الشروق العربي
شوبينغ وغيرة وشوافات

يوميات زوجات الأغنياء في الجزائر

فاروق كداش
  • 7125
  • 12
ح.م

صباحها بالكرواسان، ومساؤها بالسومون فوميه، حقيبتها ديور وتايورها شانيل وعطرها جادور… سيارتها فارهة وجيوبها عامرة وحسادها كالجوراح، وبلاطها منافقات ومتسلقات… إنها زوجة الرجل الـ”لاباس بيه”… الشروق العربي تميط اللثام المرصع بالماس عن حياة بذخ لا تظهر إلا بالأشعة السينية.

دخلنا أحد المحلات الشيك في الشراقة، فالتقينا في المحل بامرأة في الأربعين تسأل البائع عن حذاء دوتشي غابانا من مجموعة العام الماضي، الحذاء بالمخمل ولديه كعب مزدان بالستراس، وهو شفاف. أما ثمنه فيتجاوز الأربعين ألف دينار، وهي متحسرة على المجموعات الجديدة التي لم تدخل الجزائر بسبب كورونا… ولم يكن يبدو عليها التعجب من الثمن، بل كان شغلها الشاغل أن تجد مقاس قدمها في حذاء سندرلا الباهظ… غير بعيد في محل آخر ركنت امرأة في الثلاثينيات رفقة زوجها وابنتها سيارة بورش ماكاين، ودخلت المحل، وراحت تختار بعض الفساتين الشيك، باعتراف الذوق العام وحس الموضة المرهف… ولم تكن متنمقة جدا، بل بسيطة جدا، ولكن ملابسها تدل على ثرائها.. وبينما كنت أتظاهر بالسؤال عن ثمن حقيبة يد كانت قد أنهت معاملات شراء أربع قطع، ودفعت ما لا يقل عن عشرة ملايين سنتيم، والتفت البائع إلى صديق كان يلازمه، وقال له: أتدري من هذه؟… وأردف: هاذي راجلها بوكو تيكي… فري لاباس بيه”، وإن كانت هذه الجملة تدل على حسد لا ذرة غبطة فيه، إلا أنه يعكس الصورة السلبية لزوجات الناس الثرية، وحسب بائعة في محل للعطور الغالية “أنهن متعاليات ومتعجرفات ولا ذوق لدى الكثيرات منهن… النقود لا تشتري الذوق في النهاية”.

الماكثاث في القصور

وحسب هشام، وهو صاحب محل ملابس في مركز تجاري معروف، فإن الثريات أنواع، منهن من تواكب الموضة وتشتري بذوق كبير، وتعرف كيف تنسق وتمزج بين القطع التي تشتريها، وهناك من تشتري للتقليد واتباع ذوق الأخريات من الزوجات الماكثات على جيوب أزواجهن.. وهناك من لا تتنقل إلى المحلات، بل لديها من تتبضع لها وتأتي لها بالجديد، وهي المقتنية الشخصية، أو ما يعرف بالـpersonal shopper  وهي مهنة لا تزال في مهدها في الجزائر، وعادة ما تكون هذه الأخيرة قريبة أو صديقة مقربة.

وتحرص الثريات الأنيقات على اقتناء أحسن السلع أو الماركة في الموضة والماكياج، وتجدها تحافظ على لياقتها بالانخراط في قاعات الرياضة الباهظة، التي يصل الفورفيه فيها إلى خمسة ملايين سنيتم في السنة فما فوق، ويمارسن البيلاتس والزونبا والفيتناس… ولا يفوّتن جلسة واحدة للمانيكير والبديكير والحلاقة في أحسن الصالونات، وجلسات العناية بالوجه والجسد.. وهذا ما لمسناه عند مرورنا بكلينيك جويل مادرينان، التي افتتحت حديثا في العاصمة، والعدد الهائل من الزبونات في صالات الانتظار.

حياة الثريات في الجزائر ليست بادية للعيان، فهن لا يتباهين بمالهن على إنستغرام، ولا يظهرن ثراءهن على سناب شات، بل يكتفين بالإنفاق فحسب… فلا برنامج تلفزيون واقع يصور يومياتهن وجولاتهن، على غرار ربات بيوت نيويورك وكاليفورنيا… أما السيارات، فحسب الذوق.. هناك من تتباهى بسيارات الرانج روفر والمرسيدس، وهناك من تعشق الأودي، ولكن لا فيراري في الأفق ولا بوڤاتي في المرأب…

 نساء قبل كل شيء

زوجات الأثرياء ينقسمن إلى أقسام عديدة، هناك الثرية الشيك، التي هي سليلة عائلة ثرية، المتعودة على التسوق في باريس، وقضاء العطل في إبيبزا، وهناك الثرية التي أتت من مستوى أقل، وتزوجت من ثري.. وقد تفرق بين الاثنين بالمجوهرات التي يلبسنها، فالأولى ترتدي المجوهرات الرفيعة، لكن المزدانة بالأحجار الكريمة والماس، والثانية تعشق الذهب وتظهره وكأنها واجهة مجوهراتي… وهناك نوع ثالث، وهي الثرية التي ساندت زوجها في رحلة التسلق إلى النجاح.. وهذه الأكثر تعقلا والأقل بذخا، لأنها تدري حجم التعب المصاحب للغنى، وتحرص على الادخار، خوف العوز والفاقة.

للثراء وجوه أخرى

عقليات زوجات الأثرياء أيضا تختلف، فنجد من تتلذذ بإثارة غيرة قريناتها، وتجدها دائما تعدد ما يملك زوجها، وكيف أنه اشترى لها عقدا بقيمة كذا، وأنه في عيد ميلادها فاجأها بسيارة جديدة.. وهذا ما تحدثت عنه فريدة، وهي قريبة زوجة رجل حديث العهد بالثراء: “لقد تغيرت قريبتي بعد زواجها، فأصبحت لا تتصل بأحد، وكما يقال، جبذت روحها من العائلة خوفا من أن يطلب منها أحد معروفا أو مساعدة”. وتضيف: “بعد أن كانت ملتزمة أصبحت تجري وراء الشوافات لاقتناء حروز لإبعاد النساء عن زوجها وطلاسم لجعله مطياعا كخاتم في اليد”… وقد سمعنا كثيرا من الأخبار عن شوافات لا يزورهن إلا الثريات وذوات المال، ويدفعن بالذهب لا بالمال.

الدافع الأول لذهاب امرأة متزوجة برجل ميسور الحال إلى السحرة هو الغيرة وحب التملك، والحفاظ على هذا الكنز أن يفلت من بين يديها، خاصة أن المال يفسد الطباع، ويفتح شهية الرجال على التعدد أو الخيانة، كل على حسب أصله.

من زوجات الأثرياء نوع محبب لدى العائلات، وهي الزوجة التي تثري عائلتها وتقدم لهم الهدايا والخدمات من خيرات زوجها، وتغدق على القريبات من فيض ما حباها الله من نعم، وهذا النوع له قابلية لفعل الخير بين قوسين للعائلة فقط قبل الزواج… في المقابل، هناك زوجة الثري البخيل. فهذه الأقل حظا، وتراها مثل المتوسطات دخلا، ولا يظهر عليها أي مظهر من مظاهر الثراء… وفي النهاية، زوجة الثري إنسانة قبل كل شيء، وهناك الكثيرات منهن متواضعات وفاعلات للخير وخيّرات.

مقالات ذات صلة