“عباس بن فرناس”.. جزائري
ما الذي يجعل مضيفة، من المفروض أنها عاملة، لا تتقن سوى الترحيب بالناس وتوزيع الابتسامة، تلعب دور الدركي أو القاضي أو حتى المدير العام، في شركة الخطوط الجوية الجزائرية، تطرد من تشاء من المسافرين حتى ولو كان برتبة عالم، وتسيء للبلد متى شاءت؟
أسئلة يطرحها الجزائريون وهم يرون الوجه الحقيقي للأزمة في الجزائر يسبح في البحار ويطير في السماء، وينثر الفضائح عبر مظلات تحطّ في كل مكان في الجزائر، من دون أن تجد رادع، يقلع جذور هاته التجاوزات التي بدأت عندما تحوّل التشغيل في الجزائر إلى توزيع للريع، على من لا مستوى علمي ولا مهني ولا أخلاقي لهم، فجاءت النتيجة، أصفار في جميع القطاعات.
وإذا تحدث وزير الصحة عن صعوبة مهمة إصلاح ما أفسده دهر من الإهمال في قطاعه، وتحدثت وزير التربية عن استحالة إصلاح منظومة تم جرّها إلى الهاوية، أمكن إيجاد أعذار لهؤلاء، بسبب أهمية القطاعين وملايين المستخدمين فيهما، لكن أن تعجز مختلف وزارات النقل المتعاقبة، عن إنقاذ الجوية الجزائرية التي هي صورة الجزائر بطاقمها المجهري ورحلاتها التي تعد على أصابع اليد، فتلك مشكلة نظنها أخطر مما قامت به هاته المضيفة أو تلك، في حق مواطن ووطن.
لا نفهم لماذا تستورد الجزائر الطائرات وتستأجرها من كل بلاد العالم، ولا تستورد “فن المعاملة” من هاته الدول، فقد تمكنت شركات عربية وصينية وتركية في لمح التحليق، من منافسة شركات طيران أوربا الغربية، ومازال الطيران الجزائري، عاجز عن تحقيق أدنى الخدمة، بسبب أمثال هؤلاء الذين تم إقحامهم في مهن لم يُخلقوا لامتهانها، والنتيجة أن خطوطا إفريقية وأوربية كثيرة تبخرت من أجواء الجزائر، مقارنة بما كانت تمتلكه شركة الطيران منذ ثلاثين سنة، حتى أن مهاجرين جزائريين، صاروا يتنقلون عبر الخطوط التونسية شرقا، بسبب أسعارها المعقولة، وجزائريون يتنقلون عبر الخطوط المغربية بسبب تنويعها ومحافظتها على الخطوط الإفريقية، ويكفي القول، بأنه خلال منافسة كأس العالم في جنوب إفريقيا عام 2010 إكتشف العالم، بأن كل البلدان المتأهلة لتلك الدورة، لها خطوط جوية مباشرة مع جوهانسبورغ، وهي واحدة من أكبر عواصم العالم ..إلا الجزائر.
لا جدال في ان شركة الخطوط الجوية الجزائرية، قدمت دائما، كفاءات، منها من يشتغل حاليا في أمريكا وأوربا ودول الخليج العربي، مثل كل الشركات الجزائرية العريقة، ولكن منح فرصة “الجرأة على الوقاحة” لبعض العمال والعاملات، الذين تم إقحامهم في هاته المهن الحساسة، بالطرق التي صار يعرفها الجميع، هو الذي جعل شركتنا المرآة، عبارة عن طائرة بلا جناحين، فهي إما متأخرة عن موعد إقلاعها، أو طائرة في السماء من دون أدنى نكهة خدماتية، أو مقدمة هاته الصور التي أساءت لبلد، تمنى رائد نهضته الشيخ بن باديس أن تكون نساءه ولّادات لرجال يطيرون، لكننا للأسف بعد كل هذه الرحلات وهذه السنوات، عدنا إلى زمن عباس بن فرناس، لا نطير..حتى نسقط.