باريس تناور مجدّدا بورقة التأشيرة مقابل التصريح القنصلي

عادت قضية التأشيرة مجدّدا إلى الواجهة بين الجزائر وفرنسا، مع تقلّد أحد المحسوبين على اليمين المتطرف، ممثلا في شخص برينو روتايو، حقيبة وزارة الداخلية، الذي يتجه نحو مقايضة التأشيرات بالتصاريح القنصلية التي تمكّنه من ترحيل الأشخاص الذين صدرت بحقهم قرارات بالطرد من التراب الفرنسي.
وسئل روتايو حول مصير المهاجرين الذين وضعوا على قوائم المرحّلين من فرنسا غير أنه لم يتم ترحيلهم، فرد بقوله: “يجب علينا استخدام كل الوسائل للضغط على البلدان التي ينحدر منها الأشخاص المعنيون بالطرد، حتى تصدر لنا تصاريح قنصلية لتنفيذ OQTF الالتزام بمغادرة الأراضي الفرنسية”.
وعن الحلول التي يراها مناسبة لمواجهة هذه المعضلة في نظره، يقول روتايو: “أفكر في التأشيرات ومساعدات التنمية والرسوم الجمركية. أود أيضا استخدام دول العبور لإعادة الأشخاص الذين لا يمكن ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية”، وفق ما جاء في حوار خصّ به صحيفة “لوباريزويان”.
وأضاف: “سأقوم بتعيين ميسي دومينيتشي في الأسابيع المقبلة، والذي سيكون مسؤولا عن تطوير الاتفاقيات مع دول العبور هذه. وعلى المستوى الأوروبي، يتعين علينا أن نراجع توجيهات العودة، التي ترغب العديد من البلدان في تعديلها. وبالمثل، أود أن أتوقع تطبيق حزمة الهجرة واللجوء لمدة ستة أشهر اعتبارا من جانفي 2026. وهذا من شأنه أن يمنحنا الأدوات اللازمة لتصفية وتسريع فحص طلبات اللجوء”.
وعلى غير العادة، لم يتجرأ وزير الداخلية الفرنسي عن الإشارة إلى الجزائر كبلد مصدّر للمهاجرين، كما فعل ويفعل الكثير من رموز اليمين واليمين المتطرف الفرنسي، وعلى رأسهم الرئيس الأسبق، نيكولا ساركوزي، واقتصرت إشارته إلى دولة بعيدة ليس من شمال إفريقيا حتى.
كما يعتزم روتايو اقتراح قانون جديد للهجرة، وذلك بالرغم من أن آخر قانون في هذا السياق، كان قد تمت المصادقة عليه في شهر جانفي المنصرم من قبل البرلمان: “ستكون هناك حاجة إلى قانون يكمل قانون الهجرة الذي صدر في شهر جانفي، والذي يخضع لرقابة كبيرة من قبل المجلس الدستوري، لأسباب رسمية. وكانت المادة الوحيدة التي خضعت للرقابة لأسباب موضوعية هي فترة الانتظار للحصول على المزايا الاجتماعية غير القائمة على الاشتراكات: فقد اعتبر القضاة أن الإقامة لمدة خمس سنوات في فرنسا كانت أكثر من اللازم. يمكننا أن نقدّم ثلاث سنوات”.
ولحد الآن، لم يجزم المسؤول الفرنسي بأنه سيفعّل خيار التأشيرة مقابل الحصول على التصاريح القنصلية من الدول التي يستهدفها، غير أن أحد أكبر المنابر الإعلامية التي تروّج لليمين واليمين المتطرف في فرنسا، ممثلة في صحيفة “لوفيغارو”، كانت قد زعمت بأن مراكز احتجاز المهاجرين الذين صدر بحقهم قرار بالطرد من التراب الفرنسي، تعج بالمهاجرين من أصول جزائرية، وهو ما نفاه الطرف الجزائري في أكثر من مناسبة.
وتعتبر التأشيرة من المسائل الحسّاسة في العلاقات الجزائرية – الفرنسية، لكونها محكومة باتفاقيات ثنائية تعود إلى عقود طويلة، وعلى رأس هذه الاتفاقيات، اتفاقية 1968، التي يحاول الطرف الفرنسي مراجعتها أو إلغاءها تماما كما يروّج لذلك رموز اليمين المتطرف، وعلى رأسهم السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر على مرتين، كزافيي دريانكور.
وسبق لباريس أن خفضّت عدد التأشيرات الممنوحة للجزائر كغيرها من البلدان المغاربية بنسبة خمسين بالمائة بالنسبة لكل من الجزائر والمملكة المغربية، وثلاثين بالمائة بالنسبة لتونس، وذلك على خلفية مزاعم برفض استقبال هذه الدول رعاياها الذين صدرت بحقهم قرارات بالطرد من التراب الفرنسي، وقد خلّف هذا القرار غضبا جزائريا، تمثل في استدعاء السفير من باريس، كما وصفت القرار بأنه “غير منسجم” و”غير مناسب”.