الاختبارات الاستدراكية… فرصة إنقاذ حقيقية للمتعثرين دراسيا

دعت مديريات التربية للولايات رؤساء المؤسسات التربوية للأطوار التعليمية الثلاثة، إلى إعداد قوائم التلاميذ المعنيين باجتياز الاختبارات الاستدراكية، التي ستجرى بعد الانتهاء من إجراء امتحان شهادة البكالوريا، دورة جوان 2025، مع السهر على تجنيد لجان حراسة وتصحيح، تضمن الشفافية والمصداقية لمثل هذه التقييمات، مع الحرص أن تكون الأسئلة في متناول المتعلمين، وذلك قصد تحقيق الهدف المبتغى وهو منح “فرصة إنقاذ” تربوية، تهدف إلى منح هؤلاء التلاميذ هامشا إضافيا لتدارك التعثر الدراسي، وتثمين الجهد المبذول خلال الموسم الدراسي.
“إنصاف تربوي” لأصحاب معدلات 9 و9.99
أفادت مصادر “الشروق”، بأنه مع اقتراب نهاية السنة الدراسية، تتجّه أنظار العديد من الأولياء وأبنائهم إلى موعد 24 و25 جوان الجاري، حيث ستجرى الاختبارات الاستدراكية التي أقرتها وزارة التربية الوطنية، لفائدة التلاميذ الذين تتراوح معدلاتهم السنوية بين 9 و9.99 من عشرين، ولم تمكّنهم نتائجهم المدرسية من الانتقال إلى القسم الأعلى، وعليه، فإن هذا الإجراء الذي سيجسّد للسنة الثالثة على التوالي، يعد فرصة “إنقاذ تربوية” بامتياز، تهدف بالأساس إلى رفع مستوى التحصيل الدراسي، وبالتالي، التقليل، إلى حد كبير، من نسب الإعادة وحماية التلاميذ من الشارع.
وفي هذا السياق، لفتت مصادرنا إلى أن هذه الخطوة تعد إحدى آليات “العدالة التربوية”، والتي تعكس تحوّلا نوعيا في فلسفة التقييم داخل المنظومة التعليمية الجزائرية، فقد جرت العادة في سنوات مضت على أن المعدل النهائي هو الفاصل الوحيد بين النجاح والإعادة “الرسوب”، من دون مراعاة الحالات القريبة من العتبة، أو الأسباب الظرفية التي قد تكون أثّرت على الأداء المدرسي للتلاميذ وأدت بهم إلى التعثر.
وعليه، تؤكد ذات المصادر، أن الاختبارات الاستدراكية، والتي ستبرمج بعد الانتهاء من تنظيم اختبارات امتحان شهادة البكالوريا، تعطي التلميذ المتعثر نسبيا فرصة ثانية، وترسل رسالة تربوية مفادها أن الفشل الدراسي ليس نهاية الطريق، بل مرحلة قابلة للتجاوز بالعمل والمثابرة، كما تعمل على تعزيز ثقافة “التقييم المرحلي” بدل الحكم القاطع، وتساهم بذلك في التقليص من نسب الرسوب، خاصة في الطورين المتوسط والثانوي.
لضمان الشفافية… تعليمات لتخصيص لجان تصحيح وحراسة
ومن الناحية التنظيمية، أبرزت المصادر نفسها، بأن مصالح مديريات التربية للولايات، قد وجّهت تعليمات لرؤساء المؤسسات التربوية للأطوار التعليمية الثلاثة، تحثهم من خلالها، على أهمية الشروع في إعداد قوائم التلاميذ المعنيين بالاختبارات الاستدراكية، إلى جانب الحرص على ضبط جداول زمنية دقيقة، فضلا عن تخصيص لجان حراسة وتصحيح تضمن الشفافية والمصداقية، بالإضافة إلى اعتماد مواضيع تتماشى مع محتوى البرامج الدراسية الرسمية، مع الحرص على أن تكون الأسئلة في متناول فئة التلاميذ المعنيين، من دون إغفال الفروقات الفردية بينهم.
وبناء على ما سبق، أشارت مصادرنا إلى أن هذه الإجراءات قد لقيت استحسانا كبيرا من قبل أولياء التلاميذ، الذين عبّروا عن ارتياحهم لما اعتبروه فرصة إنقاذ حقيقية، خاصة في ظل التحدّيات التي تواجهها العائلات الجزائرية، في مرافقة أبنائها دراسيا.
ومن جهتهم، أكد العديد من الأساتذة والتربويين على أهمية هذه التجربة، شريطة ألا تفرغ من محتواها التربوي وتحوّل إلى مجرد فرصة للترقي الآلي بمعنى الانتقال الآلي بدون ضوابط ومعايير.
نحو تقييم شامل للتجربة
واستخلاصا لما سلف، جزمت مصادرنا على أن نجاح هذا الإجراء يبقى مرهونا بمدى جدية المتعلمين، وتوافر الظروف النفسية والبيداغوجية المناسبة لاجتياز هذه الاختبارات في أجواء محفّزة، خاصة في الوقت الذي ينتظر من الجهات الوصية تقديم حصيلة دقيقة بعد نهاية العملية، لتقييم مدى فاعلية هذه الآلية في تحسين مؤشرات النجاح، وتثبيت “ثقافة التدارك” في الذهنية التربوية الوطنية.
وبالتالي، فهذه الاختبارات الاستدراكية، تمثل أكثر من مجرد “فرصة أخيرة”، بل إنها ترجمة فعلية لمبدأ “لا أحد يقصى بسبب تعثر طفيف”، ودعوة مفتوحة للتلاميذ كي يثبتوا قدرتهم على النهوض مجدّدا بثقة وعزيمة.