-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الشاعرة والروائية الشابة هدى درويش لـ"الشروق":

هذه تجربتي في تحويل نصوصي إلى أغان وأطمح للكتابة للشاب خالد!

حاورها: محمد عبدون
  • 1955
  • 1
هذه تجربتي في تحويل نصوصي إلى أغان وأطمح للكتابة للشاب خالد!

تتحدث الشاعرة والروائية هدى درويش في هذا الحوار للشروق عن ديوانها الذي ترجمته للفرنسية وعن تجربتها في تحويل نصوصها الشعرية إلى مقاطع غنائية، وتكشف عن طموحها في كتابة أغان للشاب خالد!

لماذا الترجمة إلى الفرنسية وليس إلى الانجليزية الأكثر انتشارا ؟
بكل تأكيد، الانجليزية أكثر انتشارا وسؤالك يذكرني برائعة النبي لجبران خليل جبران، التي كتبت بالإنجليزية أصلا ومن بعدها إلى العربية ترجمة، وهذه معلومة لا يعرفها الكثيرون، يقال وقتها إن رائعة النبي تم تصنيفها في الولايات المتحدة الأمريكية انجيلا أدبيا …! ولولا الترجمة لما بُعِث جبران في لغته الأم، تخيل !
فكل ترجمة هي ميلاد جديد للكاتب في حياة قارئ جديد وثقافة جديدة.
توجد مشاريع في المستقبل القريب للترجمة للغة الانجليزية والكردية أيضا…لكنني أملك الشجاعة دوما في أن أنتقي الأسماء التي أتعامل معها وأن أرفض كل ما لا يمكنه أن يقدّم روح النص بكل حذافيرها، فإن لم تجمع بيني وبين المترجم كيمياء تجعله ينصهر في دواخل النص، سيكون التعاون بالنسبة لي في غاية الصعوبة .. أو ربما مستحيلا…وسر القاصة التونسية نجاة البكري التي عملت على ’’لأنك دائما تكون غيرك’’ وحولته إلى هذا العمل الرائع والعميق هو التشابه في الأفكار والشعور بالنص، فمعها أعدت قراءة ديواني من جديد وأعدت التفكير واستحضار ما كتبت ولماذا وكيف… !

لماذا الكأس الأخيرة وماذا يعني ذلك؟

هي عبارة موجودة في اللغة الفرنسية منذ القدم… ’’أن تشرب حتى نهاية الكأس’’ .. تقال عن المرارة في صيغة إيحائية وعن طول الحديث ربما وعن صدق البوح وعن جمال الرفقة، وكأنك عند نهاية الحديث تكتشف وجها لحقيقة معينة كنت تحاول تفسيرها منذ زمن أو لم تفهمها بالقدر الكافي وقتها… أو كنت تحتاج أن تبوح بها كي تحسن النظر إلى ذاتك …. للفكرة هوية أولى تختلف عن هويتها الأخيرة وكأن ثقل الكأس تكشفها لك!

هل هناك من مازال يتذوق الشعر في هذا الزمن؟

بل حتى تفنى هذه الحياة، لا شك لي أبدا في أن الشعر أسلوب حياة قائم بذاته، هو متنفس ومهرب وملجأ للقلوب الرقيقة والأرواح الراقية، صحيح أن وسائل التواصل الحديثة وغيرها أصبحت تحتل شيئا فشيئا مكانة الكتاب للأسف، وحتى مكانة الرسائل، قلّ الشغف في العموم ربما لكن ذائقة الشعر أبدية وخالدة وتتجدّد جيلا بعد جيل.

حدثينا عن تجربتك في تحويل قصائدك إلى أغان؟

الإطار الزماني للتعاون كان في الجنوب الإسباني، حيث اعتكفت على قراءة لوركا العظيم وسهرات الفلامنكو الصارخة، وفي حنجرة كل مغنٍ للفلامنكو وفي كل صفقة يد للراقصين الغجر التي تسمى ’’بالماس’’ ترى وجه يوركا، هنا ولدتْ بداخلي الرغبة في القصيدة المغناة وهي تختلف عن النصّ الشعري غير الموجه للغناء طبعا..!
ما كانت تعني لي الفكرة كثيرا قبل أن تجمعني التجربة مع الدكتورة مارلين يونس، الفنانة اللبنانية الملتزمة بالترنيم الكنائسي، مارلين فنانة حقيقية وصوتها رخم وطربي على طبقة الألتو الصعبة في الآداء، وهي دكتورة بالجامعة اللبنانية أيضا واختصاصها هو الفلسفة، شعرت حين سمعت قصيدتي أسرار بيروت بصوتها وألحانها وتوزيع الملحن الكبير جورج مرعب، أن النص كان ميتا وأنها تفخت فيه ببوقها وأعطته قبلة حياة حقيقية، وأعود هنا أيضا الى مسألة الكيمياء الجامعة بين المؤدي والكاتب، قد تشترط اللقاء والصداقة لنفهم النص أكثر مثلما حدث في أسرار بيروت وأيضا في ليلة شتاء مع الفرانكوجزائرية لينا الزاوي بصوتها الرائع وأسلوبها المدهش، أعتبر كمثال ناجح جدا الثنائية أحلام مستغانمي وجاهدة وهبة …مارسيل خليفة ومحمود درويش، أو كاظم الساهر ونزار قباني مع فرق الزمن والجيل، الشعر فكرة خالدة قد تغنى ولو بعد ألف عام! وحصريا أبوح للشروق أيضا أن الفنانة الفلسطينية الراحلة ريم بنا، حين كانت تتعافى من السرطان في الفترة الأخيرة وقبل أن يهاجمها شبح المرض من جديد، كنا سنحضر فكرة لأورشليم معا، وشاء القدر عكس ما شئنا، رحمها الله.

لماذا لا توجد مبادرات من هذا النوع لتحسين الغناء في الجزائر وتطهيره من الكلمات الهابطة؟

لو سألتني بصيغة أخرى مع َمنْ من الفنانين تحبذ هدى درويش التعاون في كتابة الكلمات، لقلت لك وسأكون أنانية وفخورة… مع فناني الجزائر بالدرجة الأولى، وبخلاف أحلام مستغانمي مع احترامي لها طبعا ـ لو أمكن لي التعاون مع الشاب خالد لكتبت له الكثير عن الجزائر والحب والغربة والهوية، فنحن الآن في مرحلة تجاوز الخلافات والفروقات وليس علينا أن نظل بنفس العقلية وأن تظل الهوة بين المثقفين والفنانين واسعة وعميقة وأحيانا مليئة بالأحقاد…
إن هذه الهوة هي التي فتحت الباب على مصراعيه أمام الدخلاء على الفن وروّجت لمستوى الأغنية الهابطة!
وغيره من الفنانين الجزائريين طبعا فهنالك أصوات جميلة شابة وقديرة على حد سواء، أحب كريمة نايت جدا، وكارلا شمعون وغادة شبير ونسمة محجوب ونداء شرارة وأميمة الخليل، القائمة طويلة والمشاريع الجديدة قائمة وأفكارها متنوعة. شرطي الوحيد أن يكتب اسمي على عمل يغني ـ كما فيروز ـ الحب والوطن والإنسان، أرفض أي تسييس أو تحوير أو تمجيد لأسماء أو توجهات معينة!

ماذا عن روايتك الجديدة أين وصلت؟

رواية كوكينيا تحت الطبع دائما وبسبب تطوّرات فيروس كورونا تعطلت أشياء قانونية كثيرة، لأنها الرواية الأولى التي ستصدر لي في طبعة عربية وليست محلية، بمصر، وسأفصح عن باقي التفاصيل احتراما لبنود التعاقد مع ناشري، في الوقت المناسب وسيكون قارئ الشروق أول من يحتفي بذلك.

ماذا بقي من محمود درويش؟

لا يبقى من الشاعر شيئا حين يرتاح، ومحمود درويش عاش حزنا ومرارة جعلت منه رجلا عظيما، جعلت كل الكون بلاده بوكالة لاجئ، تقذفه المرافئ من رحم الحجر ويسكنه وطنه كتفاصيل صنم مجنح!
كل النساء تحملن في دواخلهن ’’ريتا’’ بوجهها وخصلات شعرها الذهبية وصوتها وحضورها وكل عاشق حقيقي يحمل بين ضلوعه رجلا لا يقسو على حبيبته سوى في العناق، وبقي فينا أننا نحمل اليوم وطنا عربيا يهترئ بعدما كانت فلسطين المستعمرة الأخيرة في الشرق الأوسط، أصبحت كل البلاد مستعبدة، نحمل الدمار الآن والدم والموت والعنصرية والمذاهب والطوائف، نحمل دمشق ’’حيث لا دمشق هنا’’، كما كتبت الروائية السورية الراحلة قبل أيام “رغدة حسن”، نحمل بيروت بوجه شاحب ومرفأ ميت وشعب فار وخبز قمحي بلون الغار يحن إلى أمهات ثكالى وشهيدات، ونحمل بغداد المشوّهة وليبيا الممزقة وصنعاء بلا ألوان!، هل ترى ما تبقى من محمود درويش فينا!!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • خليفة

    احلام مستغانمي كانت على حق في رويتها للراي و كلماته الخادشة للحياء ،و عندما نفقد الذوق الفني تستولي علينا التفاهات ،و انت تريدين السير في الاتجاه المعاكس و ضد التيار فقط من باب خالف تعرف ،او ربما تريدين الشهرة عن طريق الشيخ خالد، و لكن سيكون الدوام للاصيل ،و سيتبخر كل دخيل.