حلويات “البريستيج” خطر على المستهلك.. ومهنيون يحذرون

تطوّرت صناعة الحلويات التقليدية بالجزائر، لدرجة صار مهنيّوها يتفننون في وصفاتها وإشكالها، ولكن إذا زاد الأمر على حده انقلب إلى ضده، بحيث بات التفنن في تزيين “قاطو البريستيج” يجعله خطرا على المستهلك، حيث أصبحنا نشاهد حلويات مزينة بالريش وأخرى بـ “عقاش” الملابس وبعض لوازم الخياطة.. التي تسببت في مشاكل صحية للأطفال، ظنا منهم أنها صالحة للأكل.
حذّر كثير من المختصين في صناعة الحلويات التقليدية مؤخرا، مما اعتبروه “تحديثا” غير مبرر للحلويات التقليدية الجزائرية، التي تغير مذاقها وشكلها بشكل مبالغ فيها، وإن كانت الأذواق لا تعتبر خطرا على الصحة، ولكن إدخال أشياء غير صالحة للأكل لتزيين الحلويات، يعتبر خطرا كبيرا، كما أن السلوك يعتبر تبذيرا، لأن هذه الزينة مصيرها القمامة لاحقا.
وطغت حلويات “البريستيج” على احتفالات العائلات في الأفراح ومختلف المناسبات، التي باتت تتنافس لتقديم أجمل الحلويات التقليدية، مهما غلا ثمنها وتنوع شكلها، ومنها حلويات تقليدية مزينة بـ “العقاش”، الذي تستعمله الخياطات لتزيين الملابس، وأخرى تحمل ريش طيور حقيقيا. كما باتوا يستعملون ورودا للتزيين، مصنوعة من مادة السيليكون، وأخرى تحتوي أسلاكا.. بعدما استغنى محضرو الحلويات عن عجينة السكر، التي كانت تستعمل للتزيين وهي صالحة للأكل.
“عقاش” الحلويات أدخل طفلة المستشفى ليومين
“رانيا” مُختصة في صناعة الحلويات التقليدية من بلدية القبة بالجزائر العاصمة، أكدت لنا أنها من أوائل المناديات بخطر تزيين الحلويات بلوازم الخياطة وأشياء غير صالحة للأكل قائلة: “هي ظاهرة غريبة طغت على أعراسنا مؤخرا، بمبرر الزوخ والفوخ.. وأؤكد لكم أنني وقفت شخصيا على عدة حالات لأطفال تم نقلهم للمستشفى بعد تناولهم العقاش الموضوع فوق حبات الحلوى.. وأنا أرفض تماما طلبات زبوناتي بوضع مثل هذه الزينة للحلوى، لأنها خطر”.
ومما روته إحدى السيدات، أن جارة أختها نظمت حفلة عقيقة، وقدمت حلويات مزينة بمرجان أو عقاش الخياطة للمدعوات، ابنة الأخت التقطت عقاشة وأدخلتها في أنفها، وعندما حاولت إخراجها دخلت العقاشة أكثر. الفتاة مكثت يومين بالمستشفى لاستخراج هذا الشيء الصلب الذي تسبب لها في تعفن بالأنف.
ويعتبر الأطفال وكبار السن الفئة الأكثر تضررا من هذه الحلويات، لأنهم لا ينتبهون لخطر هذه الزينة، وقد يتناولونها في غفلة.
وتتحسر الحاجة مريم من بلدية باش جراح، على حلويات “زمان” من مخبز وعرايش، التي كانت تزين بحسبها بحبة لوز أو جوز أو أي مكسرات أخرى “لا تضر ولا ترمى، أما اليوم.. فراحت البركة حتى من القاطو”، على حد قولها.
ومن أجمل التعليقات على الموضوع، ما قالته أم فؤاد: “مستلزمات الخياطة في الحلويات، وقماش الخيشة لتزيين المملحات، والكرطون في الباتيسري.. وكل مخترع يقول هذي لمستي وإبداعاتي.. فأين الإبداع من كل هذا؟”.
تشديد الرقابة على “الحلواجيين”.. مطلوب
وناشد رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك “ابوس”، مصطفى زبدي، اتخاذ أقصى إجراءات الحيطة والحذر، من ناحية مكونات منتجات استهلاكية ومنها الحلويات، داعيا عبر “الشروق” إلى تشديد الرقابة على المهنيين في قطاع صناعة الحلويات.
وقال بأنه لا يعقل أن يتناول أطفال ومسنون يعانون من قصر في النظر، حلويات تحمل أشياء لا تصلح للأكل، مثل “عقاش” الخياطة أو أسلاك معدنية، لأن هذه الأشياء قد تتسبب في حوادث خطيرة على مستهلكيها.
وكشف زبدي أن بعض “الحلواجيّين” باتوا يستعملون “العجب العجاب” من أشياء لتزيين حلوياتهم، ومنها منتجات ومدخلات، لا علاقة لها إطلاقا بعالم الحلويات، ومنها استعمال بقول جافة مثل العدس والأرز..! وأضاف: “حتى المهنيون في هذا القطاع، اشتكوا من هذا المكونات، التي التي أصبحت لا تراعي سلامة وصحة المستهلك”.