-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
إيجار بعضها بلغ أربعة ملايين لليلة واحدة

أسعار كراء المساكن الشاطئية تناطح السحاب

ب. يعقوب
  • 5741
  • 0
أسعار كراء المساكن الشاطئية تناطح السحاب

تحولت “الشّقق الموسمية” في المدن الشاطئية الجزائرية، إلى خيار اقتصادي مريح بالنسبة للعديد من العائلات، التي فضلت قضاء عطلتها الصيفية في شقق مخصصة للكراء اليومي، أفضل بكثير من ولوج فنادق وإقامات سياحية بمبالغ لا تقل عن 12000 دج لليلة الواحدة أو ما يزيد عن 20 ألف دج في المدن الساحلية الكبرى على غرار، وهران، مستغانم، بجاية وعنابة، بحسب المعطيات المتوافرة بحوزة “الشروق”، يكلف قضاء يوم واحد في إقامات عين الترك في وهران أكثر من 25 ألف دينار جزائري، بحجة أنها مطلة على الشواطئ لا أكثر ولا أقل.

ارتفعت أسعار كراء الشّقق الشاطئية منذ حلول شهر أوت، في الساحل الغربي لوهران، المعدة لاستقبال المصطافين في صيف هذه السنة، بنسبة تراوحت ما بين 20 و30 في المائة، بخلاف العامين الماضيين اللذين تزامنا وجائحة كوفيد- 19، إذ وصل سعر المبيت في إحدى الشّقق العائلية إلى 17000 دينار جزائري خاصة الإقامات غير البعيدة عن منتزه “إيدان” في عين الترك، بعدما كان في السابق لا يتجاوز 7000 دج أو أقل بكثير في صيف 2020.

كما ارتفع ثمن الكراء اليومي في شواطئ شرق مستغانم خاصة في بلديات سيدي لخضر، بن عبد المالك رمضان ومستغانم شرق، بشكل جنوني من 4000 دج في العامين الماضيين إلى 22000 أو 30000 دينار جزائري، فيما صعدت الأسعار في المنتجعات السياحية في ذات الضاحية إلى 42000 دج لليلة الواحدة، وهو السعر تقريباً الذي يفرض نفسه في شواطئ تلمسان لاسيما “موسكاردا” بمرسى بن مهيدي، وينطبق ذلك على شواطئ غرب الجزائر العاصمة وعنابة بحسب ما توافر من معطيات ميدانية لـ “الشروق”.

وصار العديد من الجزائريين المتوفرين على منازل شاغرة يفضلون تأثيثها وتخصيصها للكراء اليومي، خاصة في فصل الصيف، نظرا لما يدره ذلك من عوائد مالية مهمة ناجمة عن الرواج التي تعرفه السياحة وترويج “المنتج المحلي” في هذه الفترة من السنة، لكن “مشكلة هذه الشقق المعروضة للكراء لليوم الواحد، تكمن في أنها أنشطة تجارية تنتمي إلى الاقتصاد غير المهيكل”.

جشع الوسطاء لا شاطئ له

كما يساهم السماسرة في نفور الكثير من الراغبين في تمضية الوقت في المناطق الشاطئية، حيث غالبا ما تصطدم رغباتهم بـ “طمع” سماسرة الكراء اليومي لذات السكنات، الذين لا غرابة أن تصادف صفا منهم يلوحون بالمفاتيح ويتفاوضون مع الزبائن عند مدخل المناطق الساحلية، على غرار صابلات في مستغانم أو تنس شمال الشلف وعين الترك في وهران، التي غزاها بقوة “السماسرة” في فصل الصيف، مستغلين بذلك تفضيل العائلات الجزائرية للشّقق المفروشة “المستقلة” على الفنادق، لأسباب تتعلق أساسا بالوضعية المادية لهذه الأسر أو أسباب اجتماعية بحتة تلخصها بعض العبارات من قبيل “قضاء إجازة في شّقة مكونة من غرفتين أو ثلاث أفضل من حجز غرفة بإقامة سياحية”.

ويستفيد “الوسطاء” ماديا ويحصلون على عائدات مالية مهمة، عبر رفع سعر الكراء إلى مستويات خيالية، خاصة خلال فترة الصيف التي تعرف طلبا متزايدا على هذه الشّقق، ذلك أنهم في أغلب الحالات يتكلفون بالكراء بإيعاز مباشر من صاحب المسكن، الذي يمنحه نسبة 10 إلى 15% من التكلفة الإجمالية للكراء.

إلزامية تقنين النشاط

ويرى “عبد القادر خروبي”، أستاذ في القانون العام بجامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف، أن هذه الشّقق، هي ملجأ كثير من الجزائريين، من مختلف الطبقات، باستثناء بعض المغتربين الذين يستهدفون المنتجعات السياحية غالية الثمن للاستمتاع بمرافق هذه الأخيرة، لكن بات من الضروري، تنظيم هذا القطاع من أجل حماية المستهلك من كل أشكال الاستغلال والابتزاز الذي يجسده التلاعب بالسعر الكرائي من طرف الوسطاء، لافتا إلى أن هذه الخدمات العشوائية، لا تخلو أيضا من مخاطرة، مردفا بالقول في تصريح لـ “الشروق”: “حين نسمع أن هناك مؤسسة فندقية مصنفة، فنحن نعرف أن هناك لجانا مختلطة زارتها وأكدت أنها تستجيب لجميع الشروط وظروف الإقامة المريحة من ضمنها السلامة، وهو الأمر الذي لا يوجد في غالبية هذه الشّقق”، متسائلا: “لو وقعت حادثة مثلا، هل سنجد أن هناك تأمينا لتلك الشّقة؟”، مبرزا أن “هذه المخاطر يتقاسمها صاحب الشّقة بدوره، إذ بإمكان أن تكون هذه الشّقق، منفذا لمطلوب ما من الجهات القضائية لتورطه في قضايا إجرامية مختلفة، حيث يبرم عقدا معنويا مع صاحب الشّقة بعدم التبليغ عنه مقابل مضاعفة سعر الكراء”.

وبحسب محدثنا، فإنه صار من الأهمية بمكان، تقنين هذا النشاط وإخضاعه إلى القانون، لكي تُصبح مهيكلة وتستفيد الدولة من ضرائبها، وذلك عبر صياغة دفاتر شروط تراعي القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، لتشجيع هذه الخيارات التي يفضلها السائح الجزائري تحديداً.

وقال خروبي: “إن الكثير من الجزائريين يعمدون إلى قضاء عطلة الصيف في شّقق مفروشة في سواحل الوطن خاصة في شواطئ الغرب، حيث الهدوء والسكينة وسحر الشواطئ، غير أن هذه الامتيازات سرعان ما تتبخر بسبب ارتفاع المصاريف التي يطلبها قضاء العطلة الصيفية”.

وذكر “مصطفى. ك”، جزائري مغترب مقيم في مونبلييه الفرنسية، أن هناك المئات من أبناء الجالية الجزائرية في المهجر، يفضلون العودة إلى ديار الوطن لقضاء إجازة الصيف في سواحل الجزائر، بحثا عن الاستجمام والتّرويح عن النفس، غير أن هذه الآمال التي يحملونها غالباً ما تصطدم بعراقيل، يكون سببها “الإفراط” في الغلاء، سواء في كراء الشّقق أم الفنادق للمبيت، حتى أن بعض المقاهي والمطاعم والمحال التجارية، تعمد إلى رفع أسعارها بشكل مبالغ فيه، خاصة في المدن الشاطئية.

من جهة أخرى، رأى أحد مسيري إقامة سياحية في بلدية بن عبد المالك رمضان في شرق مستغانم، رفض ذكر هويته، أن هناك عدة أسباب موضوعية تبرر غلاء أسعار الفنادق والمنتجعات السياحية في فصل الصيف، مبرزاً أن هذه المؤسسات الفندقية، تظل فارغة طوال السنة ويتم فتح أبوابها صيف كل عام في مدة لا تتعدى 90 يوما.

وذكر المصدر بعينه، أن هذه الشّقق مجهزة بكل ما يخص حاجيات الإقامة من إنارة، نظافة، معدات الترفيه، الطبخ ومطاعم ومسابح وشواطئ خاصة، مشيراً إلى أن “جائحة كورونا” عصفت بكثير من المؤسسات الفندقية في المدن الساحلية، فهناك من قاومت الوضع وأخرى أشهرت إفلاسها وقامت بتسريح عمالها دفعة واحدة، الأمر الذي يستدعي تكثيف النشاط في مثل هذه الأوقات لتعويض ما فات من خسائر ضخمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!