-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تحذيرات من تكرار فاجعة عين ولمان بمدن أخرى

مخازن مفخخة!

بن يغزر أحمد
  • 15292
  • 7
مخازن مفخخة!

تحولت المستودعات إلى قنابل موقوتة مرشحة للانفجار في أي لحظة، بعد استغلالها في نشاط صناعي أو تجاري، يبدأ في شكل استثمار خفي أو علني، وينتهي بمأساة تسقط فيها الأرواح وتتهاوى معها الجدران والممتلكات.

مناطق صناعية تتداخل مع الأحياء السكنية

حادث الانفجار الذي وقع بعين ولمان بجنوب ولاية سطيف، سقطت فيه أرواح وجرحى، وخلف حالة من الرعب بالمدينة سببها شحنة من العطور كانت مخزنة في المستودع السفلي لبناية فردية التهمتها النيران بما فيها. وامتدت ألسنة اللهب إلى الجيران في مشهد مفزع كأنه مقطع من فيلم رعب هز النفوس والأفئدة.

أحياء سكنية تتحول إلى مناطق صناعية

لنا أن نعلم أن هناك أمهات وأطفال كانوا في بيوتهم آمنين منشغلين بتحضير العشاء ومشاهدة التلفاز، وفجأة غمرتهم جبال من النار لم تترك لهم فرصة للهروب. والنتيجة جثث متراكمة في أكثر من زاوية، ومنها مشهد أم تفحمت وهي تحضن ابنها، والاثنان فارقا الحياة ولقيا مصيرا غير متوقع. فهل يكفي أن نعزي ذويهم وندعو لهم بالرحمة ونذكرهم بالقضاء والقدر. وننسى العوامل التي اجتمعت قبل بلوغ هذا المصير.
إن النمط العمراني في الجزائر بلغ درجة متقدمة من الانحطاط، وطبعته الفوضى المتنامية مع كل بناء جديد، وكل حي سكني ينبت من تحت الأرض يحمل معه بذور الدمار الشامل، وأغصان الفوضى وأوراق المنظر البشع، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمساكن الفردية التي يتعالى أصحابها في بنايات تحتها ألغام خاملة.

أحياء سكنية أم مناطق صناعية؟

ففي ذهنية البعض السكن للإقامة والاستثمار في نفس الوقت، حتى وإن كان النشاط لا يتناسب مع طبيعة الحي السكني، ولذلك نجد ورشات بحجم مصانع تتموقع أسفل سكنات تقطنها العائلات. وقد تم ضبط ورشات بولاية سطيف وغيرها من الولايات في أسفل البنايات السكنية تختص في تصنيع مواد التجميل ومواد التنظيف، وتستعين بمختلف المواد الكيميائية المعروفة بسرعة الالتهاب. وهناك ورشات تستغل لصنع الحلويات بالاستعانة بأفران كبيرة، وأخرى فيها ماكينات تشتغل بالغاز وكهرباء الضغط المرتفع، وسط ظروف مهيأة للانفجار في أي لحظة. ونجد هذه الورشات أيضا في أسفل العمارات الآهلة بالسكان وتشتغل بصفة عادية. وما أكثر الورشات التي تنتشر بحي حشمي بسطيف، والتي تستغل لتصنيع مختلف المنتجات التي من المفروض أن تكون داخل منطقة صناعية بعيدة عن الأحياء السكنية.
في هذا الحي تجد أيضا ورشات للنجارة وأخرى للتلحيم وتحويل الحديد، والتي إلى جانب الخطر الذي قد تحدثه وسط السكان، وجودها يسبب أذى كبيرا للجيران يبدأ بالأصوات المزعجة، ويمتد إلى الروائح الكريهة والأمراض الناجمة عن تلك المواد الكيميائية وفي مقدمتها الطلاء الذي يتطاير في الهواء ويلوث المحيط.
إلى جانب الورشات، هناك من يؤجر المستودع، ويحوله الى مخزن، وهي ظاهرة نجدها في سطيف وفي مدينة العلمة، أين يتعمد التجار الكبار استغلال المستودعات لتخزين البضائع، التي تتنوع بين مواد خطيرة كسوائل التنظيف والعطور ومواد التجميل، وهناك مخازن للبطاريات والزيوت والسوائل القابلة للالتهاب.
والبعض يلقي باللوم على المهندسين الذين يصممون السكنات الفردية ويشجعون هذا النوع من النشاط، لكن حسب السيد حسام وهو مهندس من ولاية سطيف، فإن التصميم الخاص بالمساكن الفردية الذي يتضمن مستودعات في طابقه الأرضي الغرض منه ركن السيارة واستغلاله كمرآب، والمهندس لا يصممه لأهداف استثمارية، لكن ذهنية البعض هي التي تجعلهم يبحثون دوما عن دخل إضافي سواء بفتح ورشة أو تأجير المستودع ليتحول إلى مخزن يضمن له دخلا شهريا.
ومن جهة أخرى يؤكد الرافضون للظاهرة، المستودعات القاتلة على دور شرطة العمران، ومصالح البلدية التي لها صلاحية محاربة هذا النشاط الذي استفحل في الأحياء السكنية وحولها إلى منطقة نشاطات سفلية امتدت كبقعة زيت لتحاصر السكان في مخادعهم، فتجدهم ينامون فوق حقل ألغام وهم يحسبون أنفسهم من المستثمرين الذين يستغلون سكناتهم مرتين، تتعلق الأولى بالإقامة والثانية عبارة عن نشاط يضمن لهم دخلا إضافيا، وهو الوجه الأسود للعمران في الجزائر.

وزارة التجارة تتحرّك في أعقاب انفجار عين ولمان:
تحقيق حول النشاطات الممنوعة في الأحياء السكنية!

يرتقب إيداع تقرير شامل عن سبب الانفجار المسجل على مستوى ولاية سطيف بسبب تكدس كميات كبيرة من العطور ومواد التجميل داخل إقامة سكنية على طاولة وزير التجارة، لتحري إذا ما كان سبب الحريق ممارسة نشاط تجاري ممنوع أو تخزين مواد سريعة الانفجار بمستودع في منطقة آهلة بالمواطنين، في حين ذكّرت وزارة التجارة بشروط الحصول على سجل تجاري للأشخاص الراغبين في ممارسة هذا النوع من النشاطات.
طرح مشكل اندلاع الحرائق في الورشات والمستودعات المصنفة في خانة النشاط التجاري بالأحياء الشعبية مؤخرا، عدة تساؤلات حول مدى قانونية النشاط ومدى احترام معايير الأمن والسلامة، وحتى الأسباب التي جعلت السلطات المعنية تبقي على هذه النشاطات الخطيرة وسط التجمعات السكانية وإن كانت التحقيقات الأمنية الأخيرة حول حادثة عين ولمان لم تحدد بعد أسبابها وخلفياتها، إلا أن مدير تنظيم الأسواق والمهن والنشاطات المقننة في وزارة التجارة أحمد مقراني قد كشف في تصريح لـ”الشروق” عن فتح تحقيق معمق للكشف عن أسباب الانفجار الذي وقع في أحد المنازل في ولاية سطيف والذي أودى بحياة 8 أشخاص، مشيرا أن التحريات لا تزال مستمرة بهذا الخصوص خاصة أن كل النشاطات التجارية القانونية تخضع لرخص مسبقة وكذا لتحقيقات معمقة تشارك فيها لجان موسعة على مستوى البلديات قبل حصول الشخص المعني على ترخيص.
وحسب أحمد مقراني، فإن الوحدات الصناعية والمخازن والورشات في الأحياء الشعبية ممنوعة خاصة تلك التي لها علاقة مباشرة بالمواد سريعة الالتهاب سواء كانت مواد التنظيف أو التجميل أو حتى المواد الخطيرة المضرة بصحة المواطن، مشيرا في هذا الصدد أن مصالح وزارة التجارة تتحرك تلقائيا بمجرد ورود معلومات حول نشاطات مشبوهة في الأحياء السكنية متعلقة بأشخاص يستوردون أو يصنعون مواد خطيرة قائلا: “كل المواد التي تشكل خطرا على أمن ومصلحة المستهلك تخضع لرخصة مسبقة وهناك قوانين ضابطة في هذا الشأن”، ليضيف: “نحن ننتظر التقرير الصادر عن مصالحنا في عين ولمان من أجل معرفة حقيقة الانفجار ونوعية النشاط الممارسة في تلك المنطقة”. وحسب مدير تنظيم الأسواق والمهن المقننة بوزارة التجارة، فإن القانون رﻗﻢ 04-08 المؤرخ في 14 أوت ﺳﻨﺔ 2004، والذي ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺸﺮوط ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ قد حدد طريقة ممارسة أي نشاط تجاري سواء داخل الأحياء السكنية أو خارجها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • سيف الدين رسام الخرائط

    الحل يكمن في استحداث مناطق حرفية بعيدا عن السكان

  • hakim

    ولماذا لا يتم التبليغ عن هذه الورشات غير القانونية من قبل المواطنين اما ان الدولة ستقوم بزرع كاميرات داخل البيوت ايضا لتراقب نشاط قاطنييها ؟؟

  • الباتني

    شكرا على الموضوع الهام اتمنى من السلطات نقل الانشطة الى مناطق النشاط الصناعي

  • عادل

    واين لجنة الأمن والسلامة التي بدون توقيعها تمنع ممارسة اي نشاط الا بعد تحقيق جميع شروطها . هكذا تمارس النشاطات في الدول الحديثة

  • عمر

    اين السلطة؟ اصبحت الاحياء السكنية عبارة عن مصانع عشوائية و وورشات و مخازن تزعج و تشكل خطر على الجيران

  • جثة

    سكنات او مناطق صناعية ؟ اين الرقابة ؟

  • مواصنة

    حي أولاد بلحاج كله ورشات vernis طلاء الأثاث و الأبخرة حول السكان كبار السن وصغار يعانون الربو والحساسية واذا حدث تماس كهربائي لا نعلم نتائجه و لا أحد يتحرك السلطات والرقابة همهم الضرائب