الشروق العربي
مراهقات متأثرات بأغاني الراي وفيديوهات التيك توك

يطبقن تعليمات مغني الملاهي يرقصن بجنون ويلبسن المكشوف

نسيبة علال
  • 4810
  • 5
ح.م

تشبع جيل الألفية الثانية بكم هائل من المحتويات الدخيلة، التي تخالف العادات والأعراف، إذ أصبح بالإمكان إنتاج واستهلاك فيديوهات رقص والاستماع إلى جديد الأغاني الهابطة فور نزولها، فقط عن طريق الربط بالإنترنت. هذا الأمر أسهم كثيرا في انحراف جيل كامل من الأطفال والمراهقين، الذين يتأثرون بهذه المحتويات ويسعون لتقليدها والتمرد على عادات وأعراف المجتمع.

من خصائص أغاني الراي، خاصة ما يسجل عن سهرات الملاهي وأماكن المجون، أنها تحتوي عبارات ماجنة، ودعوات إلى الانحلال، في إيحاء بأن الفتيات اللواتي يقمن ببعض التصرفات المخلة، ويرتدين نوعا من الثياب المكشوفة والألوان الصارخة، يتمتعن بالنعومة والأنوثة والتحرر. ويصور هذا النوع من الأغاني للمراهقات أن بطلاته هن النساء المرغوبات، اللواتي لهن أهمية ومكانة في المجتمع، ما يدفع بالمراهقات والفتيات غير مكتملات النضج إلى التأثر بهذه الأغاني والاقتداء بها ومحاولة تقليد بطلاتها في التصرفات واللباس والحركات.

 أولياء تحت الصدمة

أصبحت انعكاسات ما تبثه تطبيقات الإنترنت، وما آل إليه الفن في الجزائر، جلية في الشوارع، وحتى داخل الأسر الجزائرية. ويعتبر اللباس والكلام وبعض الحركات أكثر هذه الصور وضوحا.. تروي السيدة حبيبة أنها أقامت حفل ميلاد ابنتها، ذات 13 سنة، وعزمت بنات خالاتها وعماتها: “تفاجأت بهن يشغلن موسيقى الراي عبر الهاتف، ويقمن بحركات غاية في التناسق، ولكنها بدت لي مقززة، تساءلت: أين تعلمتن هذا؟ خاصة أن رقصهن يشبه رقص الملاهي، فأجبن معا بكلمة واحدة: (من التيك نوك)”.

تقول السيدة نصيرة، والدة رفيدة، 15 سنة: “جلبت لوحا إلكترونيا ليساعد ابنتي على الدراسة، وليمكنها من الاطلاع على وصفات الطعام البسيطة، والتمتع ببعض ألعاب الفتيات في سنها.. مع الوقت، بدأت ألاحظ أن رفيدة تقضي فترات أطول في التصفح، لكن لا نتائج في المدرسة، ولا في المطبخ.. طلبت سماعات أذن وراحت تنغمس أكثر في عزلتها..”. هذه الدرجة من الإدمان على تطبيقات الإنترنت أصبحت تدخل في قائمة المعتاد والمقبول للأطفال والمراهقين فوق 14 سنة، في قاموس الخبراء، مقارنة بما تحتله التكنولوجيا في الحياة اليومية لأفراد هذا الجيل، لكن ما بدأت السيدة نصيرة تلاحظه على غرار الكثير جدا من الأمهات، أصابها بالصدمة والحيرة ما جعلها عاجزة عن التصرف. تضيف: “تصرفات ابنتي تغيرت كثيرا، وأسلوبها أصبح سوقيا في الحركة والكلام أيضا، مشيتها تغيرت وصوتها تعرى من أنوثته. أما مصطلحاتها في الحديث، فهي الكارثة، كلها عبارات ملاه، تصحبها إشارات وحركات أعين وشفاه خاصة بفئة من المنحلات أخلاقيا..”.

رحلة التقليد لإثبات الذات وتحصيل الشهرة والإعجاب

الأستاذة عثماني أسماء، أخصائية، باحثة في علم النفس، أجرت الكثير من الأبحاث الميدانية حول ظاهرة تأثر الأطفال والمراهقين والشباب بالمحتويات التي تقدمها مواقع التواصل الاجتماعي، وفي كل مرة تكون النتائج كارثية أكثر، مقارنة بالانتشار السريع لوسائل التكنلوجيا بين هذه الفئات، تقول الأستاذة عثماني: “أجرينا دراسة حول تأثيرات تطبيق تيك توك، وتوصلنا إلى أن كل مستعمليه دون استثناء من المراهقين والأطفال يتلقون محتويات ماجنة، عبارة عن رقص وأغاني ملاهي، سواء بعلم أوليائهم أم من دون علمهم، كما أن الإجمالي متأثر بما يتلقاه، وينعكس ذلك على سلوكه اليومي، أسلوبه في الحديث، تسريحة الشعر والهندام، والرغبة في التحرر، التمرد والانحلال الأخلاقي”. وعن الحالة النفسية التي تنشأ لدى الأطفال والمراهقين المتأثرين بأغاني الراي وفيديوهات التيكتوك، تضيف الأخصائية النفسية والباحثة: “… ما يشاهده الفرد دون 21 سنة على هذه التطبيقات، يبدو له خارقا، وغير معتاد في بيئته، ثم يكتشف أن أفرادا في مثل سنه هم من يقومون بالتمايل بذلك الشكل أمام عدسات الكاميرا ليحصدوا ملايين الإعجابات، ويتمتعوا بالشهرة، فينبذ قيود محيطه وتصبح أعرافه وعاداته مجرد عوائق في وجه إثبات الذات، ولفت الانتباه إلى الطريقة الرائجة في هذه التطبيقات”.

مقالات ذات صلة