-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

..يقولون ما لا يفعلون

عمار يزلي
  • 929
  • 2
..يقولون ما لا يفعلون

إقدام فرنسا قبل ايام على بدء تطبيق “قانون قيم الجمهورية” وتدشينه بتوقيف إمامين قيل أنهما قرآ آيات وأحاديث نبوية شريفة “لا تتفق مع قيم العلمانية الفرنسية”، هو بداية العنقود، ستعقبها إجراءات أخرى، لكن رد لفعل لن يكون سلسا بالمرة.

فرنسا المتشدقة بالعلمانية، تعتبر العلمانية دينا وضعيا، تدافع عنها كما لو كانت عقيدة، لاسيما ضد الإسلام والمسلمين. إنها لا تدافع عن قيم الجمهورية من دين دخيل وأقلية منغلقة تريد أن تنشر دينها على حساب العلمانية، على العكس، فرنسا فعلت هذا معنا في الجزائر: أقلية محتلة لأغلبية، تعمل على فرض “دينها” بالقوة على الأغلبية الدينية، وتدعي حرية الأفراد، وتتظاهر باحترام فصل العام عن الخاص والسلطات والتي هي الركيزة الثالثة في العلمانية.

رأينا ذلك أثناء احتلالها للجزائر، وما يقول عنها الشيخ الإبراهيمي من ضرورة احترام فرنسا لمبادئها: فصل الدولة عن الدين، وكيف أنها كانت تحترم ذلك مع النصرانية واليهودية ولا تفعل نفس الشيء مع الإسلام.

فبالرغم أن بعض الدراسات “الأكاديمية” الغربية، حاولت إبراز أو إيجاد صراع كبير بين الكنيسة من جهة والجيش والإدارة والكولون من جهة ثانية، إلا أن الواقع العملي يوضح فيما بعد أن المسألة صراع بين “الجنرالات” والمبشرين، لم يكن صراعا على المبدأ، بل خلافا في طرق العمل والرؤى والمواقف وحرص كل جهة على عدم ترك جهة أخرى ترتع في مرعاها، تماما كخلاف أنصار الإدارة المدنية مع متحمسي الإدارة العسكرية.

وإذا كانت، وإلى غاية قيام الجمهورية الثانية، قد قوبلت محاولة قداسة  “Dupuch” تمسيح “الأهالي” بامتعاض كبير من طرف الكولون -غير المتدينين سلوكا وعملا- ومن طرف الجيش بخشيتهم من استنفزاز واستنفار “خلية النحل” ضد الوجود الفرنسي في الجزائر ككل، ومن طرف الإدارة المتأثرة بالفكر الفولتيري -الذي لا يمس بطبيعة الحال إلا العنصر الأوروبي- فإن الإدارة العسكرية، كانت الإدارة الوحيدة العارفة بالوضع – بواسطة ضباط مكاتبها العربية وأنثروبولوجييها العسكريين الذين كانوا أكثر الفرنسيين اطلاعا ولو بغير “عمق عميق”- على ذهنية الجزائري من غيرهم، عندما عارضت مبدأ “حملة التمسيح” التي دشنها “المونسينيور Dupuch”، أول رئيس الأساقفة بالجزائر، أملتها عليه قناعته بأن “الجزائريين لا يطلبون سوى الدخول في دين المسيح” (آني ري غولدزيغر. المملكة العربية. ص 94).

الجهاز العسكري المدعم إداريا من قبل المكاتب العربية حذر من مخاطر وخز “خلية النحل” وتأليب النعرة الدينية الجزائرية كلها ضد الوجود الفرنسي ككل، حتى أننا نجد الجنرال بيجو (الحاكم العام) يطالب هذا “الغراب”، – كما أسماه – بالكف عن النعيق وأن تغلق فورا أسقفية الجزائر.

وأمام هذا الفشل الذريع للأسقفية الأولى، والتي انتهت باستقالة الأسقف Dupuch، أوكلت المهمة إلى الأسقف « Pavy » (1846)، الذي كان أكثر اتزانا وتحفظا وتريثا في خطة سابقه المغامرتية. فلقد أبدى الرغبة في إعادة النظر في مزاعم سابقة وشرع في رسم خطة جديدة من أجل وضع قدم قوية داخل البيئة الكولونيالية أولا، من أجل تمسيح أكثر للمسيحيين الأوروبيين، وتشكيل حضور بغية تطبيع مسألة وجود الكنيسة ولواحقها على أرض المساجد ولواحقها. غير أن ذلك كان يتطلب أموالا كبيرة، فسارع إلى طلبها من التنظيمات الكنسية الكاثوليكية، مما خلق “توترا” حول الزعامة بين الكنيسة الفرنسية والفاتيكان. أموال تحصلت عليها من جهات متعددة بما في ذلك مرتبات رجالات دينها التي طلبتها من الحكومة الفرنسية.

فرنسا في معاداتها للإسلام، ليس عصيا عن فهم سببه: فالقوى المالية اليهودية البرجوازية هي التي كانت وراء الدعم المالي للثورة العلمانية، ثورة فرنسا ضد الكنيسة والإقطاع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • مالولو

    فرنسا سيدة في أراضيها والمسلمين يمارسون شعائرهم في فرنسا بكل حرية وهذا بشهادات الملايين من المسلمين الذين يعيشون فيها وفي فرنسا شيدت 2600 مسجد وفي كل ربوعها ... وهو عدد يفوق مجموع الكنائس المتواجدة في كل الدول الاسلاميةمجتمعة .. وخلاصة القول : من يعيش في فرنسا فليمتثل لقوانين فرنسا وذلك أضعف الايمان وهذا هو المعمول به في كل دول العالم .

  • بن بولعيد

    فرنسا حرة في دستورها وقوانينها ولا احد من حقه التدخل في شؤونها الداخلية فرنسا سمحت للمسلمين بناء مساجد واداء طقوس عباداتهم من صلوات وحج وعمرة وغيرها بكل حرية بينما نحن بالجزائر لا نسمح لهم حتي ببناء الكنائس ( المعاملة بالمثل ) وتادية صلواتهم بالكنيسة بكل حرية اطلاقا لا توجد . كفاك نفاقا يا سادة