-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مختصون يحذرون من عواقبه

التنمّر يغزو المدارس… و4 ملايين تلميذ يعانون

نادية سليماني
  • 7684
  • 1
التنمّر يغزو المدارس… و4 ملايين تلميذ يعانون
أرشيف

انتشرت ظاهرة “التنمّر” وبشكل كبير في الوسط المدرسي، ما جعل تلاميذ يُعانون من الاكتئاب والعزلة، وتراجع مستواهم الدراسي، وحتى لجأوا للهروب من الدراسة، ويناشد مختصّون اجتماعيّون الأهل والمعلمين بالمدارس، بتوعية الطفل وشرح له الآثار السلبية الناتجة عن سلوك السخرية من زملائه.
يتعرّض كثير من التلاميذ في المدارس، لظاهرة التنمّر والسخرية، سواء من شكلهم أو مستواهم الدراسي، أو حتى على لباسهم ومظهرهم الخارجي.. وهناك حتى من يتعرضون للسخرية من زملائهم بسبب إعاقاتهم المرضية والخلقية. وهي الظاهرة التي تنعكس سلبا على الطفل المُتنمر عليه. وفي هذا الصدد، أكدت لنا سيدة من العاصمة، أن لديها ابنا وحيدا يدرس في السنة الثانية متوسط، والأخير يتعرض للسخرية من زملائه، بسبب “وسامته”، حيث يشبّهه زملاؤه بالفتيات.
وتقول “السلوك أثر كثيرا على ولدي، وجعله يسعى لإظهار رجولته بأي طريقة. فقام بترك شاربه يطول، وكان يحلق شعره كاملا…وفي آخر مرة طلب مني تغييره من المدرسة كليا، بعد تراجع مستواه الدراسي “.
وأكدت محدثتنا، بأنها حاولت بكل الطرق، تقوية شخصية ولدها، حتى لا يتأثر بسخرية زملائه، ولكنه لم يستطع المقاومة وأصبح منعزلا عن محيطه. فاضطرت للتحدث مع أساتذة مدرسته، كما شكت للمديرة ما يتعرض له ولدها.
وسيدة أخرى، أخبرتنا بأن أولادها، يتعرضون للسّخرية من زملائهم، بسبب ملابسهم البسيطة، لأن والدهم بطال، ولا يمكنه توفير كل مستلزماتهم الدراسية. وحتى التلاميذ الذين يرتدون نظارات طبية سميكة يتعرضون للتنمّر من زملائهم.

نصف التلاميذ بالمدارس يتعرضون للتنمر

وفي هذا الموضوع، أكدت المختصّة النفسانية في الأسرة والطفولة، أفياء هيب في اتصال مع “الشروق”، بأن ظاهرة التنمّر تنتشر بشكل كبير في المحيط الذي يضم تجمّعات بشرية ومنها المدارس. وعليه لابد من توعية التلاميذ خاصة “المُتنمِّرين” بخطورة هذا السلوك على زملائهم.
وقالت “التنمر، هو أحد أشكال العنف والسلوك العدواني، الذي يمارسه طفل أو مجموعة أطفال ضد طفل واحد وبشكل متكرر”، وأكدت، بأنه طبقا لتقرير صادر عن منظمة حماية الطفولة “يونيسيف”، فيتعرض نصف الطلاب على مستوى العالم إلى التنمر والعنف داخل المدرسة وخارجها، ما يؤثر عليهم نفسيا على تنشئتهم الاجتماعية.
وللتنمّر عده أشكال، حسبها، ومنها التنمر اللفظي، ويتضمّن السّخرية من الشخص واستفزازه وتهديده. والتنمر الجسدي، ويشمل الإيذاء البدني، من ضرب وصفع. أما التنمر العاطفي، فيكون عن طريق الإحراج الدائم للشخص ونشر الشائعات حوله .
وينقسم التنمّر إلى نوعين، تنمّر مباشر، حيث يتعرض الشخص إلى أفعال مؤذية مباشرة، وتنمّر غير مباشر، ويشمل رفض الاختلاط مع شخص ما، ونقده من حيث ملبسه وعرقه ودينه ولونه.. وتهديده بالعزل الاجتماعي.

السخرية قد تتسبب في انتحار تلاميذ..

وتشير أفياء، أنه سواء كان الشخص متنمِّرا أو يتعرض للتنمّر “فإنه يصبح فريسة لمشاكل نفسية، خطيرة ودائمة”، فالتلميذ الذي يتعرض للسخرية من زملائه، سيعاني من مشاكل نفسية عديدة، أهمها اضطراب الشخصية، الإدمان على السلوك العدواني، نقص تقدير الذات وفقدان الثقة بالنفس. وأيضا تعرضه لمشاكل صحية ونفسية، كالاكتئاب، القلق، زيادة الوزن، وممكن حتى حدوث حالات انتحار.
وأضافت، بأن “التلميذ المتنمر عليه، يفقد التركيز في المدرسة، ويتراجع مستواه الدراسي، ويُصاب بالخجل الاجتماعي والخوف من مواجهة محيطه”.
فيما فسرت محدثتنا، أسباب لجوء بعض الأطفال إلى سلوك التنمر والسخرية وإيذاء زملائهم، إلى معاناتهم من مشاكل اجتماعية. على غرار تعرضهم للعنف الأسري، مشاكل نفسية يعاني منها الأطفال تجعلهم عدوانيين. أخطاء بالتربية “التربية المتسلطة” من قبل الآباء. سلوك القطيع المطبق ببعض المدارس، مثل عقاب المجموعة لخطأ شخص. كما يبحث البعض عن الشهرة واستعراض القوة، ولفت الأنظار والانتباه. “ويمكن أن يكون الشخص المتنمر، هو نفسه كان ضحية للتنمر بالماضي”…
ولحماية الأطفال وخاصة التلاميذ من ظاهرة “التنمر”، تنصح المختصة، الأهل والمُربيّن، بتوعية الأطفال والتلاميذ، حول خطورة هذا السلوك، وبأن أساس العلاقات الإنسانية هو الاحترام بين البشر.
أما في حال تعرض أي تلميذ للاحتقار أو الإهانة، فيجب الردّ والدفاع عن نفسه من خلال الخطوات التالية، إبلاغ الأهل في البيت أو المسؤولين في المدرسة وحتى إيداع شكاوى قانونية عن أي تنمّر، “وهذا ليس دليلا على الجبن والضعف، بل هو دليل على الجرأة والشجاعة، والشكوى هي إجراء قانوني ويجب على العدالة أن تأخذ مجراها.”. بالإضافة إلى تعزيز الثقة بالنفس لدى الطفل، وعدم السماح لأي شخص بالتشكيك في قدراته، مع تعداد الصفات الإيجابية في شخصيته، عن طريق مدحه وتشجيعه “ويا حبذا لو استعنا مثلا بالأقارب أو الجيران، لذكر الصفات الإيجابية لطفلهم، مع التركيز على صفة إيجابية أو مهارة في شخصية الطفل حتى يكون مُتفردا بها”. وتعليم الطفل، المرونة في التعامل مع الآخرين، وتنمية ذكائه الاجتماعي، وتكرار على مسامع الطفل عبارات “بأننا لا نعيش في المدينة الفاضلة، والناس ليسوا متشابهين، فمنهم الكريم ومنهم البخيل، ومنهم اللطيف ومنهم الخبيث ومنهم الصادق ومنهم الكاذب.. حتى لا يتعلم أن الأسلوب القاسي هو الرد الصحيح على جميع الناس، فيتحوّل إلى شخص عدواني عنيف”.
أما عن طريقة الرد على المتنمر، إذا التقاه الطفل وجها لوجه، فتنصح المختصة بـ “الحفاظ على الاتصال البصري عند مواجهه المتنمر، الحفاظ على الصوت الهادئ القوي عند مواجهة المتنمر، استخدام اسم المتنمر عند التحدث معه، تجنب الكلام بأسلوب عاطفي أو بأسلوب الترجي أو التوسل، مع المتنمر حتى يشعر الأخير بقوته، وأخيرا الوقوف على مسافة أمان من الطفل المتنمر“.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمد

    (تابع) ومن المؤسف أن يترك المدرس التلاميذ داخل القسم أو في ساحة المدرسة أو عند الدخول أو الخروج فتحدث أكثر الاعتداءات على الصغار وحتى على الكبار من طرف مجموعات في صورة عصابات.أما الكارثة المستحدثة في منظومتنا التربوية فتتمثل في تقليص الدوام الأسبوعي وطرد التلاميذ من المدرسة لأتفه الأسباب وتركهم للشارع أين يتعرضون لأسوأ السلوكات.من يجب توجيه التحذير والنصيحة له للكف عن بعث السلوك العدواني هم جميع المعلمين والأولياءوالمسؤولين في الدولة لئلا يكونوا أسوأ مثال لأبنائهم على الغير لأن كل الأطفال أبرياء إذ يعتبرون ما يقومون به مجرد لعب أو مزاح مع أقرانهم.ومع ذلك يجب منعهم من مواصلة هذا السلوك العدائي الممقوت أخلاقيا واجتماعيا.لا نبرئ أنفسنا جميعا مما يحدث لأبنائنا ونلقي اللوم عليهم ونقصر في واجباتنا نحوهم.