معنفات يتنازلن عن متابعات قضائية خوفا عن الفضيحة
رغم ترسانة القوانين التي صدرت مؤخرا في الجزائر لحماية حقوق المرأة، وحمايتها من أشكال العنف والتحرش في الشارع، إلا أن الواقع الذي تعيشه بعض الجزائريات باعتبار أن النصوص القانونية ليس حلا في ظل محيط اجتماعي يجعلها ظالمة رغم أنها ضحية متخذا من”السمعة” ذريعة ليبقيها ساكتة عن المطالبة بحقها أمام العدالة….هو ما وقع لعديد الجزائريات اللواتي خفن عن سمعتهن فزدن للطين بلة حتى تشعبت جذور شجرة العنف وتوغلت في عمق المجتمع.
تؤكد الجهات الأمنية أن عشرات الشكاوى يوميا تطرح أمام مراكز الشرطة من نساء تعرضن للعنف أو للسرقة، أو للسب والشتم من طرف رجال غير أنهن فضلن التنازل عن المتابعة القضائية خوفا عن “السمعة” أن يفضح الأمر أمام عائلاتهن ومحيط العمل أو الدراسة.
تقول المحامية زهية مختاري، إن عددا من القضايا التي تكفلت بالدفاع فيها عن النساء خاصة قاصرات بدأت بالسكوت عن سرقة أو اعتداء لفظي أو مادي في حقهن وتسترن عليها خوفا عن السمعة أو من عائلاتهن وهو ما جعل الأمر يتضخم ويؤدي لما يحمد حسبها عقباه، بل أصبحن متهمات بعد أن كن ضحايا.
وأكدت المحامية مختاري، أن قضية تناولتها محكمة الحراش مؤخرا تتعلق بقضية فتاة من منطقة براقي كانت قاصرة عندما تعلقت بشاب يكبرها سنا بكثير وكان يمارس عليها العنف بعد أن ربطت معه علاقة عاطفية، وكان يهددها لكن فضلت الرضوخ لضغوطاته دون التبليغ عنه خوفا من أن يفضح أمرها أمام عائلتها فسكتت حسب ذات المحامية، حتى وصل الأمر لاغتصابها ثم تورطها في سرقة مبلغ ضخم من والده الذي يشتغل منصب مدير مؤسسة. وبذلك تقول المحامية مختاري، انكشف المستور.
وتأسفت زهية مختاري، لتشجيع السكوت عن ما تتعرض له المرأة حتى من طرف إطارات نسوية، بحجة “السمعة” دائما وهو تشجيع للعنف ضد المرأة حيث أعطت مثالا لدكتورة في الجامعة تقدمت لمكتبها وطلبت منها أن تتأسس في قضية ضد زوجها الذي يعنفها شريطة أن يكون ذلك في السر دون علم عائلتها التي عارضت عن زواجهما من البداية، وكان أن طلقت منه ولما انتشر الأمر اتهمها بالخيانة.
وفي قضية أخرى تعرضت شابة للتحرش الجنسي من طرف شاب وتقدمت أمام مركز الشرطة لتقدم شكوى ضده، وتنازلت عنها خوفا عن سمعتها، وفي يوم قبل زفافها فوجئت باستدعاء من طرف قاضي محكمة الشراڤة عن تهمة السرقة وجهها لها نفس الشخص الذي تحرش بها، فاضطرت محاميتها أن تطلب من قاضي التحقيق أن يستمع إليها في وقت آخر متخذا السرية.
وقصة لمسيرة مؤسسة بناء طرحت قضيتها أمام محكمة الشراڤة، نصب عليها عشيقها فاستنزف منها في عدة مراحل أموال معتبرة ووصل الأمر لتعرضها للافلاس فاضطرت في الأخير أن تلجأ للقضاء بعد أن خافت عن سمعتها.
يؤكد الأستاذ عمار حمديني، محام لدى المحكمة العليا، أن القانون واضح وصريح ولا تحل حسبه “السمعة” محل القضاء بل تزيد المشكل تعقيدا في حالة التنازل عن الحق، وهو ما حدث لطالبات جامعيات جزائريات تعرضت للتهديد بصور فاضحة من طرف رعايا سوريين للضغط عليهن قصد استغلالهن جنسيا، ولكن سكوتهن أدى لتطور الأمور وفضحهن في الانترنت.
“السمعة” لا تؤدي لطمس الحقائق وإبطال الحق
أوضح إمام مسجد حمزة بباب الزوار، محمد عزوني، أن المجتمع يؤدي باللوم على المرأة ويحمّلها المسؤولية حتى وهي ضحية ماثلة أمام القضاء، وأن ثقة الجزائريات في أنفسهن يجعلهن اليوم يتحدين نقطة الضعف التي ينتهزها الكثير من الرجال وهي الخوف عن “السمعة” عند إحالة قضيتهن المتعلقة بتعرضهن للسرقة أو العنف وسط الأسرة أو الشارع على القضاء، وقال إن هذه الثقة تعتبر خطوة لمحاربة العنف ضد المرأة. مشيرا أن المساجد تلعب دورها في التوعية القانونية.