الشروق العربي
القمار يفعل فعلته..أبطال "التبراح" في الملاهي:

يدخلون ليلا مدججين بالأموال ويخرجون صباحا مفلسين

صالح عزوز
  • 7576
  • 6
ح.م

مند سنوات، انتشرت ظاهرة “التبراح” بشكل ملفت للانتباه، ;كانت في ما مضى في السهرات العائلية والولائم وكذا الأعراس، ينشط خلالها شاب من الشباب، هذه السهرات بنوع من الموسيقى أو بوصلات مختلفة من كل الطبوع، حيث تكون الفواصل والوقفات بما يعرف بـ”التبراح”، وهو حين يقدم شخص من الأشخاص إلى المغني، مبلغا ماليا محددا، من أجل تحية شخص آخر أو عائلة معينة، أو حتى “إسقاطه”، وهو المصطلح المعروف بينهم، وكان ذلك في الغالب بين العائلات من أجل السمر لا غير، لكنه اتخذ منحى آخر، حين انتقل إلى السهرات الماجنة في الملاهي الليلة، التي تحولت إلى ظاهرة وإدمان عند بعض الأشخاص، دفعتهم إلى الإفلاس بعد شهور فقط من دخولها.

لعل الجو العام في هذه الأماكن هو الذي يكون السبب المباشر في إفلاس الكثير من الأشخاص، من تقديم الملذات المحرمة، الممارسات غير المحدودة، التي تجعلهم مثل من أصابه مس يتخبطه دون وعي، خاصة حينما تكون هناك مشاحنات بينهم، من أجل الغلبة في امتلاك شيء أو الحصول عليه، وهنا يعتقد الكثير منهم، أن رجولته لا تسمح له بالانسحاب أو التراجع، حتى ولو خرج خالي الجيوب، وهو كذلك، فلا ينتبه مع “سخونة” المحيط والمحيطين به، حتى يجد نفسه مفلسا، ثم يتفرقون من حوله، بعدما قضى على ماله كله في لحظات فقط.

 من أجل إثراء موضوعنا، اقتربنا من عمي “إسماعيل”، الذي قص علينا قصته مع هذه الظاهرة، التي كانت سببا في إفلاسه، وقد كان في يوم من الأيام من بين العائلات الغنية، ويضرب به المثل في الغنى، غير أن هذا الطريق الذي اتبعه، سحب منه أمواله كلها، وأصبح كما هو عليه اليوم، مفلسا لا درهم ولا دينار كما يقال، بل ويمارس مهنة “كلونديستان” في حيه: “تتبعت كل الملاهي في الجزائر، من شرقها إلى غربها، حتى أصبحت لا أفرق بين الليل والنهار، كان همي شراء اسمي في هذه السهرات، بقذف المال فوق الأجساد العارية للراقصات، وكذا التراشق بالمال من أجل الفواحش و”تغنانت” كما يقال مع أصحاب المال مثلي.. وكانت البداية من اليوم الذي “برحت” بسيارة جديدة من أجل مغنية لا أعرف حتى اسمها، أحسست بعدها صراحة بالفخر، لأنني كنت ملك تلك السهرة، ولم أكن أعرف أنها بداية الإفلاس. الغريب، أن تلك السيارة لم أقُدها إلا ثلاثة أيام فقط، وفي لحظة من اللحظات وضعت مفاتحها في خصر شابة تغني، ثم انصرفت، ولم يبق علي إلا شطب البطاقة الرمادية وتسليمها لها، فلم أكن أريد فقدان كلمتي في الملاهي، لأن الاسم في الملهى يشترى بالأموال، ولا يمكن استرجاعه حين تخالف وعدك أو كلمتك.. لذا، لم يبق لي إلا إتمام العقد معها، والغريب أنني لم ألتقها في ما بعد أبدا”.

عينة من بين العينات الكثيرة، التي ذهبت أموالها سدى، في الملاهي الليلة، يدخلون ليلا مدججين بالأموال الطائلة، ويخرجون عند شروق الشمس وقد أفلسوا، غير أنهم يعيدون الكرة مرات ومرات، حتى يجدوا أنفسهم كحال عمي إسماعيل، الذي يبقى الساعات الطويلة اليوم في سيارة بسيطة من أجل “مصروف” اليوم، وقد كان بالأمس ملكا للملاهي.

 أنستهم أنفسهم وأهليهم

من حديث عمي إسماعيل، ظهر أنه لم يكن يهتم بأهله وأولاده، يرمي الأموال يمينا ويسارا، غير أن أهله إلى جنبه يعيشون كالفقراء، وهو في تتبع دائم لـ”التبراح” في الملاهي والسهرات الماجنة.

ظاهرة كانت سببا في إفلاس الكثير من الأشخاص، وللأسف في تشتت الكثير من الأسر، لأن بعضهم اختار البحث عن شراء اسم شهرة في ملهى ليلي بأموال طائلة حتى مسه الإفلاس.

مقالات ذات صلة