-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عروض متنوعة متاحة للزوار

السياحة بغليزان.. إمكانات هائلة ترهنها العراقيل

سنون علي
  • 1035
  • 1
السياحة بغليزان.. إمكانات هائلة ترهنها العراقيل
أرشيف

مع قدوم كل فصل صيف، يجد المواطن الغليزاني نفسه مرغما عن البحث عن مكان للراحة والاستجمام في الولايات المجاورة لغليزان، هروبا من شدة القيظ وحرارة الجو، التي صارت تتجاوز في أحسن الأحوال معدل 48 درجة مئوية، وأصبح الجميع من ميسوري الحال وغيرهم، وتحت ضغط عياله، مضطرا إلى تدبر شؤونه، والبحث عن مكان للتخييم فيه، سواء على شاطئ البحر أم في بعض الحمامات المعدنية، الأمر الذي أرهق كاهل أرباب الأسر، أمام الغلاء الفاحش وارتفاع أثمان الحجز في المخيمات والفنادق، فظروف السفر لا تختلف كثيرا عن القيام بنفس النزهة بين حمام بوحنيفية بمعسكر وحمام منتيلة في أدغال الونشريس بولايتهم غليزان، لكنها تختلف من حيث توفر المرافق والخدمات في الأولى، وانعدامها تماما في الثانية، وهو ما يجمع عددا من مرتادي الحمامات في حديثهم للشروق، متأسفين عن غياب سياسة سياحية بولايتهم غليزان، بالرغم من الإمكانيات التي تزخر بها والتي تؤهلها لتصبح قطبا سياحيا بامتياز.
أكد الكثيرون ممن حاورتهم الشروق، أن ولاية غليزان تفتقر إلى سياسة واضحة في مجال الاستثمار السياحي، بالرغم من الإمكانيات الضخمة التي تتوفر عليها هذه الولاية، ويرجع بعض هؤلاء ذلك، إلى ما عرفته الولاية خلال سنوات الجمر من غياب الأمن، بالرغم من محاولة السلطات اليوم استدراك الوضع، والسعي لتسجيل عدد من المشاريع في مختلف القطاعات الحيوية التي لها علاقة باستقرار المواطنين، وعدم هجرتهم لولايات أخرى، بداية بخلق صناعة سياحية حقيقية من شأنها أن تساهم في دفع عجلة التنمية المحلية، نظرا للإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها الولاية، ومؤهلاتها التي تزخر بها المنطقة، فغليزان وإلى جانب كونها تحتل موقعا استراتجيا مهما، يعتبر همزة وصل بين ولايات الشرق والغرب الجزائري وولايات الجنوب والشمال، تضم ثروة طبيعية هائلة، ومؤهلات سياحية كبيرة، تراهن من أجلها السلطات على أن تكون قطبا سياحيا نموذجيا، فتضاريسها الجغرافية، التي تشكلها سلاسل جبال الونشريس الممتدة على طول الجهة الجنوبية والجنوبية الشرقية وجبال الظهرة التي تنام على امتداد الناحية الشرقية والشمالية، تقابلها في الجهة الأخرى جبال بني شقران وجبال مناور، التي تحيط بالولاية من الجهة الغربية والجنوبية الغربية.
كما أن كثافة غطائها النباتي والغابي، الذي يضم العديد من مختلف أنواع الطيور والحيوانات البرية، ومنها ما هو مصنف في لائحة المهددة بالانقراض، كل ذلك سيمكنها إن صدقت النيّات، من تنظيم دورات صيد موسمية تجلب إليها هواة هذا النوع من القنص البري، كما أن الجبال الشامخة، صار يرفع من جمالها المسطحات المائية الضخمة المجسدة في سد السعادة ببلدية سيدي أمحمد بن عودة جنوب عاصمة الولاية، وسد قرقار بمنطقة عاصمة الونشريس عمي موسى، إلى جانب سد مرجة سيدي عابد، على محور الطريق الوطني رقم 4 بالجهة الشرقية لبلدية وادي أرهيو، فالسدود الثلاثة بها من الثروة السمكية ما يؤهلها لأن تلعب دورا في خلق نشاطات مائية ومنافسة في مجال صيد السمك القاري، فضلا عن إمكانية تحويلها إلى مدارس لتعليم رياضة القوارب الشراعية والتجديف، خاصة مرجة سيدي عابد، نظرا لموقعها المتميز المحاذي للطريق الوطني رقم 4 وكذا الموازي لخط السكة الحديدية المزدوج الرابط بين شرق البلاد وغربها، والطريق السيار شرق -غرب، كما تتخلل تلك المواقع التي تشكلها التضاريس والغابات والمسطحات المائية، عيون حموية كثيرة قدرتها مصالح مديرية السياحة بـ 26 ينبوعا بمناطق الظهرة والونشريس وبني شقران، أجريت الدراسة على 4 منها فقط سنة 1984 وتم تصنيفها، يتقدمها حمام منتيلة بأدغال الونشريس، المصنف الخامس عالميا من حيث التركيب الكيماوي لمياهه، التي تداوي كل الأمراض الجلدية، في حين لم تخضع ثلاث عيون حموية أخرى لأي دراسة، بالرغم من أنها أضحت منذ وقت بعيد، قبلة لآلاف الأسر، يقصدونها من أجل التداوي والاستجمام، قادمين من مختلف الولايات، نظرا لفائدة العناصر المركبة لمياهها، وهو ما من شأنه أن يساهم في خلق سياحة محلية على مستوى البلديات التي تقع بها هذه المنابع الحموية.

.. وللسياحة الروحية نصيب
يحتضن تراب الولاية ما يقارب 100 ضريح، من أضرحة أولياء الله الصالحين، منتشرة على كافة الأقاليم الريفية للولاية، وتعرف كل موسم توافدا للمواطنين عليها لحضور الوعدات السنوية، وهو ما يصطلح عليه بالسياحة الثقافية في شقها المعنوي والتاريخي، حيث تمزج تلك التظاهرات الشعبية المعروفة بالمنطقة بـ “الوعدة”، بين العادات والتقاليد، وهي عبارة عن مخزون ثقافي يمكن استغلاله في تطوير السياحة الموسمية، نظرا لحجم التدفق الكبير للزائرين على هذه الوعدات، أين أصبحت وعدة الولي الصالح سيدي أمحمد بن عودة وكل سنة، تستقطب ما يزيد عن 30 ألف زائر من مختلف مناطق الوطن وحتى من خارجه، لا يجدون غير أهل المنطقة لإيوائهم وإطعامهم في غياب مرافق فندقية، التي يمكن أن تحقق أرقاما معتبرة من حيث الإيواء، لاسيما وأن التظاهرة تدوم 5 أيام كاملة، وجراء ذلك، ترى الكثير من المشاركين في هذه الوعدة يفترشون الأرض ويلتحفون بالسماء، تحت لفح أشعة الشمس المحرقة، ونفس الشيء يقال عن وعدة سيدي بو عبد الله بوادي أرهيو، التي ينزل بها ما يقارب 11 ألف شخص كل موسم، يقبلون من مختلف أرجاء الوطن للمشاركة في تلك الطقوس الشعبية بقصد التبرك، بل إن الكثيرين منهم يطالبون بالحفاظ على هذا الموروث الثقافي من الزوال، هذا إلى جانب العديد من تلك المهرجانات الشعبية التي ما زالت تقام بطرق عفوية إلى غاية اليوم في كل جهات ولاية غليزان.

قصور رومانية ومعالم إسلامية تنتظر نفض الغبار
هذا الزخم الروحي الذي تتميز به غليزان، ليس هو الوحيد الذي يستقطب الزوار إليها، فهنالك الموروثات الثقافية المادية التي صنعتها أيادي الإنسان على مر العصور، التي لا تزال هي الأخرى تبحث عمن ينفض عن ماضيها الغبار، من مختلف أصناف القطع الأثرية المنتشرة عبر مساحة الولاية، أهمها القصور الأثرية الرومانية، على غرار قصر كاوة ببلدية الولجة بجهة عمي موسى، والأسوار والجسور الضخمة، كجسر مينا بعاصمة الولاية، والمعالم الإسلامية النادرة، كقلعة بني راشد ببلدية القلعة، والمسجد العتيق ببلدية عمي موسى، ومدينة مازونة العتيقة ببلدية مازونة، التي خلفتها الحضارات المتعاقبة على المنطقة، لتروي حكايات أولئك الذين مروا من هناك، وهم يمثلون جزءا من تاريخ غليزان.

مبادرات لتطوير المحيط السياحي وتشجيع الاستثمار
من منطلق أن السياحة عامل مهم في خلق التوازن البيئي، اتخذت السلطات العديد من المبادرات الرامية إلى تهيئة المحيط السياحي بولاية غليزان، من خلال سعيها للقضاء على مختلف المعوقات التي من شأنها أن تحول دون بلوغ أهداف البرامج المسطرة من قبل السلطات، فتم تحرير البرامج والمخططات التنموية للنهوض بالقطاع السياحي والارتقاء به إلى مصاف القطاعات الحيوية المعول عليها في إنجاح الاقتصاد الوطني، فمن إعادة الاعتبار إلى كامل طرقات الولاية خاصة الريفية منها وفتح المسالك الجبلية، إلى إنشاء ممرات فلاحية، مع بناء مرافق عمومية لفائدة سكان المناطق الريفية والجبلية، بقصد فك العزلة عنها وترقية وتطوير النمط المعيشي، لأكثر من 464 ألف نسمة من سكان الريف، يمثلون حوالي 70 بالمائة من سكان غليزان، المقدر عددهم بأكثر من 900 ألف نسمة، هي كلها مبادرات ومجهودات تبقى مرهونة بمدى قدرة الولاية على استيعاب السياح والزوار، فالولاية ومن خلال عملية مسح لمرافقها وهياكلها المدرجة تحت هذا الشأن، تبقى طاقة الإيواء بها ناقصة جدا، داخل المدن الكبرى، حتى لا نقول المناطق البعيدة والريفية، التي تتواجد بها الحمامات .

عرض فندقي ضعيف وعراقيل على الطريق
لا يمثل العرض الفندقي بولاية غليزان، بحسب أرقام مديرية السياحة سوى 460 سرير، موزعة على 3 فنادق، بمجموع 182 سرير، وإقامة سياحية بطاقة 130 سرير، ونزل بسعة 48 سريرا و3 هياكل معدة للفندقة بقدرة استيعاب تصل 100 سرير، بعضها غير مصنفة لعدم مراعاتها لمقاييس الفندقة، والملاحظ أنها تقع كلها في جهة واحدة من تراب الولاية، بمحاذاة الطريق الوطني رقم 4 وبالمنطقة الساخنة جدا، كما أن أسعارها ليست في متناول الجميع، ما يجعلها هياكل بلا روح، ويتحدث المهتمون بالسياحة في غليزان عن شروط تعجيزية للحصول على قطع أرضية لمستثمرين خواص، راغبين في الاستثمار في المجال السياحي، وهو الإشكال الذي إن وجد له حلا من قبل السلطات، سيدعم بلا شك الحظيرة الفندقية بسبعة فنادق أخرى، بتراب عديد البلديات، بعدما عرفت 3 فنادق توقفا نهائي للأشغال لأسباب عدّة منذ بداية التسعينيات، غالبيتها مالية وأخرى مردّها نزاع بين الشركاء.
ويرى المتتبعون للشأن السياحي في ولاية غليزان، أن حجم الإيواء الفندقي يبقى ضعيفا، مقارنة بحجم التدفق السياحي الذي تشهده الولاية منذ فترة، ومن أجل تدارك هذا النقص، اقترحت المديرية الولائية للسياحة بغليزان، إنشاء هياكل جديدة لخلق 300 سرير أخرى على الأقل، بالتوازي مع وجوب إدراج مدرسة تطبيقية للخدمات الفندقية، واقتراح بناء مجموعة من فنادق الطرقات على محاور الطرقات الوطنية والطريق السيار شرق- غرب، العابرة لتراب الولاية غليزان، مع تصنيفها، فضلا عن اقتراحها المتعلق بإقامة فنادق ريفية، على شكل مخيمات أو قرية، تحوي من 10 إلى 20 “بانغالو”، لاسيما في المناطق التي يكثر عليها التدفق السياحي، كحمام منتيلة وغيره، فمتى سترى هذه الإنجازات النور، يتساءل السكان المغرمون بالسياحة الجبلية والتخييم خلال العطلة الصيفية والربيعية مع عائلاتهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Hidjazi

    سد المرحة سيدي عابد نشف منذ اكثر من 5 سنوات.اما الوعدات ليست ثقافة.بل شرك بالله