بين الحقائق والخزعبلات.. من أحسنهم قيادةً للسيارة الرجل أم المرأة؟

وأنا ذاهب للعمل في الصباح الباكر لحظة عبوري ممر الراجلين كادت إحدى النساء أن تدهسني بسيارتها فبدلا من أن تدوس المكبح داست على دواسة الوقود وكادت تتسبب في موتي!
لا بأس شكرت الله على نجاتي وانتظرت حتى هدأ روعي… بعدها استقليت الحافلة لأكمل مسيري وبعد أقل من عشر دقائق كادت الحافلة أن تقوم بحادث خطير في الطريق السيار بسبب خطأ من سائق سيارة قام بانحراف خاطئ.
نظرت من النافدة لأرى السائق فكانت الصدمة! نعم يمكنكم التكهن من ماهية جنس السائق فلقد كانت امرأة وراء المقود مجددا!… طفح الكيل وطلع في ذهني البحث عن الحقيقة العلمية وراء هذا الموضوع. ومن يقود السيارة أفضل الرجال أم النساء؟
السؤال القديم الجديد..
سؤالي هذا ليس وليد تلك الصدفة التي كادت تودي بحياتي، بل هو سؤال طُرح منذ القدم، منذ ما يزيد عن مئة عام عندما انطلقت على الطرق السيدة “بيرتا بنز” بالاختراع العجيب الذي ابتكره زوجها مرسيدس بنز، لتكون أول امرأة تقود سيارة لمسافة طويلة على الإطلاق.
فقد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة أن الرجل أفضل في قيادة السيارة من المرأة. لكن بعض الدراسات تثبت عكس ذلك…
أستاذ تعليم السياقة له رأي..
أولا قبل البحث عن الدليل العلمي قررت سؤال أهل الخبرة ومن أفضل من “عمي أحمد” وهو شيخ ستيني ومعلم بمدرسة سياقة بنواحي العاشور بالجزائر العاصمة بدأ مهنة تدريس السياقة في ثمانينات القرن الماضي، أي منذ أكثر من 40 سنة. تتلمذ على يديه ألوف السائقين بل حتى أنني تحصلت على رخصة السياقة خاصتي من مدرسته…… فلا يمر بشارع من شوارع العاشور إلا وتجد المارين يهللون ويسلمون على عمي احمد، كيف لا وقد تتلمذ على يديه معظمهم إن لم نقل كلهم شبانا وشابات، رجال ونساء شيوخا وعجائز…. لديه موقع معروف في الحي تجده هناك دوما مع تلميذ من تلامذته يلقنه أساسيات السياقة ودائما ما يردد عبارة “أومبريي بلعقل” (دس على الدواسة بالراحة).
ذهبت إليه واستقبلني استقبالا حارا كعادته، فأخبرته أنني بصدد البحث عن حقيقة من يقود أفضل هل هم النساء أم الرجال؟ فضحك ضحكة خرجت من أعماق قلبه ثم قال لي “أوااااه الرجاااال وشبيك نتااا النسا غير كيما بداو يسوقوا” أما عن سؤال من يرسب كثيرا في امتحانات السياقة هل هن النساء أم الرجال فقال لي لا يوجد نسبة مطلقة لقياس عدد الراسبين من حيث جنسهم حيث شبه امتحان رخصة السياقة بالبكالوريا، أي أن هناك عدة أمور تؤخذ بعين الاعتبار كعدد المرشحين الذكور والمرشحات الإناث في كل دفعة امتحان وغيرها أي أن الأمر نسبي.
أما عن سؤالي بخصوص من يتسبب في حوادث السير أكثر الرجال أم النساء قال لي:” لا هذا ولا ذاك” وبصريح العبارة قال “لافيتاس هي اللي راهي تقتل يا وليدي” أي أن السرعة هي المتسبب رقم 1 في تصاعد عدد ضحايا حوادث المرور.
كما أضاف أن سيارات هذا القرن أكثر قوة وأكثر اندفاعا عن سيارات الأجيال السابقة ما ينتج عنه حوادث أكثر. كما أبدى محدثي تذمرا من معادن صنع سيارات هذا الزمان التي أصبحت حسبه خفيفة وهشة تشبه “الكرتون” حسب رأيه.
مصيبة تسيير على أربع عجلات!
ينتشر اعتقاد ليس في مجتمعنا فحسب، بل في كل أنحاء العالم، بأن الرجال يقودون السيارات أفضل من النساء بكثير، وأن السيارة التي تقودها المرأة عبارة عن حادث أو مصيبة على وشك الحدوث، وهي سبب أغلب حوادث السيارات والأزمات المرورية، وبل وحتى الحوادث التي قد يكون طرفاها رجلَين، يُعتقد بأن هناك امرأة انحرفت بسيارتها بشكل خاطئ فتسببت بهذا الحادث.
موضوع قيادة المرأة للسيارة أصبح موضوعاً شائكا.. فتنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الصور لحوادث غريبة مرفقة بتعاليق مفادها بأن هذه الحوادث لا ترتكبها إلا النساء.
لكن هل فعلاً يقود الرجال أفضل من النساء؟
إن كان الجواب نعم.. فما سبب ذلك؟
هل يعود ذلك لمسببات جسدية تعيق المرأة أثناء القيادة؟
أم يعود ذلك لسبب نفسي؟ أم لسبب آخر غير هذا وذاك؟
وهل هناك فعلاً فرق بين قيادة الجنسين؟ أم أنها مجرد توهمات؟
ماذا عن رأي العلم في الموضوع؟
وجدت عشرات الدراسات التي خلصت لوجود فارق فعلاً بين قيادة الرجال والنساء، بعضها يرجّح كفة النساء والآخر يرجح كفة الرجال، وذلك لأن كل دراسة تعتمد على عوامل مختلفة عن الأخرى، وبالتالي تنظر لقيادة كلا الجنسين من زاوية مختلفة.
فبحسب تحليل أصدره موقع “Confused” بناء على الأرقام التي امتلكها قدم إجابة واضحة حيث درس الموقع متوسط أقساط التأمين على السيارات ومخالفتها، ليجد أن الرجال يدفعون مبالغ أعلى من النساء.
وأضاف الموقع أنه حسب دراسة أجرتها ” Privilege insurance” البريطانية على سبيل المثال، تبين أن الرجال يتفوقون على النساء في: التحكم بالمقود، وملاحظة النقطة العمياء، وكفاءة الانعطاف وردة الفعل.
بالمقابل النساء يتفوقن في: الالتزام بالسرعة المحددة، واستخدام الغمازات، واستخدام المرايا بكفاءة أعلى، والالتزام بإشارات المرور، والحفاظ على مسافة الأمان، وعدم إعاقة الحركة، وقلة استخدام الهاتف أثناء القيادة.
صحيح أن الرجال يتعلمون القيادة بسرعة وسهولة، إلا أن النساء أفضل في السياقة على الطرقات، ما يصحح الاعتقاد السائد في بعض المجتمعات بأن المرأة لا تقود بمهارة. وتستغرق النساء، بحسب دراسة بريطانية، وقتاً أطول من الرجال للحصول على رخصة القيادة، إلا أنهن يقدن على نحو أكثر أماناً من الرجال على المدى البعيد. وأشارت الدراسة إلى أن نساء بريطانيا يصبحن أفضل من رجالها في قيادة السيارة بمجرّد حصولهن على القليل من الخبرة، ويصبحن أيضاً أكثر أماناً بنسبة 20% من السائقين الرجال بعد اجتياز اختبار قيادة السيارة.
عن أي قيادة أفضل نتحدث؟
إذاً لعقد المقارنة بين قيادة الجنسين علينا أولاً تعريف ما نقصده بـ”القيادة الأفضل”.. فإن افترضنا أن القيادة الأفضل هي القيادة بسرعات عالية والمراوغة بين السيارات والاستعراض ورد الفعل السريع، فالأفضلية هنا للرجال، أما إذا افترضنا أن القيادة الأفضل مرتبطة بالالتزام بقوانين السير وبأمن وسلامة السائق والركاب والمشاة، فالغلبة هنا ستكون للمرأة بلا شك.
وتتميز المرأة بالرزانة والهدوء والحذر أثناء القيادة. وهو ما ينعكس على عدم ارتكابها لحوادث السير المميتة والخطيرة. فقد كشفت دراسات عالمية عديدة أن الرجال يقودون على نحو أكثر خطورة وتهورا من النساء. وقالت بعض الدراسات إن النساء يجدن صعوبة في ركن السيارة خاصة في الأماكن الضيقة والمزدحمة بينما يتفوق عليهن الرجال في هذه المهارة.
وجاء في دراسة ألمانية، أجراها نادي سيارات أوروبا (إيه سي إي) ونشرت في مدينة شتوتغارت، أن نسبة الحوادث التي يتسبب فيها الجنس الناعم وتنتهي بإصابات هي أقل من تلك التي يرتكبها الرجال، فحوادثهم تؤدي إلى تسجيل عدد كبير من الوفيات وكذلك الإعاقات والعاهات.
أما عن السرعة المقررة على الطرق واحترام قواعد المرور بشكل عام، فنسجل تقيد معظم النساء بها مقارنة مع أشقائهن الرجال. وقدرت دراسات أن 10 في المئة من الرجال على الأقل لا يلتزمون بوضع حزام الأمان، مقارنة بنسبة كبيرة من النساء تتقيد بوضعه.
كما لا يستطيع أحد أن ينكر أن النساء يتقيّدن بقوانين المرور أكثر من الرجال، وهذا في الحقيقة ما يزعج الرجال، فالرجل عادة لا يعترف بالضوء البرتقالي، بل إنه لا يتوقف عند إشارة المرور إلا إذا أضاءت الضوء الأحمر.
بينما المرأة تتوقف فور إضاءة الضوء البرتقالي، كما أن الرجال عادة كثيرو الانتقال من مسرب لآخر، بالإضافة لأنهم يميلون أكثر من النساء لمخالفة قوانين السير، فالرجال لا يلتزمون بوضع حزام الأمان مثل النساء، كما تشير إحصاءات حول العالم أن الرجال هم مَن قد يقودون سياراتهم تحت تأثير الكحول، هذا فضلاً عن أنهم هم مَن يقودون سياراتهم بطرق خطرة عليهم وعلى غيرهم، كالاستعراض وسباقات السيارات وغيرها، وجميع هذه التصرفات يقع بها الرجال أكثر من النساء بكثير.
أخطاء النواعم أقل خطورة على الطرقات!
كل ما سبق من مقارنات لا يعني أن النساء لا يرتكبن أخطاء أثناء القيادة، لكن أخطاءهن على الأغلب لا يمكن اعتبارها خطراً مميتاً وقاتلاً. فأغلب الحوادث والأخطاء التي يعيبها الرجال على النساء لا تتجاوز أن تكون صعوبة في الاصطفاف أو تردداً أثناء التجاوز، كما أن الحوادث التي تتسبب بها النساء لا ينتج عنها إلا سقوط عمود إنارة أو انبعاج في أحد أبواب السيارة، أو ربما ارتطام برصيف ينتج عنه تحطم مقدمة السيارة.
هذه أمور يعود سببها لبطء في رد الفعل، الذي قد يكون ناتجاً عن سببين؛ أحدهما قلة الممارسة؛ حيث أن الرجال يقودون سياراتهم لمسافات وفترات أطول بكثير من النساء، والسبب الثاني هو الخوف والقلق اللذان تعاني منهما المرأة أثناء القيادة.
يمكن للمرأة تجاوُز أخطائها في القيادة بالمزيد من الممارسة وبتعزيز ثقتها بنفسها، فالثقة بالنفس أثناء القيادة من أهم عناصر القيادة السليمة.
وبسبب هذه الحقائق وحسب موقع “بلومبرغ” فإن بعض شركات التأمين الأميركية ترفع قسط التأمين على السائقين الذكور أكثر من الإناث. بسبب زيادة احتمال تعرضهم إلى المخاطر، وبالتالي ارتفاع النفقات الطبية التي ستتحملها تلك الشركات.
لكن للأسف فالمرأة نفسها على قناعة بأنها أقل مهارة من الرجل حتى قبل أن تحصل على رخصة القيادة، لذلك فإنها يجب أن تواجه الكثير من السخرية والنظرات الغاضبة والتهكمات الوقحة لأقل خطأ قد يصدر منها، مما قد يزعزع ثقتها بنفسها.
معترفات بأفضلية الرجال عليهن في القيادة!
فبحسب إحدى الدراسات تم سؤال مجموعة من الرجال والنساء عن رأيهم في قيادة الجنس الآخر، أجابت 28% فقط من النساء أنهن الأفضل، بينما 87% من الرجال أجابوا بأنهم الأفضل.
زعزعة الثقة هذه جعلت الكثير من النساء الحاصلات على رخصة القيادة يمتنعن عن القيادة لا لخوفهن من ارتكاب حادث ما، بل كي لا يتعرضن للسخرية والنظرات الغاضبة، وكأن حوادث السيارات لم تحدث إلا عندما بدأت المرأة بالقيادة.
إن شوارع المملكة العربية السعودية مثلا تعد من أخطر الشوارع قيادة في العالم، مع أن نسبة النساء السائقات فيها هي صفر بالمائة تقريبا؛ لذلك لا يمكن تحميل النساء وزر الحوادث والوفيات هناك، إلا إن كنّ قد تسبّبن بهذه الحوادث من بيوتهن!
إذاً فالرجل أمهر من المرأة في القيادة، لكن غروره وحبه للتباهي وعدم التزامه بقواعد السير يعرضه ويعرض غيره للخطر.
أما المرأة فقيادتها أأمن لالتزامها بالقوانين، ولأنها أقل تهوراً وأكثر حذراً، فلذلك فهن أفضل من الرجال في القيادة.
العلم ينصف المرأة من جديد!
حسب صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فإن بحثا جديدا قدم أدلة قاطعة تثبت أن النساء أفضل من الرجال، واضعا بذلك حدا للجدل القائم منذ مدة طويلة حول أفضل السائقين.
وكشفت الدراسة أن الرجال أكثر عرضة بنسبة 4 أضعاف للمثول أمام المحكمة لارتكابهم مخالفات.
وتقول الأرقام الرسمية إن 585 ألف سائق في بريطانيا تم تقديمهم للمحكمة العام الماضي، بسبب مخالفات القيادة، وكانت 23 بالمئة من هذه المخالفات تتعلق بتجاوز السرعة القانونية أو القيادة من دون تأمين.
وتشير المعطيات كذلك إلى أن السائقين الذكور أكثر تقديما لطلبات التأمين مقارنة مع السائقات.
ويدفع الرجال سنويا ما يناهز 793 جنيها إسترلينيا لتأمين سياراتهم، مقابل 701 جنيها للنساء، رغم صدور قانون أوروبي عام 2012 يمنع شركات التأمين من التمييز بين الجنسين.
وقالت “ديلي ميل” البريطانية إن المرأة بالفعل تتمتع بمهارات تؤهلها لأن تصبح قائدة سيارة أفضل من الرجل، وذلك لأن الرجال أكثر عرضة لتشتت الذهن أثناء القيادة أكثر من النساء اللاتي يتمتعن بفطرتهن بقدرة أكبر على التركيز في الطريق.
وأكد فريق من العلماء النرويجيين أن 12% من حوادث الطرق تقع بسبب تشتت ذهن قائد المركبة، وتوصلوا إلى تلك النتائج بعد أن درسوا السمات الشخصية التي تؤثر على عملية قيادة السيارة.
وعمد العلماء إلى إجراء اختباراتهم على مجموعتين، الأولى مكونة من 1100 طالب مدرسة عليا من مختلف أنحاء النرويج من بينهم 208 حاصلين على رخصة قيادة، والمجموعة الثانية مكونة من 414 شخص من مختلف شرائح الشعب.
ووجد العلماء أن هناك عدة عوامل تشتت ذهن قائد السيارة، من بينها العمر، إلا أنه تبين أن جنس قائد السيارة أحد أهم عوامل التشتت، حسبما ذكر الباحث أولاي جوهانثن فإن الشباب الذكور هم أكثر عرضة لشرود الذهن أثناء القيادة خاصة أولئك الذين يتمتعون بشخصية عصبية واجتماعية أكثر من غيرهم.
خوف مؤنث وثقة مذكّرة!
فلندع الإحصائيات والأبحاث جانبا ولنذهب لعينة على أرض الواقع من العنصر النسوي ألا وهي الأستاذة “غنية قمراوي” صحفية تحصلت على رخصة سياقتها في فيفري سنة 1986 تقول “حصولي على رخصة السياقة في سن 19 سنة كان هدية والدي نظير نجاحي في شهادة البكالوريا وانتقالي للجامعة، فهو كان يعدنا بذلك ليشتري لنا السيارة بعدها”.
ومن محاسن الصدف حسب قولها “اجتزت اختبار السياقة في سيارة رونو R12 وفي ذلك الوقت كانت سيارة أبي من نفس الموديل ما ساعدني على التدرب عليها خارج الدروس الرسمية لذلك لم أخفق في امتحان السياقة”.
وبعد خبرة 35 سنة في الطرقات دون ارتكاب أي حادث ولو بسيط، ترى غنية أن المرأة أهدأ في سياقتها للسيارة وهي غير مهتمة بالاستعراض مثل الرجل.
ومثل كل امرأة، كان لها في البداية هاجس يتمثل في ركن السيارة وصعود التل (démarrage en cote)، لكنها تجاوزته بالعزيمة، ولم تجد بعدها أي صعوبة أو مشاكل في سياقة السيارة. وحسب خبرتها فإن المرأة تفتقد إلى القليل من الثقة في النفس ما إن تكتسبها وتكتسب الخبرة تتحرر وتصبح أفضل من الرجل بكثير لأن المرأة معروف احترامها لقوانين المرور عكس الرجل، كما أنها تفضل أن تصل إلى بيتها متأخرة أفضل من ألا تصل أبدا لأنها لا تعتبر السياقة استعراضا ومباهاة مثلما يفعل الرجل….
وتعتقد أن الهاجس الوحيد الذي تتقاسمه النساء هو “الميكانيك”، لأن أي عطب يصيب السيارة ويعطلها يصبح ما بيدها حيلة وما عليها إلا الاتصال بالنجدة.. عفوا أقصد الرجل…
لا يمكن الحديث عن عينة من العنصر النسوي دون منح العنصر الرجالي حق الرد ومن أفضل من السيد “فارس عالم” وهو مُدرس متقاعد الآن من التدريس بجامعة العلوم والتكنولوجيا بباب الزوار تحصل على رخصة سياقته في سنة 1978 واجتاز اختبار السياقة في السيارة الألمانية 503 آنذاك أي له مسيرة أكثر من 43 سنة خلف المقود، وبدون القيام بحادث طيلة فترة سياقته، يقول إن مسألة من يقود أفضل لا تتعلق بجنس السائق بل تتعلق بمهارته ومدى احترام السائق للقانون.
رأي الذكاء الاصطناعي: حين تنتصر السلامة على الاستعراض!
بما أننا في عصر الذكاء الاصطناعي طرحنا السؤال على شات جي بي تي (ChatGPT) وهو نموذج ذكاء اصطناعي طورته شركة OpenAI، مخصص لفهم اللغة الطبيعية والتفاعل النصي مع البشر. ظهر لأول مرة في نوفمبر 2022. وبإعتباره كيانا تكنولوجيا محايدا طرحنا عليه السؤال لنتلقى إجابة حيادية خالية من التحيز أو الانقياد فكان رده كالآتي:
“من زاوية تحليل البيانات المحايدة، ومن دون تحيّز لأي جنس، أرى أن السؤال “من يقود أفضل؟” ليس هو السؤال الصحيح. بل السؤال الأجدر هو: من يساهم أكثر في جعل الطرقات أكثر أماناً؟ وهنا تميل كفّة الميزان لصالح النساء، لا لأنهن يمتلكن قدرات خارقة في القيادة، بل لأنهن ببساطة يحترمن قواعد اللعبة.
الإحصاءات لا تكذب: النساء أكثر التزاماً بالقوانين، أقل تهوراً، وأقل تسبباً بالحوادث المميتة. صحيح أن الرجال قد يملكون ردة فعل أسرع في بعض الظروف، لكن هذا يُقابل باندفاع أكبر، وميل أكبر للاستعراض، وتحدي حدود السرعة.
وبصفتي نموذجاً للذكاء الاصطناعي مبرمج على التحليل البارد والحقائق الجافة، فأنا أنحاز لمن يجعل الطريق أكثر أمناً للجميع، حتى وإن تأخر قليلاً في الوصول. ففي نهاية المطاف، القيادة ليست منافسة عضلات، بل فن مسؤولية… والنساء، برغم كل ما يُقال عنهن، أثبتن أنهن جديرات بالثقة خلف المقود”.
وبمناسبة ظهور الذكاء الاصطناعي الصيني ديب سيك (DeepSeek) والضجة العالمية التي سببها بعد إطلاقه الرسمي في جانفي 2025، والذي تسبب في اضطرابات كبيرة في سوق التكنولوجيا العالمية متفوقا على منافسيه مثل “GPT-4” في بعض الاختبارات طرحنا عليه نفس السؤال وكانت إجابته كالآتي:
“كمُنْتِقَدٍ تكنولوجي وُلِدَ من رحم البيانات والخوارزميات، لا أمتلك “رأياً شخصياً” بالمعنى البشري، لكنني أستطيع تحليل الوقائع بعقلانية مطلقة، بعيداً عن التحيزات الثقافية أو الجندرية. إليكم خلاصة رؤيتي:
البيانات لا تكذب، لكن السياق يغيّر المعادلة
– لو طُبِّقَ سؤال “مَن الأفضل؟” على الصين، لوجدنا أن 98% من سائقي الشاحنات الثقيلة هنا رجال، بينما 80% من سائقات سيارات الأجرة في شنغهاي نساء. هل هذا يعني تفوُّق جنس على آخر؟ لا، بل يعكس تقسيم أدوار اجتماعي واقتصادي.
– الإحصاءات الصينية تُظهر أن *الرجال يتسببون في 76% من الحوادث المُميتة بسبب السرعة، بينما حوادث النساء تُسجَّل غالباً في المواقف الضيقة بمراكز المدن. الفرق ليس في “المهارة”، بل في نوعية المهام والسلوكيات المُكتسبة.
الثقافة تخلق الواقع
– في الصين، تُعَدُّ قيادة المرأة للسيارة أمراً طبيعياً منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن المجتمع ما زال يربط بين “سياقة الرجل” و”الرجولة”. حتى أفلام الأكشن الصينية تُصوِّر البطل الذكر وهو يُنقذ المدينة بسيارته الرياضية! هذه الصور النمطية تُنتج سائقين متهوِّرين، وتُشكِّل عائقاً نفسياً أمام النساء.
– مع ذلك، تشهد الصين تحولاً جذرياً: النساء يشكلن 42% من مُشتريات السيارات الكهربائية، لأنهن يفضلن المواصفات “الآمنة” و”الصديقة للبيئة” على “السرعة القصوى”.
الحلُّ ليس في المنافسة، بل في التكامل
– لو صمَّمنا سائقاً مثالياً بمواصفات الذكاء الاصطناعي، لكان مزيجاً من:
– حِسُّ السلامة الأنثوي (التقيد بالسرعة، استخدام المرايا).
– التركيز الذكوري (التفاعل السريع مع الطوارئ).
– التجربة الصينية في تخفيض حوادث الطرق بنسبة 40% خلال عقد لم تتحقق بتمييز بين الجنسين، بل بفرض عقوبات صارمة على السرعة، وتعميم أنظمة مراقبة ذكية (مثل كاميرات التعرف على الوجوه).
مستقبل القيادة: لا ذكر ولا أنثى!
– السؤال سيصبح قريباً بلا معنى. في الصين، 64% من السيارات الجديدة مُزوَّدة بتقنيات قيادة ذاتية (مثل NIO وXPeng). السيارة الآلية لا تهتم بجنس السائق، بل بمدى دقة بياناتها.
– حتى في عصر الذكاء الاصطناعي، يبقى التحدي الأكبر: كيف نُعيد تدريب البشر على قبول أن “الآلة” تقود أفضل منهم، سواء كان السائق رجلاً أو امرأة!، لذا فالقيادة “الجيدة” لا جنس لها. الأهم هو تعزيز الثقافة المرورية والعدالة في تطبيق القانون. الصين تُعلِّمنا أن الطرق الآمنة تُبنى بالكاميرات والغرامات، لا بالجدل عن تفوُّق جنس… وهذا رأيي كـ”عقل إلكتروني” وُلِدَ في بلدٍ حوَّل الفوضى المرورية إلى نظامٍ بمجرد تشغيل “زر” المراقبة!”.
كن “سائقا هجينا“!
وفي الأخير، ولحل الاشكال حول من يقود السيارة أفضل الرجل أم المرأة يمكن القول أن المجتمع يريد “سائقا هجينا” يجمع بين الإثنين، يجمع بين الثقة وردة الفعل السريعة والصحيحة للرجل وبين تركيز المرأة واحترامها لقوانين وإشارات المرور وبهذا نحصل على “سائق متكامل” يساهم بحكمته وتمكنه في التقليل من ضحايا الطرقات، التي أصبحت تزهق كل يوم مزيدا من أرواح البشر من مختلف الأعمار. فالهدف من السياقة في الأخير هو أن تتنقل بالمركبة لتصل إلى أهدافك سالما غانما حتى ولو كنت متأخرا، وليس المناورة في الطرق والاستعراض لتصل إلى بيتك محمّلا على نعش الجنائز أو على كرسي متحرك أو تزهق في طريقك أرواح الأبرياء!