شباب يعيدون إحياء حرفة الحياكة و”الكروشي”!
يتجّه الكثير من الشباب اليوم إلى إحياء فنون الحياكة وصناعة “الكروشي”، اللتان كانتا تقليدا من اختصاص الجدات فقط خلال عقود مضت، فبفضل وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق عبر الأنترنت، تحوّل هذا الشغف القديم إلى فرصة ثمينة للشباب من أجل استثماره بأعمال تجارية صغيرة وفتح متاجر “إلكترونية”، أصبحت تلاقي رواجا كبيرا مؤخرا، وتضيف لمسة عصرية لأعمال يدوية تقليدية، بالإضافة إلى تحقيق أرباح مادية لأصحابها.
تحوّلت الحرف اليدوية إلى متنفس لخلق مشاريع صغيرة تساهم في تحقيق طموحات الشباب سواء كانوا بطالين أو حتى موظفين بمناصب وشهادات عليا، إذ تحوّل اهتمام هؤلاء مؤخرا، إلى البحث عن مصادر دخل من عائدات بيعها، إذ تساعد مثل هذه المشاريع، خاصة الحياكة اليدوية، في جني المال بفضل سهولة تسويق منتجاتهم عبر الأنترنت و”السوشل ميديا”.
كما تحوّل “الأنستغرام” في السنوات الأخيرة، إلى واحد من أبرز منصات التسويق للشباب الذين حوّلوا هواية “الكروشي” إلى مشاريع تجارية ناجحة، وذلك بفضل خاصية التصوير والمحتوى المرئي الذي يتيحه التطبيق، إلى جانب عدد المشتركين به الذي يقدّر بالآلاف، إذ أصبح بإمكان الحرفيين عرض منتجاتهم بطريقة تجذب الزبائن وتعكس مهاراتهم الفنية.
شباب يبدعون في صناعة الحقائب والأغراض المنزلية
المتصفح لمختلف التطبيقات الرقمية ووسائط التواصل، خاصة “الأنستغرام”، يلاحظ العديد من المنتجات التي أصبحت تروّج لها الصفحات المليونية، والتي تعرض أعمالا متنوعة للملابس وحتى الأغراض المنزلية الأخرى مثل الزرابي والأفرشة، خاصة مع بداية فصل الخريف أين يزداد الطلب على بعض الملابس المصنوعة من الصوف، والتي يسهر أصحابها على صناعتها بعناية فائقة، وتحويل الخيوط من مصادر مختلفة إلى تحف جميلة.
ويعتمد أصحاب هذه المشاريع على إستراتيجيات تسويقية مبتكرة مثل العروض الترويجية والخصومات لجذب الزبائن وخدمة توصيل سريعة تغطي جميع ولايات الجزائر الـ58، وبحسب ما كشفته لنا حرفية في المجال تدعى فاطمة من ولاية بسكرة وتملك صفحة يتجاوز متابعوها الألفي مشترك تحت اسم “كروشي وخياطة البتول”، فإن “أنستغرام” مكّنها من الوصول إلى زبائنها داخل الجزائر وحتى من دول أخرى عربية، حيث تتيح الصفحة للمتابعين التعرف على منتجاتها وطلب تصاميم خاصة بهم بسهولة، خاصة بعد تخصّصها في صناعة الحقائب النسائية والتي لاقت طلبا كبيرا من زبوناتها، على حد تعبيرها، مشيرة إلى أنها لم تتمكّن في وقت سابق من بيع ما تنتجه، واعتمدت فقط على المعارض التي تقام في مناسبات مختلفة بمكان إقامتها، أما الآن، فهي تقوم بنشر صور أعمالها عبر مواقع التواصل، مثل الحقائب والقبعات والإكسسوارات المنزلية، وهو ما شجّعها على فتح فضاء خاص بها والإبداع في صناعة حرفها، وأضافت المتحدثة أن أسعار ما تعرضه في متناول زبائنها حيث تتراوح أسعار الحقائب المصنوعة يدويا بين 2500 إلى 3500 دج، فيما تتراوح الأغراض الأخرى بين 1500 إلى 2000 دج حسب الطلب، كما تقوم بتحديد سعر التوصيل ما بين 400 و500 دج.
وعلى غرار متجرها، هناك صفحة على “أنستغرام” تدعى “My Cozy Corner”، والتي تتخصّص في صناعة الديكورات الحرفية المميزة، المصنوعة يدويا، كشفت صاحبتها أنها تعتمد في مشروعها على مواد بسيطة مثل الدعائم البلاستيكية، وخيوط الخيش والقطن، مضيفة أن منتجاتها تشمل مفارش الطاولات، منظمات وسلات الحمام، قفف للنزهات والتسوّق، الحقائب، بالإضافة إلى مرتبات مخصّصة لألعاب الأطفال وغيرها من الأغراض المنزلية التي تتطلبها الحياة العصرية، وتأمل محدثتنا في تسويق منتجاتها حتى خارج الوطن.
الحرف اليدوية تجمع بين الفن والابتكار
من جهتها، ثمّنت رئيسة الجمعية الوطنية للأيادي الحرفية، نصيرة بوديسة، في حديثها لـ”الشروق”، جهود الشباب الجزائري في استغلال التراث والحرف التقليدية، لتطويره بطرق إبداعية دون المساس بأصالته، كما شجعت المتحدثة الاستثمار في هذا المجال، خاصة الحياكة و”الكروشي”، والتي تحتاج إلى مهارة وصبر كبيرين، كانت ميزة فقط بأجدادنا، على حد تعبيرها، ومع عصر السرعة والتطور، نوهت المتحدثة إلى ضرورة استغلال مثل هذه المشاريع، لتسويق المنتوجات الجزائرية، باستعمال المواقع من أجل الترويج لها خارجيا، مشيرة إلى أن هذه الحرفة ليست فقط فرصة للعمل، بل أيضا لخلق فضاء يجمع بين الفن والابتكار، وأضافت المتحدثة أن السوق المحلي يشهد اليوم تنوعا متزايدا بتصاميم جديدة تلبي جميع الأذواق.