الجزائر

22 أكتوبر 1956.. ذكرى أول خيانة من المخزن المغربي للثورة الجزائرية

الشروق أونلاين
  • 25684
  • 12

يعود تاريخ 22 أكتوبر للتذكير بواحدة من أكبر خيانات المخزن المغربي للجزائر، والتي وثقتها شهادات تاريخية، حيث وجه من خلالها طعنة غائرة في ظهر الثورة الجزائرية ورجالها، بالمشاركة في اختطاف قادتها من قبل فرنسا.

ويحفل سجل المخزن المغربي، بكثير من الدسائس والمؤامرات ضد الجزائر سواء أثناء الثورة التحريرية أو بعد الاستقلال، ويعد اختطاف طائرة قادة الثورة عام 1956، أحد المكائد التي وصفت بأول عملية قرصنة مدنية في تاريخ الطيران في العالم.

وبدأت خيوط الخيانة تنسج في عز الثورة الجزائرية والتي كانت قد دخلت عامها الثاني ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم.

وسرد الرئيس الأسبق أحمد بلة تفاصيل اختطافه مع قادة الثورة، وتحذير الرئيس المصري جمال عبد الناصر له بطريقة غير مباشرة في تسجيل مصور لقناة الجزيرة.

وقال بن بلة أن القصة بدأت في ظل نتائج مؤتمر الصومام وضرورة اجتماع قادة الخارج لدراسة القرارات وتقرر أن يكون الاجتماع في مدريد يجمع بين بوضياف خيذر وآيت أحمد.

وأضاف بن بلة قائلا سافرت للقاهرة للتزود بخمسة ألاف قطعة سلاح من جمال عبد الناصر، وخلال الزيارة أخبرت عبد الناصر بأني ذاهب لمدريد لاجتماع مع الإخوة حول نتائج مؤتمر الصومام.

وأشار بن بلة في الحوار، إلى أن عبد الناصر قال بالحرف الواحد متسائلا “الاجتماع مش في الرباط؟”.

وأضاف: “لأول مرة عبد الناصر يتحدث بهذه اللهجة.. لأجيبه مؤكدا “لا مش في الرباط” بل في مدريد، مشيرا إلى أن عبد الناصر كرر السؤال ثلاث مرات، فقد كان يعلم شيئا لكن لم أنتبه له.

وقال بن بله أن عبد الناصر كان يحذرني بتلك الجملة التي أعادها ثلاث مرات”.

وأضاف بن بلة أنه بعد مغادرة القاهرة “التحقت بالإخوة في مدريد وكان من المفروض أن نستقل نفس الطائرة مع الملك محمد الخامس، لكن الخطة تغيرت بسبب وجود زوجة الملك إلى جانبه، وهو ما دفعنا إلى أخذ طائرة أخرى”.

وأضاف “خلال وجود الطائرة في المياه الاقليمية حولتها طائرات فرنسية إلى الجزائر ولم نعلم بذلك إلى غاية نزول الطائرة”.

وعبر بن بلة عن شكه منذ بداية الرحلة، واصفا الأمر بالفيلم قائلا “أن تغيير الطائرة وكلام  جمال عبد الناصر جعلني غير مرتاح أبدا للرحلة ومسارها”.

شهادة هيكل تؤكد مؤامرة المخزن

 وخلال شهادته بأحد البرامج التلفزيونية، حمّل الصحفي المصري محمد حسنين هيكل، الملك المغربي الراحل، الحسن الثاني، قسطا كبيرا من مسؤولية خطف قادة الثورة الجزائرية في سنة 1956، من طرف الجيش الفرنسي.

وذكر هيكل في الحلقة الأخيرة من حصة “مع هيكل”، التي كانت تبثها قناة “الجزيرة”،  أنه وقف على تورط الملك المغربي الراحل، من خلال ما توافر لديه من معلومات حول هذه القضية، والتي كشفت -كما قال- خيوط المؤامرة، التي حيكت يومها ضد قادة الثورة الجزائرية، دون علم والد الأمير الحسن، الراحل الملك محمد الخامس.

وقال هيكل إن الحسن الثاني، تدخل من خلال نفوذه كرجل ثاني في القصر الملكي (أمير)، من أجل ترتيب الرحلة الجوية بين الرباط وتونس، والتي كانت ستقل والده الملك محمد الخامس، وقادة الثورة الجزائرية من السياسيين، على متن طائرة واحدة، لكنه تدخل كي يسافر والده على متن طائرة خاصة به، فيما تم تخصيص طائرة ثانية تقل قادة الثورة الجزائرية، تابعة لشركة جوية مغربية.

ورأى هيكل في هذه الحادثة عملا مدبرا، من طرف الأمير الحسن والمخابرات الفرنسية، حتى يسهل اختطاف قادة الثورة، بعد إنزال الطائرة التي كانت تقلهم على مطار الجزائر، التي كانت يومها تحت السيطرة الفرنسية، لأنه من غير الممكن تحقيق هذا الهدف، في حال سفر القادة الجزائريين، على متن طائرة واحدة برفقة الملك المغربي محمد الخامس، وإلا عد ذلك انتهاكا لحرمة دولة ذات سيادة.

وعلق هيكل على ما قام به الأمير الحسن، على أنه توجه جديد، بدأ ملك المغرب المستقبلي، التأسيس له، منذ أن كان في المنفى برفقة والده في مدغشقر، حيث ترسخت لديه قناعة بأن مساندة القصر الملكي المغربي للثورة الجزائرية، جلبت له الكثير من المتاعب، بسبب إصرار الجزائريين على الاستقلال التام عن فرنسا الاستعمارية، وهو الأمر الذي لم يكن مطروحا حتى للتصور بالنسبة للساسة الفرنسيين، الذين كانوا يعتبرون الجزائر امتدادا جغرافيا وطبيعيا لباريس في القارة الإفريقية.

https://twitter.com/BoukhalfaAbdel2/status/1572633270319484928

وبدأ التخطيط لعملية الاختطاف منذ نهاية سبتمبر 1956، حين وُجّهت الدعوة لجبهة التحرير الوطني للمشاركة في الندوة المغاربية المقرّر عقدها في تونس يوم 22 أكتوبر 1956 للتنسيق حول النضال المشترك ضد الاستعمار الفرنسي وتأكيد البعد المغاربي للثورة الجزائرية.

وفي الساعة الرّابعة من مساء يوم 22 أكتوبر 1956، اعترضت طائرات فرنسية حربية، طائرة “دي سي 3” التابعة لشركة الأطلس المغربية للطيران، تلقى قائدها أمرا بالهبوط في الجزائر العاصمة.

لم يكن الطاقم الفرنسي للطائرة المغربية على علم بهوية الركاب، وهم “أحمد بن بلة، حسين آيت أحمد، محمد بوضياف، محمد خيذر، ومصطفى الأشرف”، لكن إضافة إلى هؤلاء كان على متن الطائرة فريقا من الصحفيين الفرنسيين الذين كانوا متجهين لتغطية القمة المغاربية في تونس، كما كان على متنها، مريض مغربي تم نقله للعلاج في تونس”.

غيّرت الطائرة مسارها لأسباب أمنية إلى جزر “الباليارو” شرق إسبانيا، إلا أن الاستخبارات الفرنسية كانت على علم بمسار الطائرة، وقررت اختطاف الطائرة بموافقة القادة العسكريين الفرنسيين في الجزائر وفرنسا.

وحوّل قادة عملية الاختطاف الزعماء الخمسة إلى مقر جهاز الاستخبارات في أعالي العاصمة الجزائرية، وسط إجراءات أمنية عسكرية مشدّدة للتحقيق، قبل تحويلهم إلى السجن في فرنسا، ولم يطلق سراحهم إلا بعد إقرار وقف إطلاق النار في مارس 1962.

مقالات ذات صلة