ملايير في مهب الريح.. وسوناطراك “شاهد ما شافش حاجة”
تعيش مولودية الجزائر هذا الموسم أزمة خانقة، بسبب السياسة الفاشلة المنتهجة من طرف إدارة النادي وشركة “سوناطراك” المالكة لأغلبية أسهم الفريق، الذي يتواجد في المركز الأخير في ترتيب الرابطة المحترفة الأولى (موبيليس) برصيد 21 نقطة فقط، قبيل 9 جولات عن إسدال الستار، وأقصي من الدور التمهيدي الأول من كأس “الكاف” أمام نادي الساحل النيجيري في فضيحة مدوية ستبقى وصمة عار في جبين النادي على مر التاريخ.
لم يسبق للعميد أن عاش مثل هذه الوضعية منذ أزيد من 13 سنة كاملة، وبالضبط منذ موسم السقوط إلى القسم الثاني في ذلك الوقت 2001/2002، فرغم توفر الظروف الملائمة لتحقيق أفضل النتائج، من خلال تغطية “سوناطراك” لكل نفقات الفريق وإغراق اللاعبين بالأموال والرواتب الشهرية الخيالية ما بين 250 و350 مليون سنتيم، مقارنة بالمردود الهزيل الذي يقدمه كل واحد منهم فوق المستطيل الأخضر، إلا أن النتائج تبقى غائبة كغياب روح المنافسة لدى اللاعبين وغيرتهم على ألوان الفريق.
المولودية التي صرفت أموالا طائلة لإحداث تغييرات جذرية على مستوى التعداد بطلب من المدرب السابق بوعلام شارف، أدهشت الجميع وراوغتهم بعد التتويج بالكأس الممتازة على حساب اتحاد العاصمة قبل انطلاق الموسم، حيث ظن أنصارها الأوفياء أن الموسم الحالي موسم الألقاب وعودة الأيام الملاح.. أيام بتروني، زنير، باشطا وباشي ودوب فضيل ورفيق صايفي وحميد رحموني وطارق لعزيزي، لكن لم تكن سوى أيام معدودات حتى صدموا بخسارة قاسية على يد مولودية العلمة في افتتاح الرابطة المحترفة الأولى، وتبين على إثرها أن السياسة المنتهجة لم تكن مجدية، وبدأت المشاكل والفضائح ورحل شارف في الجولة العاشرة تاركا 9 نقاط فقط في رصيد الفريق.. ولم يدم الوقت طويلا حتى لحق به الرئيس السابق الحاج طالب، وبدأت متاعب “سوناطراك” الحاضرة الغائبة، تتزايد واختلط الحابل بالنابل وظل الفريق بلا مدرب لأربع جولات، ليأتي بعدها البرتغالي أرتور جورج والرئيس الحالي عبد الكريم رايسي وتكرر سيناريو الذهاب خلال مرحلة العودة، حيث ضرب الفريق بقوة أمام مولودية العلمة وفاز برباعية وقيل وقتها أن العميد سيعود، ولكن العكس هو ما حدث، ولا تزال الفضائح والمهازل تلاحق فريق “سوناطراك” المقصى أمام ممثل النيجر في كأس “الكاف“، بسبب غياب إدارة تعاقب عليها 5 رؤساء من عمروش إلى رايسي في موسم ونصف فقط.
أين الحل ؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه عشاق المولودية حاليا بإلحاح.. حسابات السقوط وعودة الفريق إلى المركز الأخير أتلفت عقولهم، هل سيبقى العميد في الرابطة الأولى أم أن الهبوط سيكون مصيره؟.. الجواب عن هذا السؤال مؤجل إلى نهاية الموسم، لكن الأكيد أن التاريخ لا يرحم وسيشهد أن “سوناطراك” ومسؤوليها واللاعبين “النجوم” هم سبب سقوط المولودية إلى الهاوية.
المدرب السابق للمولودية جمال مناد:
سياسة الإدارة فاشلة واللاعبون لا يتحملون المسؤولية
حمّل المدرب السابق لمولودية الجزائر، جمال مناد، مسؤولية كل ما يحدث للعميد هذا الموسم، لإدارة النادي بسبب تبنيها سياسة فاشلة مع بداية الموسم الكروي الحالي، مبرئا في الوقت ذاته اللاعبين.
وقال مناد لـ“الشروق” أمس: “المولودية في حالة يرثى لها.. السبب واضح ويكمن في قيام المسيرين بإبعاد اللاعبين الذين قادوا الفريق إلى التتويج بكأس الجمهورية الموسم الماضي، وانتهجوا سياسة فاشلة ونتائجها كانت واضحة مسبقا.. هؤلاء لا يعرفون أن المولودية لم تخلق لتبني فريقا وتكوّن لاعبين وإنما لتحقق نتائج فورية وإيجابية، لقد أخطأوا في حساباتهم“، مضيفا: “صحيح أن اللاعبين الآن هم جزء من الفريق ومسؤولون عن الإخفاقات، لكنهم لا يتحملون بالمقابل مسؤولية النتائج السيئة في مرحلة الذهاب“. وفتح مناد النار على المدرب الحالي للفريق أرتور جورج، وقال: “لا أفهم سبب اعتماد المسؤولين على المدرب جورج، فهو لم يقدم شيئا إلى حد الآن للفريق.. مسؤولو الكرة في بلادنا يرون أن المدرب الأجنبي يملك العصا السحرية وهو دوما يسعون إلى تحطيم الكفاءات المحلية، لو كان مدربا محليا على رأس العميد حاليا وأقصي أمام نادي الساحل لذبحوه“.
وتحسر مناد على حال فريقه السابق أيضا، شبيبة القبائل، وقال في هذا السياق: “حالة مولودية الجزائر لا تختلف عن حالة شبيبة القبائل.. أنا جد حزين على الوضعية التي يمر بها هذان الفريقان الكبيران. ولا أفهم ما يحدث لهما.. أتمنى أن يعودا إلى مستواهما في أقرب الآجال.. لا أتصور بطولة دون “الكناري” و“العميد“.
المدرب نور الدين زكري:
عيب أن تلعب مولودية شاوشي وحشود وقراوي على “الهبطة“
قال المدرب السابق لمولودية الجزائر نور الدين زكري أنه تأثر كثيرا بالوضعية الحالية للعميد في البطولة وإقصائها إفريقيا أمام فريق مغمور كنادي الساحل النيجيري، مضيفا: “وضعية المولودية حرجة جدا وغير مفهومة بالنسبة لي، بالنظر لوجود شركة كبيرة مثل سوناطراك تدفع أموالا طائلة للاعبين، لكن المشروع الرياضي فاشل على طول الخط.. الخطأ كان من البداية عندما أسندت المهمة لمدرب ليس في مستوى مولودية الجزائر، ضف إلى هذا تسريح 15 لاعبا من الفريق الذي توج بكأس الجزائر العام الفارط، لقد كان خطأ استراتيجيا.. ما ساهم في تعفن وضعية الفريق“، وتابع “عيب على مولودية شاوشي وحشود وقراوي وڤورمي أن تلعب على “الهبطة“.. المولودية بحاجة لمدرب يحبه الأنصار ويعرف كيف يعيد الحياة إلى التشكيلة الحالية، المدمرة نفسيا“.
وعن إمكانية بقاء العميد في الدرجة الأولى، قال زكري: “لو نظرنا إلى الأسماء يمكنني القول أن المولودية لها الإمكانيات لتفوز داخل وخارج الديار، لكن إن حكمنا على ما يقدمه اللاعبون فوق الميدان، كما شاهدنا أمام جمعية وهران ونادي الساحل، أقول أن المولودية تسير بخطى ثابتة نحو السقوط، خاصة أن الجولات المقبلة ستكون أصعب“.
واعترف مدرب العميد الأسبق أن الكلام الزائد عن حده وراء تراجع المولودية، قائلا: “كل من هب ودب يتحدث باسم المولودية، والجميع يتكلم عن الانتصارات والعودة القوية في القنوات التلفزيونية، وفي الميدان نرى شيئا آخر..”، مضيفا بخصوص إمكانية عودته لقيادة النادي مرة أخرى، “قبل كل شيء، أنا مناصر لمولودية الجزائر.. سأقبل العودة للفريق بشروط، ولو لم “أطرد” من بلدي لكان نجح مشروعي الرياضي في مولودية الجزائر.. صراحة أنصار المولودية لا يستحقون ما يحدث لهم حاليا والفريق بحاجة لثورة فنية لإنقاذه” ختم زكري.
اللاعب السابق للعميد رضا بابوش:
العميد يدفع ثمن كثرة التغييرات وغياب الاستقرار الفني
تأسف اللاعب رضا بابوش على الوضعية الصعبة التي يمر بها فريقه الأسبق مولودية الجزائر، ما جعله يصارع في المرتبة الأخيرة من البطولة على ضوء مخلفات جولة نهاية الأسبوع، مشيرا إلى ضرورة توظيف جميع المساعي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وقال بابوش لـ“الشروق” أن الأزمة التي تعانيها مولودية الجزائر تعود مؤشراتها إلى بداية الموسم، وهي ناتجة أساسا عن غياب الاستقرار، والتغييرات الكثيرة التي ميزت التعداد، إضافة إلى عدم استقرار العارضة الفنية، وقال بابوش في هذا السياق “من غير المعقول أن ينال الفريق كأس الجزائر وينهي الموسم المنصرم في مرتبة ضمن الأوائل، وفي النهاية يتم التخلي عن أهم ركائز الفريق، فمهما تصل حجم التغييرات إلا انه لا يجب التخلي عن 14 لاعبا أو أكثر، لأن ذلك تكون له انعكاسات سلبية، وهو ما جعل الفريق يسدد الفاتورة منذ بداية الموسم، بدليل أنه عجز عن مسايرة متطلبات البطولة“. وأوضح بابوش أن الإدارة ارتكبت أخطاء فادحة الصائفة الماضية، ما جعل المولودية تدفع الثمن بمرور الوقت، ناهيك عن أزمة التغييرات الحاصلة في الطاقم الفني، وعليه لا يمكن أن نلوم اللاعبين، يقول بابوش، بقدر ما يتطلب البحث عن حلول فعالة لإنقاذ الفريق، خاصة وأن المولودية أقصيت من المنافسة الإفريقية وبعد عودتها إلى ارض الوطن وجدت نفسها في المرتبة الأخيرة في البطولة. و طلب بابوش من جمهور المولودية أن يساند اللاعبين في المباريات المقبلة، مطالبا اللاعبين أيضا أن يكونوا في مستوى المسؤولية لتفادي السقوط، مع ضرورة تحلي الإدارة بوقفة معنوية مع اللاعبين بغية توفير المناخ الذي يعينهم على الظهور بمستوى أفضل لاستعادة أجواء النتائج الإيجابية.
عبد الكريم رايسي رئيس مجلس إدارة العميد:
ماذا يمكن أن يقدم لاعبون همهم الوحيد “الجال” و“الفيسبوك“
قال رئيس مجلس إدارة مولودية الجزائر عبد الكريم رايسي، إن لاعبي الفريق يعانون من مشكل نفسي ما انعكس على أدائهم في الميدان، كما اعتبر بأن شبح “السقوط” الذي صار يهدد الفريق، جعل اللاعبين يدخلون المباريات تحت ضغط رهيب، كما لمح ذات المسؤول إلى أن عدم تقاضي اللاعبين لأجورهم منذ 4 أشهر جعلهم يلعبون كافة المواجهات من دون روح، ويظهرون بوجه شاحب، خصوصا في المواجهة الأخيرة في كأس “الكاف” أمام نادي الساحل النيجري.
وقال رايسي في إتصال بـ“الشروق” أمس “الأمور لا تبعث على الارتياح تماما.. تصوروا أنني لم أنم منذ وصولنا من النيجر، التقيت المناجير زنير وحاولنا بحث أسباب هذه النكسات التي باتت تطارد الفريق، المشكل يبدو نفسيا ويعاني منه اللاعبون بسبب وضعية الفريق في البطولة، وبدء الحديث عن السقوط، فضلا عن أنهم يدينون بأجر أربعة أشهر كاملة، كلها أمور لن تخدم الفريق في هذه الفترة العصيبة“.
كما حمل رايسي اللاعبين جزءا من الوضعية الكارثية التي يعيشها الفريق، مؤكدا بأنهم لم يقوموا بأي شيء للعودة بتأشيرة التأهل في كأس الكاف من نيامي أمام فريق وصفه بالمتواضع، قائلا “رغم الأمور التي تحدثت عنها في البداية إلا أنه وفي مثل هذه الظروف اللاعبون يتحملون جزءا من المسؤولية، استغربت أداء بعض العناصر في مواجهة نادي الساحل، تلقينا هدفا يعكس تماما مستوى بعض اللاعبين“، مضيفا “بكل صراحة لا يمكن التأهل في المنافسة القارية بلاعبين بحثوا عن “الأنترنيت” و“الفايسبوك” فور وصولهم النيجر وآخرون يتحدثون عن “الجال“، هذه هي الأمور التي تحدث في المولودية اليوم للأسف“.
وتابع “عند نهاية اللقاء التقيت اللاعبين في غرف حفظ الملابس وقلت لهم بالحرف الواحد: يمكن أن يصبح الواحد منا طبيبا أو مهندسا أو طيارا، لكن من الصعب أن تجعل منه رجلا، وحتى أضعكم في صورة ما يحدث طلب مني فالدو مساعد المدرب أرثور جورج عن الطريقة المثلى لإنقاذ الفريق تحدثت إليه لمدة 5 دقائق وإذا بي أرى الدموع في عينيه“.
عضو النادي الهاوي جمال راشدي للشروق:
المسيّرون الحاليون يفتقدون للكفاءة وجلبوا مدربا مصابا بـ“الزهايمر“
سنسحب شعار الفريق في حال سقوطه للرابطة الثانية
وصف عضو النادي الهاوي لمولوية الجزائر، جمال راشدي وضعية الفريق بالكارثة، فاتحا النار على المسيّرين الحاليين الذين أكد افتقادهم للكفاءة اللازمة لتسيير فريق كبير بحجم مولودية الجزائر. وقال راشدي للشروق، بأن الإدارة الحالية لا علاقة لها بالتسيير وتجهل تماما أبجديات كرة القدم، منتقدا السياسة المنتهجة من طرف مؤسسة سوناطراك–التي تملك أغلب أسهم الفريق–، والتي أصبحت حسبه بمثابة “البقرة الحلوب“. وأكد راشدي بأن الأموال وحدها لا تكفي ولا تضمن تحقيق النتائج الإيجابية، معتبرا بأن سوناطراك لم تعتمد على الأشخاص الأكفاء.
وأوضح محدثنا بأن اللاعبين أصبحوا يلعبون بدون روح، بعدما تحصلوا على كامل مستحقاتهم المالية مسبقا، وهذا على غرار اللاعب أمير قراوي: “ماذا تنتظر أن يقدم لك لاعب أخذ 80 بالمئة من مستحقاته المالية قبل انطلاق الموسم” قال راشدي.
وعلى الصعيد الفني، تساءل راشدي عن أسباب تخلي إدارة النادي عن مشروعها الأول مع المدرب بوعلام شارف، الذي كان من المفروض أن يمتد لثلاث سنوات، معتبرا بأنها ارتكبت خطأ جسيما خلال الميركاتو الفارط، وقال: “جلب المدرب أرتور جورج كان أكبر خطأ ارتكبه الفريق، فهو متقدم في السن ويعاني من الزهايمر وأملك الدليل على ذلك“. أما بخصوص حظوظ المولودية في ضمان البقاء هذا الموسم، يؤكد راشدي بأن مهمة الفريق ستكون صعبة للغاية، معتبرا بأن ذلك قد يكون في صالح الفريق من أجل إعادة بنائه على أسس صحيحة: “أتمنى أن تتفادى المولودية السقوط إلى الرابطة الثانية، اعتبارا من أن الفريق حسابيا بحاجة إلى 16 نقطة لضمان بقائه، لكن السقوط أيضا قد يكون مفيدا“.
وأكد راشدي بأنه في حال نزول المولودية، فإن النادي الهاوي سيسحب “شعار” المولودية من سوناطراك، معتبرا بأن النادي الهاوي يملك الحق في استرجاع هذا “الشعار” بعدما أساء هؤلاء لصورة المولودية.