-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وي…Mais..

عمار يزلي
  • 682
  • 0
وي…Mais..

التاريخ الاستعماري الفرنسي للجزائر، لن ينتهي لا على مساوئ الأمد القصير ولا البعيد، فمخلفاته ستبقى ما شنعت جرائم 8 ماي، و”ما يشع” الأورانيوم في تجاربها النووية المدفونة في صحرائنا. وعليه، فالتعويضات بعد الاعتراف بهذه الجرائم لن تكون بحجم خسائر بلد نُهب أرضا وبحرا وجوا وإنسانيا وعلما وثقافة ودينا وأخلاقا، وما النهب العلني للخزينة الجزائرية، إلا عربون فقط من تسبيقات ومقدمات نهب لاحقة.. لا تزال مستمرة إلى اليوم.. أو على الأقل.. تعمل على إبقاء “النهب” كحق امتياز.

إذا عدنا إلى الدكتور سعد الله، فإنه يشير إلى أنّ الخزانة الجزائرية كانت تضمُّ ما يفوق 50 مليون فرنك سنة 1830، رغم أن ما كتبه المقرِّرون الفرنسيون يذهب إلى التقليل من حجم المبلغ الذي استولى عليه “ديبورمون” بدعوى “تغطية نفقات الحرب”.. ضد البلد المنهوب، المحتل.

فهذا “بول قافاريل”، المقرِّر الفرنسي، يشير إلى أن أمين عام الخزينة (الخزندار)، قد قيّم مقدار ما احتوت عليه الخزينة من ودائع وأموال بـ80 مليون فرنك. غير أنه، حسب نفس المصدر، فإن المقتصد المالي العامّ للجيش الفرنسي “فيرينو”، قد قيَّمها بـ50 مليون فرنك فقط، وهو الرقم الذي اعتمد عليه الدكتور سعد الله فيما يبدو. ولأن “ديبورمون” قد أخذ في الحسبان التقييم الأول، فقد قرر إرسال 50 مليون فرنك لشارل العاشر كـ”تعويضات عن الحرب”، وتوزيع 02 مليون فرنك على الجيش الفرنسي المشارك في الاحتلال، والبقية على اللفيف الأجنبي، مما أدى حسب نفس المصدر إلى بروز “حركة رفض داخل الجيش احتجاجا على طريقة توزيع “الغنائم” وحجمها. هذا التمرد، دفع إلى تشكيل “لجنة تحقيق”، خلصت إلى الأرقام التالية: 7212 كلغ من الذهب بقيمة 24678000 فرنك، 108704 كلغ فضة بقيمة 23915000 فرنك. المجموع: 48683000 فرنك، أرسل منها 43 مليون لفرنسا. أضف إلى ذلك ما يعادل 3 ملايين فرنك من الصوف، 4 ملايين فرنك من قذائف البرونز، بمجموع 55 مليون فرنك. هذا من دون حساب كميات الجلود والشمع والرصاص والنحاس التي كانت تعجُّ بها خزانات الدولة، إضافة إلى ذخائر القمح والكتان والحبال”، حسب الدكتور سعد الله.

لقد شكَّل التخريب الفرنسي ونهبُه للأموال الخاصة والعامة أولى مظاهر التوحش و”الباربارية في بلاد الباربار” كما كانت تسميها. لقد ارتكب الجنود أعمالا تخريبية حول مدينة الجزائر، إذ قاموا، حسب شهادة الفرنسي “بول أزال” بـ”تخريب الفيلات (الأحواش) وقطع أشجار الحدائق من أجل إيقاد النار، وثقبوا أنابيب المياه لملء أوانيهم منها. كما قاموا من جهة أخرى بهدم سواقي المياه من أجل إيراد أحصنتهم ودوابهم، إضافة إلى تسبُّبهم في تفجير مخزن البارود. كل هذا سيؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة بشكل غير مسبوق، إذ يذكر المتصرف “دينيي” أنه في 24 جويلية، كانت المستشفيات قد امتلأت عن آخرها بعد أن دخلها 2500 مريض”.

كل هذا كان يجري، نقلا عن “Esquier” المعاصِر للاحتلال، في الوقت الذي كان كل من اليهوديين “بكري وDuaran” يقودان القيادة العسكرية للمحتل إلى مكان كنوز الداي وأموال الدولة، التي اشترك الضباط والجنود الفرنسيون في نهبها والسطو على جزء منها قبل تحويل الباقي إلى فرنسا، وهذا حسب فوزي سعد الله “يهود الجزائر هؤلاء المجهولون”، فيما كان الرعاع منهم في الخارج يرشدون قوات الغزو إلى المقاومين ورجال الدولة الأتراك لاجل اعتقالهم ونهب أموالهم.. وهو يرددون شعارات “vive les francais”.

..هذا جزءٌ من فيض، لتقييم الذاكرة.. أو لإحيائها لدى من ماتت عندهم في الضفة الأخرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!