-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
شركات أجنبية تجنّد جزائريين لتهريب الأموال والذهب

التسويق الشبكي… جريمة مسكوت عنها!

وهيبة سليماني
  • 14873
  • 3
التسويق الشبكي… جريمة مسكوت عنها!
أرشيف

أثرت جائحة كورونا في حياة كثير من الجزائريين، وأدت القيود الصحية التي فرضت في إطار تدابير الوقاية للحد من عدوى الفيروس، إلى ارتفاع حاد في خسائر الوظائف والدخل، ومحدودية في القدرة المالية، ووجدت الكثير من العائلات نفسها في دائرة الفقر، وصعب عليها توفير لقمة العيش ومواجهة ارتفاع فاحش للأسعار، وبات كسب المال حلم النجاة، فالكل يريد أن يربح..
“كيف تصبح مليونيرا” و”حقق حلمك”، “كيف تتخلص من البطالة”، “هل أنت عازم على الفوز؟”، شعارات أغرت شبابا هربوا إلى فلك الرقمنة ومواقع التواصل الاجتماعي، فتمكنت من اصطيادهم شركات أجنبية انتشرت في زمن الجائحة لتكسب أرباحها ببيع منتجاتها من خلال ما يسمى بـ”التسويق الشبكي”!

60 ألف جزائري ضحايا خلال جائحة كورونا

أكثر من 60 ألف جزائري مجنّدون، حسب تقديرات بعض المختصين في الاقتصاد، في شركات التسويق الشبكي، الكثير منهم لم يجدوا عملا في الشركات المحلية فتوجهوا إلى هذا النوع من التجارة، التي استقطبت في الغالب الشباب من خلال الأنترنت و”الفايسبوك”، حيث كان لجائحة كورونا الأثر البالغ في تعزيز نشاط التسويق الشبكي ودخول شركات وهمية ومجموعات احتيالية على الخط، وانتعاش الإشهار الإغرائي، ليفتح باب أحلام اليقظة في أحلك الظروف.

حلم الثراء السريع وانتعاش التجارة الإلكترونية ..فخّ الضحايا
وبخصوص هذا الموضوع، قال رئيس المنتدى الجزائري للتصدير والاستيراد والتجارة الدولية والاستثمار، محمد حساني، إن الكثير من الشركات الأجنبية التي تعمل بالتسويق الشبكي، استطاعت خلال مرحلة جائحة كورونا أن تستقطب الكثير من الجزائريين من مختلف المستويات والأعمار، لكن الشباب هم الأكثر فئة بحكم تحكمهم في الأنترنت، موضحا أن التجارة الإلكترونية انتعشت بشكل واسع خلال فترة الحجر الصحي بين 2020-2021، في ظل تعليق النشاطات التجارية التقليدية وفرض بعض القيود على حركية السوق الجزائرية.

2 مليار دولار متداولة في سوق البيع الشبكي

وأكد حساني، أن التسويق الشبكي نشاط تجاري يضم التسويق الإلكتروني، ما جعل شركات التسويق تستغل الظرف الاستثنائي، لإغراء البطالين والمحتاجين إلى دخل إضافي، بالربح السريع والثراء، حيث تفاقم التسويق الشبكي ليضم مجموعة واسعة من الشباب الجزائري الذين كانوا ينشطون في تجارات بسيطة وأعمال يومية تعطّلت بسبب الحجر الصحي.
وحسب محمد حساني، فإن التسويق الشبكي اعتمد خلال السنتين الأخيرتين، بشكل كبير على الأنترنت، حيث يبدأ شخص غريب بالمحادثة، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، “اليوتوب”، ويتظاهر بأنه نجح في تحقيق ثراء في فترة وجيزة، وينصح متابعيه بخوض تجربة العمل الإضافي عبر الأنترنت، ويقوم بعد ذلك بدعوة الضحية الذي يتفاعل معه، لمقابلات قصد شرح هذا العمل.
وأوضح حساني، أن التسويق الشبكي فلسفة تعتمد على فطرة الإنسان في الترويج والتسويق لمنتج ما، حيث يشرح الشخص المستقطب للمتفاعل معه، كيفية الربح، عارضا قصص النجاح لنماذج من أشخاص قد يدعون ذلك من خلال فيديوهات تصوّرهم في أحوال مادية مغرية كامتلاكهم لسيارات فاخرة، أو فيلات.
وقال رئيس المنتدى الجزائري للتصدير والاستيراد والتجارة الدولية والاستثمار، محمد حساني، إن الدعاية المقصودة للتسويق الشبكي من طرف عدة شركات أمريكية، وصينية، وماليزية، وتونسية، وحتى جزائرية، غزت منصات التواصل الاجتماعي، بالموازاة مع انتعاش التجارة الإلكترونية، مستغلة الظروف المزرية التي يتخبط فيها الكثير من الجزائريين، وحالة البطالة وارتفاع الأسعار، وفقدان الكثير من التجار البسطاء لأعمالهم بسبب ظروف كورونا.

خدعة صدقها الملايين!
وفي السياق، كشف الخبير في تكنولوجيا الإعلام والاتصال، يونس قرار، عن وجود وكلاء للكثير من الشركات الاحتيالية الأجنبية، التي تستعمل التسويق الشبكي لبيع منتوجات في الغالب تافهة، للمستهلك الجزائري، حيث قدر وجود 60 ألف جزائري مجندين في شركات التسويق الشبكي أو البيع المباشر للزبون، موجود في الصين وأمريكا، والهند وتركيا وإندونيسيا، وماليزيا، وتونس، موضحا أن هناك أربع شركات كبرى لديها وكلاء في الجزائر.
وقال المتحدث إن “الفايسبوك” و”اليوتوب”، “الانستغرام”، مواقع إلكترونية، اصطادت الملايين بخدعة التسويق الشبكي خلال جائحة كورونا، حيث تم إقناع بعض الشباب أن بإمكانهم ربح مليار أو ملياريْ سنتيم، خلال شهور معدودة، ودخل حسب، قرار، العديد منهم “المقامرة” بأموال وصلت إلى 50 مليون سنيتم أحيانا.
ويرى الخبير في المعلوماتية، يونس قرّار، أن أغلب السلع التي تباع عن طريق التسويق الشبكي ليس لها معنى ولا منفعة، حيث المهم هو جلب عدد الأشخاص الذين يدخلون في الشبكة والذين يدفعون مبالغ تتراوح بين 10 ملايين سنتيم و50 مليون أحيانا، حيث يمكن تحفيز الضحية على إدخال 10 أو 15 شخصا في الشبكة وربح مبلغ معتبر.
وأكد قرّار أنّ شغف الربح السريع لدى الشباب من خلال إعلانات لنماذج ناجحة، حققت الربح والملايير في مدة قصيرة، أوقع بمئات الجزائريين، فالموجود، حسبه، في أعلى الهرم الشبكي يربح أكثر مستغلا البقية في اصطياد المزيد من العناصر.

تهريب العملة في رحلات سياحية ظاهرها “التسويق الشبكي”
من جهته، أوضح الخبير في الاقتصاد الإسلامي، الدكتور فارس مسدور، أن التسويق الشبكي هو استغلال علم الرياضيات من خلال الاحتمالات والمتتالية الهندسية، وهو عملية نصب واحتيال في الكثير من الأحيان، هدفه الربح السريع من دون بذل جهد، واليوم أصبح هذا النوع من التسويق يبيع المكمّلات الغذائية وبعض الخلطات، والمراهم والأدوية، ومواد التجميل، غير خاضعة لتحليل مخبري أو مراقبة الجودة.
وأكد مسدور، أن هناك أمور خطيرة تقع تحت غطاء التسويق الشبكي، حيث تنظم ـ حسبه ـ رحلات سياحية إلى ماليزيا، وتايلندا، على أنها عمليات خيرية، تهرّب من خلالها أموال بالعملة الصعبة من الجزائر حيث يمنح كل فرد من ضمن مجموعة تضم الرحلة الواحدة نحو 50 فردا، 10 آلاف أورو للشركة الأم المتواجدة هناك التي تصطاد ضحاياها عن طريق التسويق الشبكي، وتنظم في السنة نحو 10 رحلات إلى دول آسيوية تحت نفس الغرض.
وقال الخبير في الاقتصاد فارس مسدور، إن هؤلاء يذهبون في هذه الرحلات على أنها حملات خيرية، ويوهمون بإقامة الأوقاف في هذه الدول، مضيفا أن بعض شركات التسويق الشبكي لا تملك مقرات وتروّج لمنتوجات ليست لها فائدة، يمكن أن يكون وراءها جهات إسرائيلية دخلت للجزائر عبر مصر وتونس.
وقدّر مسدور عدد الجزائريين، المجندين لخدمة شركات التسويق الشبكي المتواجدة عبر العالم، بنحو 50 ألف إلى 60 ألف شخص، كرقم تقريبي، حيث لا يمكن إحصاؤهم بدقة كون نشاطهم خارج الأطر الرسمية.

تسويق شبكي لعقارات وبنوك وهمية لرهن الذهب في الخليج!
وحذّر الدكتور فارس مسدور، من تطوّر طرق الاحتيال في إطار التسويق الشبكي، حيث أصبحت شركات أجنبية تستغل الأنترنت، لإيهام جزائريين، بمشاريع في الخليج، شراء عقارات، ورهن الذهب في بنوك في الحقيقة، حسبه، وهمية، حيث يتم اصطياد الضحايا عن طريق التسويق الشبكي.
وأكد مسدور، أن عجائز وأرامل أوهموا بالربح من خلال رهن مصوغاتهن ومجوهراتهن في بنوك خليجية، كما تورط، حسب مسدور، بعض الجزائريين، في تهريب مبالغ مالية بالعملة الصعبة، بهدف الاستثمار في الصناعة والزراعة في الإمارات وبلدان أخرى عربية من خلال شراء عقارات، وهذا بالتسويق الشبكي لهذه الصفقات الوهمية.

5% من أموال السوق السوداء يتداولها التسويق الشبكي
وفي ذات الموضوع، أشار خبير الاقتصاد الإسلامي، الدكتور فارس مسدور، إلى أن الهاتف الذكي، سهل عملية التسويق الشبكي حيث ينقر الوكلاء والممثلون لشركات هذا النوع من التسويق، على الهاتف ويتصل عبر منصات التواصل الاجتماعي، مع الأشخاص الذين يريد أن يضمهم للمجموعة المتواجدين عبر عدة ولايات، ومن خلال صور وفيديوهات ونماذج النجاح المغرية، ويتم بذلك اصطياد أفراد يربح عن كل واحد منهم نقطة إضافية.
وأكد المختص أن السوق السوداء في الجزائر تتداول حسب معطيات سابقة، 40 مليار دولار، وهو مبلغ خارج البنك المركزي، حيث تمثل مبالغ وأرباح التسويق الشبكي نسبة تتراوح بين 3% إلى 5% من هذا المبلغ، أي ما يعادل 2 مليار دولار.
وأوضح مسدور أنّ المبالغ التي يدفعها المستقطبون من طرف شركات التسويق الشبكي، ليصبحوا عناصر في الشبكة، هي مدخراتهم وتودع لدى هذه الشركات بدل البنوك الجزائرية.

ثروات تستنزف وطاقات تتبدد
وفي السياق، قال الخبير الدولي في الاقتصاد، عبد المالك سراي، إن الأموال التي تدفع للتجنيد في التسويق الشبكي، والوقت الذي يبذل من هؤلاء المجندين، هو استنزاف لموارد المجتمع وثرواته، حيث يفوّت هؤلاء الضحايا فرص بديلة للطاقات البشرية، ويهدرون أموالا كانت لابد أن تستثمر بما يسهم في التنمية الحقيقية للمجتمع، حيث حذّر من جهل مخاطر التسويق الشبكي الذي تعددت منابعه.
ووصف الدكتور سراي، ذلك بالعملية المفرغة التي لا تحوي على قيمة، خاصة أن المنتج ليس بالقيمة المطلوبة، وما يجري حسبه، هو أن الضحية يجلب مزيدا من الضحايا، وإن أكثر الرابحين حسبه، من هم في أعلى الهرم.
وأكد عبد المالك سراي، الخبير الدولي في الاقتصاد، أن التسويق الشبكي هو استنزاف لأموال الكثير من الجزائريين لصالح شركات هذا التسويق، من خلال بيع منتجات بأضعاف ما تستحقه، وتلهية كثير من الشباب عن أهم الوظائف والأعمال التي تعودوا عليها التي تعود بالفائدة على المجتمع، وبذلك تستنزف أموال الوطن وتضيع أوقات أبنائه وينطفئ طموحهم.

المستهلك غير محمي
من جهته، أوضح مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك الجزائري، أن المبدأ الأساسي للتسويق الشبكي، هو بيع منتوجات رخيصة للغاية وليست لها قيمة فعلية أحيانا، وتباع بأضعاف سعرها الحقيقي تحت غطاء بيع “الفرصة”، مضيفا أن هناك الكثير من الضحايا الذين اشتروا منتوجات في إطار هذا التسويق تتعلق بأدوية ومواد تجميل ومكمّلات غذائية، أو أجهزة إلكترونية وكهربائية، اكتشفوا أنها سلعا غير نافعة أو مضرة، وبعضها مغشوشة.
وقال زبدي، إن الترويج خلال المرحلة الاستثنائية للوباء، لبعض المكملات الغذائية، والأدوية، عبر المواقع الإلكترونية، وبيعها للجزائريين عن طريق التسويق الشبكي أي البيع المباشر، دون حماية، يهدّد صحة المستهلك، حسبه، سيما أن أغلب هذه المنتجات لا تخضع للمراقبة ولا تمر على المخابر الجزائرية.
ويرى زبدي أن على وزارة التجارة أن تلعب دورها في منع الظاهرة من خلال فرق المراقبة وبالتنسيق مع هيئات أخرى.
وفي هذا الصدد، كشف رئيس المنتدى الجزائري للتصدير والاستيراد والتجارة الدولية والاستثمار، محمد حساني، عن وقوعه ضحية التسويق الشبكي من خلال شراء أجهزة كهرومنزلية، تبين فيما بعد أن بها عطب، ولم يتمكن من استرجاع المبلغ الذي اشتراها به.

الضحايا بالمئات ومطلوب تدابير قضائية
وتأسف المحامي والحقوقي، فاروق قسنطيني، لعدم منع التسويق الشبكي في الجزائر، في الوقت الذي منعته دول مجاورة، حيث قال إن الضحايا بالمئات في الجزائر، وإن أغلبهم لا يتقدمون إلى العدالة لغياب ميكانيزمات وآليات تتابع بها شركات التسويق الشبكي ووكلاؤها أمام القضاء.
ودعا قسنطيني إلى ضرورة وضع نصّ قانوني، أو تدابير قضائية من شأنها منع وتجريم التسويق الشبكي، وعمليات الاحتيال التي تتم من خلاله، موضحا أن البيع الشبكي، ممنوع بنص القانون في العديد من الدول، وأن هناك شركات جديدة تتحايل من خلال إخفاء طريقة عملها، حيث لا يكشف أمرها إلا من خلال الضحايا.
وقال المحامي قسنطيني، إن ما يصعّب متابعة هذه الشركات قانونيا، عدم معرفة أعضاءها أو المجندين فيها، لعدم قانونية عملها، حيث يسعى المجندون دائما إلى جلب ضحايا جدد بهدف استرجاع أموالهم التي استثمروا فيها، وبهذا يبقون في دوامة البيع الشبكي.
وفي هذا الإطار، اقترح الخبير في المعلوماتية، يونس قرار، استعمال دعاية معادية من خلال أجهزة الأمن ووسائل الإعلام، للدعاية التي تقوم بها شركات التسويق الشبكي عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وتأسيس جهاز معلوماتي لرصد تحركات المجندين فيها، ومنع حملات ترويجهم لسلع قد تضر بالمستهلك الجزائري.

الإغراء والربا والتدليس.. سلوكيات تحرم التسويق الشبكي
بدوره أفاد إمام مسجد القدس بحيدرة، الشيخ جلول قسول، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن “بيع الغرر”، حيث تتخلل هذا التسويق، المقامرة على المال، كما أنّ الذي يشتري المنتج لديه رغبة في الحصول على مكافأة.
وقال الشيخ قسول، إن المشترك في التسويق الشبكي يسعى لإغراء الزبون بالربح، ويدلس بهدف بيع المنتج، وإن الانضمام للشركة يأتي بنية الربح على حساب الغير، وبيع النقود بالنقود.
وكانت وزارة الشؤون الدينية قد أصدرت فتوى نشرتها على موقعها الإلكتروني، تحرم من خلالها “التسويق الشبكي”، بعد أن حرمه مجمع الفقه الإسلامي، كون أن مقصود المعاملة هو العملات وليس المنتج، إلى جانب أن التسويق الشبكي يتضمن الربا بنوعين، ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترك يدفع مبلغا قليلا من المال ليحصل على مبلغ أكبر منه، أي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، والمنتج هو ستار للمبادلة.
والغرر، حسب الفتوى، يتمثل في أن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين الجدد أم لا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • توفيق

    نصب واحتيال هذه الشركات أهون من نصب واحتيال مسؤولي الدولة على الشعب ،وانهيار القدرة الشرائية للمواطن خير دليل. الأجدر بهؤلاء الخبراء أو كما يزعمون أنهم خبراء الاقتصاد إيجاد حلول للنهوض بالاقتصاد الوطني. تبرعون فقط في التحذير من كل ما هو جديد بدل إيجاد البديل. كفاكم استغباء واستحمارا لنا.

  • ع م

    أصبح الشعب ضحية لكل الأطراف في الخارج وفي الداخل بعد الوعود الكاذبة من الدولة ماذا تنتظر من الشعب أن يعمل المواطن اليوم أصبح

  • بيرق

    هي تجارة وباب كبير لخروج العملة الصعبة وطريقة للالتفاف و لتجاوز قيود الدولة فيما يخص لا ءحة الاستيراد