل بهذا المعنى في معظم بلدان العالم.

ومن بين منتقديها، نجد الكاتب وعالم اللسانيات البريطاني مايكل كوينيون Michael Quinion  الذي أسهم كثيرا في وضع قاموس أكسفورد. فهو يصف هذا المصطلح الجديد بأنه “وهم تأثيلي (إشتقاقي) مروّع مبني جزئيًا على اللغة اليونانية القديمة”. ثم يشير إلى أن المعنى الأقرب إلى المنطق الذي ينبغي أن يحمله مصطلح “نوموفوبيا” هو “الخوف المفرط من القوانين” وليس الخوف من فقدان الهاتف النقال. ذلك أن اللفظ اليوناني “نوموس” Nomos يعني “القانون” !

أما كاتب القصص البوليسية، الفرنسي فيليب مارسولييه Philippe Marsollier -المشهور باسم فيل مارسو Phil Marso فاقترح كلمة “أديكفونيا” Adikphonia  (أي “الإدمان على الهاتف”) لتحلّ محلّ المصطلح الغامض “نوموفوبيا”. ومع ذلك دخل مصطلح “نوموفوبيا” قواميس كثيرة، منها القاموس الفرنسي المعروف Le Petit Robert، عام 2017. ومن غير الراضين أيضا عن التسمية نجد سكان مقاطعة كيبك الكندية حيث فضّل ديوان كيبك للغة الفرنسية عام 2013 استعمال مصطلح “التبعية للهاتف” mobidépendance، ونصح هذا الديوان بعدم استعمال مصطلح “نوموفوبيا”، لكنه لم يفلح في فرض مصطلحه.

 الرهاب… الرهاب!

ووفقًا لتقرير صدر عام 2014 في مجلةPsychology Today ، كان ثلثا المستخدمين للهاتف النقال الذين شملهم الاستطلاع ينامون بجوار هواتفهم، ولم يقم أكثر من نصفهم بإيقاف تشغيلها. كما أشارت دراسة استقصائية أخرى إلى أن 66% من مستخدمي الهواتف النقالة في الولايات المتحدة يعانون من هذا النوع من الرهاب.

أما في بريطانيا فالدراسة التي حددت هذا الرهاب، وأجراها مكتب البريد الملكي البريطاني عام 2011، فكشفت أن ما يقرب من 53 % من مستخدمي الهواتف النقالة في بريطانيا يميلون إلى الشعور بالقلق عندما يفقدون إمكانية استعمال هاتفهم النقال. وسجلت الدراسة أن حوالي 60% من الرجال و 20% من النساء يعانون من هذا الرهاب. وبخصوص أسباب ظهور هذا القلق، ذكر 55% منهم أن ذلك راجع إلى شعورهم بالانعزال وإلى عدم التمكن من الاطلاع على المكالمات والرسائل المحتملة من العائلة والأصدقاء، بينما صرح 10% منهم بأن السبب له صلة بممارسة عملهم.

أما علماء النفس فيشيرون لسببين رئيسيين هما : اعتماد الفرد على الآخرين (لأن الهاتف النقال هو أداة اتصالنا بالناس) وانعدام الأمن الشخصي (لأنه إذا كنا بعيدين عن البيت بدون هاتف نقال فإننا نشعر بالضعف والعزلة). ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن هذا الرهاب يمكن أن يتطوّر في أي عمر، لكن المراهقين أكثر عرضة له. والغريب أن الشخص المصاب يرفض حقيقة وجود تبعية للهاتف النقال، ويبرر إدمانه وتخوفه بحجج لا تعبّر عن واقعه، مثل زعمه أنه يجب أن يكون على دراية بالعمل أو المدرسة أو الشركاء أو الأسرة. كما أن هذا الشخص لا يميل بالضرورة إلى مشاهدة شاشة هاتفه في كل حين، وإنما يصرّ على أن يكون هاتفه في يده أو جيبه!

 وفي الجامعات؟

وفي الجامعات يرى الخبراء أن التبعية للهاتف النقال لدى الطلبة تؤثر بوجه خاص على أدائهم الأكاديمي. فقد كثر استعمال الهاتف في المؤسسات الجامعية خلال العقد الأخير إذ سهّل على الطلبة المشاركة والانخراط في مجموعة من الأنشطة المتعددة الأشكال.

ويجزم المختصون أن الهاتف النقال صار من الأدوات الضرورية للطالب الجامعي في كل دول العالم بما فيها الفقيرة. وما يدعم ذلك أن قدرات الطلبة في تشغيل هذه الأجهزة واستغلالها تفوق بكثير قدرات رجل الشارع. هذا جميل، لكن الانعكاسات السلبية لهذه الممارسة تجبرنا على التأمل.

فمنذ أقلّ من شهر نشر فريق من الباحثين الغانيون دراسة بعنوان “العلاقة بين مستويات التبعية للهاتف النقال لدى طلبة التعليم العالي في غانا وتحصيلهم الأكاديمي”. تؤكد هذه الدراسة أن استخدام الطلبة المفرط للهواتف الذكية يؤدي إلى سلوك إدماني ورهاب من النوم. لقد أظهرت هذه الدراسة أن 96.4% من الطلبة أبلًغوا عن مستويات معتدلة إلى شديدة من الرهاب.

وفي دراسة صدرت لفريق باحثين عام 2012، ظهر أن الهواتف النقالة “من المحتمل أن تكون أكبر عامل إدمان بعد المخدرات خلال القرن الحادي والعشرين”، وأن طلبة الجامعات قد يقضون ما يصل إلى 9 ساعات يوميًا في استخدام هواتفهم، وهذه نسبة غير مقبولة في حياتنا العادية. كما أجريت دراسة عام 2015 في الجامعة الكاثوليكية بتنزانيا، أفادت أن الطلبة يقضون من 5 إلى 7 ساعات كل يوم في استعمال هواتفهم الذكية، سواء في التحدث إلى الأصدقاء أو في تتبع مواقع التواصل الاجتماعي. ولاحظت هذه الدراسة أن أضرار هذه التبعية منتشرة بدرجة أقل لدى طلبة العلوم الإنسانية والاجتماعية، بينما تبلغ الأضرار ذروتها لدى طلبة كلية الزراعة والموارد الطبيعية.

كما جاءت دراسة في جامعة الرياض (السعودية) بعنوان “إدمان الهواتف الذكية بين طلبة الجامعات في الرياض” أثبتت وجود ارتباط ضعف التحصيل الدراسي للطلبة باستخدام الهواتف الذكية. وتمت دراسات مماثلة خلال العام الماضي في جامعة السلطان قابوس بعُمان، وقبلها في أستراليا والفلبين والبرتغال، وغيرها. وكل نتائج هذه الدراسات تؤكد على وجود آثار سلبية لهذه التبعية  تمسّ عادات النوم والأكل والوزن والتمارين الرياضية، فضلا عن الأداء الأكاديمي.

ويستخلص الباحثون أن الهاتف الذكي يبني بسرعة حضورًا تكافليًا في حياة الطلبة الجامعيين، له جانب مدمّر في الأداء الأكاديمي. وهكذا نرى أن النتائج فيما يخص “النوموفوبيا” تدق ناقوس الخطر في جامعات القارات الخمس، وتشير كلها في آخر المطاف إلى انخفاض التحصيل الدراسي، ناهيك عن المخاطر الصحيّة على الفرد، جراء الإفراط في استعمال الهواتف الذكية. فماذا ينتظر المختصون لإطلاق حملات توعوية عبر العالم تنبّه جماهير الطلبة إلى هذا النوع من المخاطر الناجمة عن استعمال ذكاء الهواتف لتدمير ذكاء الأجيال الصاعدة!!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • س. مصطفى

    إلى المدعوان محمد ودولة ميؤوس منها. الحسد حتى في من يكتب. يكفي أن الأستاذ خالد لقبه سعد الله وابحثا في القواميس وفي wilkipedia ان شئتما ماذا انجبت هذه العائلة. الحقد والحسد يا لطيف.

  • محمد

    لو كتب التقرير عالم في السيكولوجيا أو أساتذة في اللغتين الفرنسية أو الإنجليزية لحددنا هدفهم العلمي لكن أن يعرضه من يتلقب بأستاذ الرياضيات فهذا ما يدفع إلى الغرابة والاستهجان.لو عرض الكاتب علينا أنواعا من الألغاز التي تدفع إلى حل مسائل رياضية أو حسابية أو ما له علاقة بعلم أصبح ينفر منه طلابنا لخوفهم من الدقة في التعبير اللفظي والبرهان المنطقي على المسائل العلمية سواء في ميدان الإحصائيات أو الهندسة أو الجبر لكان إغراء لطلابنا على تذوق هذه المجالات التي تدور حولها الاحتمالات والبرمجيات وغيرها من التحليلات العلمية أي إلى ميدان بعيد عن التخمينات الخرافية والهزلية.

  • سعدبرهان

    فعلا للهاتف النقال اثار سلبيه كثرة علي الانسان بصفة عامه ومن ظمن هذه الاثار تقليل ساعات النوم، الرهاب، امراض العينين، الادمان، التقوقع والانعزال، المشاكل العاىليه بسبب الاهمال. لكن رغم ذلك فالناس ماضون في الادمان علي التعامل معه بنفس الوتيره عموما رغم التحذيرات

  • دولة ميؤوس منها

    يسمى أنت هذا هو إبداع تاعك ، نحن كذلك نعرف نبحث ، نقلت على بعض مواقع أولها Wikipédia حرفيا ، لاتعرف تبدع نعطوكم مواضيع تهم الشعب الجزائري .