.. اليوم خمر وغدا؟..
بعد الزوبعة في”فنجان بن يونس” (الفنجان الذي يعني “طويل الرقبة” على رأي أغنية الراحل أحمد وهبي)، التي انتهت “بتعليق” الفنجان.. أقصد..التعليمة (وليس إلغائها)، كان بن يونس، شبه صريح في ردّة فعله ضد خصومه في الدنيا، وخصومه في الدين، فقد لمّح إلى أنه عضو في هذه الحكومة، وينفذ برنامج الوزارة التي هي وزارة الحكومة والحكومة هي حكومة الرئيس.
وعليه، يفهم أنه أراد أن يقول إنه جيء به خلفا للوزير“الحمسي“، الذي عانوا معه في تمرير“تحليل” الخمور، لكي يحلل ما حرم الله، فلماذا هذا التخلي عنه وتجميد تعليمة كانت الحكومة تطالبه بها؟ وهذا يفيد أن حكومتنا تلعب سياسة “النفاق” السياسي: تحرق من تريد حرقه، وتلعب بالوزير لكي تُخرج الناس إلى الشارع، لكي يقال عنا أمريكياً وضمن كتلة “تحرير التجارة” بأننا رفضنا تحليل الحرام خوفا من ردة الفعل الشعبي، أو بكل بساطة وهذا هو المعقول: أن الحكومة لا تعرف أن الخمر حرام (لأنه يستهلك في دوائرها الإدارية والمسؤولية والشخصية والفكرية بكل حرية وبلا وازع لا ديني ولا دنيوي)، فلم تفكر حتى في الشعب إن كان موجودا أم جادا، أو أيضا قد يكون هذا القرار، استمرارا لعقلية متخلّفة لدى“التقدميين” المتحررين من الدين.. ضمن سياسة “محاربة الإرهاب“، فقد رأينا في سنوات الخوف العام، حانات تُغلق وموزعي الخمور يغلقون محلاتهم أو يعوضونها ببيع مشروبات عادية بعد أن تعرضوا لتهديدات إرهابية.. لكن سرعان ما راسلتهم مصالح الولاية، تطالبهم بوجوب إعادة فتح الخمارات ونقاط التوزيع والبيع تحت طائلة سحب السجل التجاري منهم، فوقع الخمارون سكارى بيننا: هل يخافون من القتل أم من سحب السجلّ؟ ففضل الكثير منهم الخمر على الموت!
هذه السياسة التي كنا نسميها في التسعينات بسياسة“الاستئصال“، يبدو أنها لا تزال تشتغل على قدم وساق، وإلا ما معنى أن يستوزر بن يونس، الذي يعرفه الجميع من هو، لهذه المهمة بالذات، ثم يدورون عليه، بعدما دار الشعب عليهم: بمن فيهم الأئمة الموظفون الموالون للحكومة وليس فقط السلفيون؟
وجدت نفسي فجأة أنا هو عمارة بن يونس وقد أُقِلت (ولم أستقل) من الوزارة، فلم أجد شيئا آخر أقوم به سوى ما هيّأته لتقاعدي و“حسن خاتمتي“: مستوردا وموزعا ومنتجا للخمور، من أجل تدعيم النشاط الفلاحي والاقتصادي والثقافي والفكري (في انتظار زراعة الزطلة “للتكيّف” مع الأوضاع!). فكان أول ما قمت به من أجل الترويج للخمور الجزائرية مسابقة ضخمة تتمثل في جمع“بوشونات” البيرة من أجل نيل جوائز كبرى وكانت المنافسة الكبرى حول شعار: اجمع 10 بوشونات.. واربح عمرة لشخصين!
وأفيق وأنا أتعوذ بالله من كل رجس شياطين العباد في هذا البلاد!