“أدوات المخزن” تلوّح بالحرب

خلّفت تصريحات رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني موجة من الغضب والاستياء على الصعيدين الشعبي والسياسي، بعد تطاوله على الجزائر بتصريحات مثيرة للفتنة وتمس بسيادة وحدود الجزائر، كما زعم أن موريتانيا والصحراء الغربية تابعتان للمغرب، وهو الأمر الذي خلف ردود فعل مماثلة في كلا البلدين.
تسببت تصريحات رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني في موجة استياء واسعة في الجزائر، خاصة أن تصريحاته تطبل لحرب مفتوحة في المنطقة، حين دعا الشعب المغربي إلى الزحف على تندوف، في إشارة منه إلى أنها مغربية. وقال الريسوني في حوار خص به إحدى القنوات التلفزيونية: “إذا دعا ملك المغرب للجهاد فنحن مستعدون للذهاب في مسيرة ليقيموا بالأسابيع والشهور في الصحراء وتندوف”، وهي إشارة صريحة لدعوته لحرب مفتوحة ضد الجزائر، وتهديد واضح لسيادتها وحدودها الجغرافية.

عبد القادر بن قرينة:
أراضينا حررناها بالدماء وما قاله الريسوني اعتداء صارخ
وصف رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، تصريحات الريسوني بغير المسؤولة ومثيرة للفتن، واعتبرها تطاولا على سيادة دول وكرامة شعوبها. وقال بن قرينة في هذا الجانب “تصريحات الريسوني صدمت مشاعر الجزائريين، وكثيرا من شعوب المنطقة المغاربية كالموريتانيين والصحراويين، بخطابه المتعالي، وأسلوبها الاستهتاري المثير وغير المسؤول، والمتطاول على سيادة الدول وكرامة شعوبها، لاسيما عندما يوظف مصطلح الجهاد للدخول إلى أراض جزائرية بولاية تندوف حررها شهداء ثورة المليون ونصف المليون بدمائهم الزكية”، مضيفا بالقول: “ينبغي لعلمائنا أن يُبعدوا عن مؤسستهم مثل هذه الشخصيات التي لا تقدر معنى الكلمة ولا مسؤوليتها في إثارة الفتن. ثم إنها مناسبة ننتظر فيها من علماء الجزائر والمنتمين للاتحاد أن تكون لهم مواقف بمستوى خطورة تصريحات الريسوني رئيس الاتحاد”.
وقال بن قرينة في ذات البيان “إن الاعتداء المتكرر من رموز مغاربة على السيادة والوحدة الترابية للجزائر هو متنوع ومتكرر بشكله الرسمي وبشكله العلمائي، مع سكوت مطبق من طرف نظام المخزن، الأمر الذي يؤكد الطبيعة الاستعمارية والتوسعية المغربية والتي لا تحترم أي مواثيق ولا قوانين دولية ولا حسن الجوار، وأن كل ذلك يسير بتنسيق وتناغم مدروس وبأهداف مرسومة ومحددة وأنه لا يناقض التصريحات التي يدلي بها ملك المغرب والتي يتأكد كل يوم أنها غير صادقة وهي موجهة للاستهلاك الإعلامي فقط لإيهام الرأي العام بالنوايا الحسنة”.

ناصر حمدادوش:
سقطة مدوية تدل على إفلاس النخبة المغربية

أكد ناصر حمدادوش، قيادي بحركة مجتمع السلم، بأن هذه سقطة خطيرة ومدوية من عالم من علماء المسلمين، يفترض فيه الاحتكام إلى الموازين الشرعية والقيم الإسلامية والإنسانية لحقوق الجار ولحق الشعوب في تقرير المصير، لا أن يتحاكم إلى تقديس أوامر الملك، الذي أصبح لديهم حسب قوله معيارا فوق المعايير القيمية والأخلاقية والقانونية.. وخاصة أنه يشغل منصبًا حساسا ودقيقا وهو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.. مضيفا بالقول “هذا التصريح يدل على حالة الإفلاس لدى النخبة المغربية بما فيها النخبة الإسلامية، ولا يكفي تزكية ملكهم في التطبيع والتحالف الاستراتيجي الأمني والعسكري مع الكيان الصهيوني، وكانوا عرابيه والموقعين عليه كحزب حاكم في ذلك الوقت”، وحسب حمدادوش لم يكف منهم أن يحولوا المغرب إلى منصة صهيونية لتهديد الجزائر حتى يتجرأوا الآن بهذه الأطماع التوسعية على سيادة الدولة الجزائرية ووحدة ترابها.

نور الصباح عكنوش:
أمثاله عليهم الوضوء قبل الحديث عن تندوف

قال البروفيسور نور الصباح عنكوش، من قسم العلوم السياسية بجامعة الجزائر في حديث للشروق “هذه التصريحات تعبر عن حالة لاوعي استراتيجي يعاني منها المخزن الذي فقد عقله وضاعت بوصلته وفقد أخلاقه”، وأصبح حسب محدثنا يشكل خطرا على المنطقة بأكملها نتيجة الصدمة التي يعيشها منذ أن استعادت الجزائر دورها الإقليمي عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا، مضيفا بالقول “أمثاله عليهم الوضوء قبل الحديث عن تندوف ووهم الصحراء الشرقية التي رسم جغرافيتها شهداء الثورة وكتب تاريخها أبطال نوفمبر ويصونها جيش أمة يرنو للتضحية من أجلها ومن أجل جزائر قوية واقفة ضد كل معتوه مكانه المستشفى وليس السياسة”، وقال الدكتور عكنوش في سياق حديثه للشروق “إن مثل هذه الخرجات تفند خطاب ملك المخزن منذ أيام وتعري حقيقة أن المملكة أصبحت خطرا على شعبها وجيرانها، وتتكرر مثل هذه الخزعبلات عشية ذكرى 20 أوت برمزيتها ودلالاتها الوطنية العميقة بالنسبة للجزائريين الذين يعرفون جيدا حجم المؤامرة ضد بلادهم من محور تل أبيب الرباط”.

عبد المالك صاولي:
إن كان رجلا عليه الحديث عن سبتة ومليلية

وصف عبد المالك صاولي، من جامعة المسيلة كلام الريسوني بغير المسؤول، ولا يمثل هيئة العلماء التي يمثلها، وما قاله بأن الأمر جهاد فهذا جهل “ونحن مستعدون أيضا للدفاع عن وطننا ولن نسمح في شبر منه”.
وقال الدكتور عبد المالك صاولي “إن كان رجلا فليقل هذا عن سبته ومليلية أما تندوف فهي على الأقل في يد المسلمين”، مضيفا أنه قد حز استغلال منجم غار جبيلات في صدورهم، معتبرا أن هذا الخطاب عنصري مقيت وخطاب كراهية، ومن المفروض أن يحاسب عليه من طرف الهيئة التي يمثلها، فيما أوضح الأستاذ سمير بلخباط بأن تصريحات الريسوني تنم عن مأزق كبير يعيشه المخزن الذي كللت مساعيه في إعادة المياه إلى مجاريها في علاقة المغرب مع الجزائر، إذ حسب محدثنا فقد قوبل خطاب التهدئة من ملك المخزن تجاه الجزائر باللامبالاة من الطرف الجزائري، وتلقى المخزن صفعات متتالية من الجارة الشرقية تمثلت في الشراكة مع الصينيين في استغلال منجم غار جبيلات، مضيفا أن نجاح الجزائر في اقتناص مشروع الأنبوب النيجيري العابر للصحراء نحو أوروبا وأخيرا نجاح الجزائر في إفشال جهود المغرب في شطب الصحراء الغربية من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم هي صفعات تلقاها المخزن جعلته في حالة من الجنون دفعت به لتحريك أبواقه للتهجم على الجزائر.
واعتبر الأستاذ عيسى بلخباط مثل هذه التصريحات مجرد كلام موجه للاستهلاك الداخلي، لأنه حسب محدثنا يدرك تماما أنه ليس باستطاعة المخزن القيام بالمهمة عمليا، لأن ذلك سيكلله هزيمة نكراء ستكون أسوأ من تلك التي حدثت في حرب الحدود عام 1963.

مقلاتي صحراوي:
الريسوني ضيع مقاصد الجوار ودرء الفتن وحقن الدماء

أكد البروفيسور مقلاتي صحراوي، من قسم الشريعة بجامعة باتنة بأن الريسوني ضيع مقاصد الأخوة وحسن الجوار ومقاصد درء الفتن ومقاصد حقن الدماء، مضيفا أنه كان عليه أن يتكلم عن سبتة مدينة القاضي عياض السبتي أكبر شيوخ المالكية صاحب كتاب الشفاء، وقال في ذات السياق “ضاع منه الاعتبار بالتاريخ والحاضر.. ألم يتورطوا في الحكم وتم التطبيع باسمهم قصدي حكومة العثماني وهو مفتيها بلا شك ثم رموا بهم في القمامة، وكان تطبيعهم استباحة لمنطقة المغرب العربي بشكل علني وضرب غزة يوميا وحملات شبه شهرية وقد كنا نتوسم أن يكون اتحاد العلماء أحد أدوات فض النزاعات لما له من ثقل أدبي وليس أن يتحول لأداة لتفريق الأمة”. وخلص الدكتور مقلاتي صحراوي إلى القول “دار الإسلام المستباحة من طرف الإسبان هي الأولى بالكلام عنها وليس عن تندوف وعن موريتانيا.. هوس التوسع طبيعي أن يكون عند الملوك وربما مقبول عند السياسيين، لكن أن يصبح عند المشايخ الذين يفزع إليهم لحقن الدماء وتوحيد الصفوف ودفع الخطر الخارجي ذي الأولوية الاستراتيجية القصوى بشكل فج يفتقد لسند علمي وتاريخي قوي عليه أن يراجع مواثيق الأمم المتحدة وآليات تقرير المصير وبالتالي لما كانت الرجوع إلى الشعب فليعدوا للشعب وتقبلوا الاستفتاء كما نصت عليه البعثات الأممية”.
أما الناشط الجمعوي سمير بوراس، فقد اعتبر هذا التصريح الخطير بأنه يوضح مدى استغلال نظام المخزن الصهيومغربي لكل ما هو متاح بما فيها المنظمات الدينية للافتراء على الجزائر، مشيرا أنه لقد كان من الأفضل للمملكة المغربية العميلة ومشايخها المرتزقة أن يشتغلوا باستعادة سبتة ومليلية من الاحتلال الإسباني بدل الحديث والتطاول على سيدتهم الجزائر.

الأستاذ بجامعة أبها السعودية بلخير طاهري الإدريسي:
الريسوني خاضع للسلطان

استغرب الأستاذ بجامعة أبها السعودية الدكتور بلخير طاهري الإدريسي، دعوة الجهاد ضد الجزائر التي أطلقها الريسوني تزلفا لملكه محمد السادس، وأكد أن الريسوني تحول إلى “خاضع للسلطان ولا يملك من قرارات نفسه شيئا”.
وقال الدكتور بلخير طاهري في تصريح لـ”الشروق” إن الشريعة الإسلامية حددت مفهوم الجهاد وبدقة، بحيث أن الجهاد يكون ضد الكفار وليس ضد المسلمين، ما يؤكد أن الريسوني وقع في مخالفة كبيرة للشريعة الإسلامية، واستغرب المتحدث إقحام قطر من التراب الجزائري عند حديثه على قضية متنازع عليها وهي الصحراء الغربية.
وبحسب بلخيري فإن الخطر الكبير في تصريحات الريسوني، أنه يترأس اتحاد العلماء المسلمين الذي يُفترض أن تكون كلمته بالإجماع، وأكد أن ما بدر من الريسوني “مجازفة” كبيرة، ونبه إلى أنه “خاضع لملكه ولا يملك من قرارات نفسه شيا؟”.
وأعاب بلخيري، على الريسوني الخضوع لمحمد السادس وقال “عندما يطغى الولاء على الانتماء… يا دكتور أحمد الريسوني أنت رئيس الاتحاد وليس المغربي، وقبل أن تُعسكر في تندوف، اذهب وعسكر في سبتة ومليلة”.

أستاذ العلوم السياسية معمر حبار:
لو طالبت بالجهاد لاسترجاع سبتة ومليلة لوجدت الجزائريين تحت تصرفك

أدان أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، معمر حبار، التصريحات الاستفزازية للريسوني، وقال “لا يمكننا بحال، ومهما كانت الأحوال أن نطالب رئيس الجمهورية بالجهاد ضدّ إخواننا وجيراننا في المغرب الأقصى، ويكفينا عزّا وفخرا، أنّنا جاهدنا الاستدمار الفرنسي مدّة 132 سنة”.
ورد الأستاذ حبار في منشور على صفحته في فايس بوك، على هرطقات الريسوني، بالتأكيد “أقول لملك المغرب: لو طالبت بالجهاد لاسترجاع سبتة ومليلة، وليلى، وغيرها من الأراضي المغربية الواقعة تحت الاحتلال الإسباني، لوجدتني ووجدت الجزائريين تحت تصرفك”، وخاطب الريسوني “كان عليك أيّها الريسوني اللّئيم: أن تترك ملك المغرب وهو الذي يفرض عليك الجهاد في الجزائر، حتّى يجد لك غيرك العذر فيما فرض عليك، ولا طاقة لك به”، وتابع في هذا الخصوص “ملك المغرب أفضل منك، أيّها الريسوني اللّئيم: فهو لم يدع -علانية- للجهاد في الجزائر، وأنت طالبته علانية بالجهاد في الجزائر، وضدّ إخوانك وجيرانك الجزائريين”.
وانتقد الأستاذ حبار فكرة “الجهاد” التي نادى بها المسمى الريسوني، وشدد “لا أطلب منك، أيّها الريسوني اللّئيم، أن تطلب من ملك المغرب، أن يعلن الجهاد لاسترجاع سبتة ومليلة وليلى المغربية، والمحتلّة من طرف المحتلّ الإسباني، لأنّ الذي يطالب ملكه بالجهاد ضدّ إخوانه وجيرانه، لهو أصغر بكثير من يطالب ملكه بتحرير أرضه المحتلّة”، وأضاف على ما سبق “أيّها الريسوني اللّئيم: حرمت نفسك فضل مطالبة ملك المغرب بالجهاد لتحرير الأراضي المغربية الواقعة تحت الاحتلال الإسباني، وقد سبقك إلى الفضل والفضائل، جزائريون ولدوا من رحم الجهاد ضدّ الاستدمار الفرنسي، وليس ضدّ الأخ والجار”.

منتدى علماء موريتانيا:
أخطأت يا الريسوني وحري بالعلماء ألا يفتحوا الجراح

أكد الأمين العام لمنتدى علماء موريتانيا وإفريقيا الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الإمام، أن الريسوني أخطأ عندما نزع استقلال موريتانيا وطالب بإلحاقها بالمملكة المغربية، وقال ولد الإمام في منشور “استمعت لمقابلة طويلة للعلامة أحمد الريسوني الأمين العام لعلماء المسلمين، ولقد أحسن في بعض المقول وأخطأ في بعض المقول”.
شدد الدكتور ولد الإمام “ومما نراه أخطأ فيه نكأ جراح غائرة في علاقة المغرب مع بلادنا، فتصريحه بعدم اعترافه بموريتانيا وأنه على مذهب علال الفاسي وأن شواهد التاريخ شاهدة على هذا، ما كان هذا مناسبا مع افتقاره للعلمية والمصداقية التاريخية”.
وخاطب ولد الأمام الريسوني بالقول “نذكر العلامة الفاضل أن الدعاوى المتكافئة كالأدلة المتساوية تتساقطان، وأن التاريخ شاهد له كما هو شاهد عليه، وحري بالعلماء ألا يفتحوا الجراح بعد أن أنهى ملوك المغرب هذا الجدل جزاهم الله خيرا”.