-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رؤيته تشكل مفاتيح لفهم محددات العلاقات مع الجزائر

كيف ينظر الوزير الأول الفرنسي المكلف للاستعمار والهجرة؟

محمد مسلم
  • 4566
  • 0
كيف ينظر الوزير الأول الفرنسي المكلف للاستعمار والهجرة؟
ح.م

يمكن تتبع المواقف السابقة لرئيس الوزراء الفرنسي المكلف، فرانسوا بايرو، ولاسيما ما تعلق بالماضي الاستعماري لبلاده في الجزائر، وكذا قضية الهجرة والمهاجرين، وهي أمهات القضايا التي عادة ما تحكم العلاقات بين الجزائر وباريس، التي تمر بواحدة من أسوأ مراحلها.
وللوهلة الأولى يصعب تصنيف فرانسوا بايرو من حيث عقيدته السياسية، فهو لا ينتمي إلى أي من العائلتين السياسيتين المهيمنتين على المشهد في فرنسا، اليمين واليسار، ويقدم نفسه على أنه وسطي، ويرأس حزب الحركة الديمقراطية (موديم)، وعادة ما يدعم المرشح الذي يعتقد أنه سيفوز، فقد دعم نيكولا ساركوزي عندما فاز في رئاسيات 2007، وانقلب عليه ليدعم فرانسوا هولاند الفائز في سنة 2012، قبل أن يدعم الرئيس الفرنسي الحالي، إيمانويل ماكرون، في استحقاقي 2017 و2022.
ولكن هل له مواقف من الماضي الاستعماري لبلاده في الجزائر؟ وما موقفه من ملف الهجرة، والهجرة هنا هي إشارة ضمنية إلى المهاجرين من جنسيات مغاربية وإفريقية، وهؤلاء في عمومهم من الجاليات المسلمة، التي تعاني حالة من التمييز غير المبرر في دولة يقدمها مسؤولوها على أنها بلاد الحرية والديمقراطية.
يعود آخر تصريح لرئيس الوزراء الفرنسي المكلف من قبل إيمانيل ماكرون بتشكيل الحكومة، حول الماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر إلى عام 2017، وبالضبط في أعقاب التصريح المثير وغير المسبوق للرئيس الفرنسي الحالي، إيمانويل ماكرون، حول هذه القضية من الجزائر عندما زارها مرشحا، ولقي حفاوة كبيرة من قبل مسؤولي البلاد حينها.
يومها وصف ماكرون الاستعمار الفرنسي للجزائر بأنه “جريمة ضد الإنسانية”، وقد خلف هذا التوصيف حالة من الهرج والمرج في الأوساط السياسية والإعلامية في فرنسا باعتبار أن الرجل كان مرشحا بقوة لرئاسة فرنسا، وثار ضده اليمين واليمين المتطرف بشكل عنيف، ما اضطره إلى التراجع عن ذلك التصريح مباشرة بعد عودته إلى بلاده.
بالنسبة لرئيس الوزراء الفرنسي المكلف، فإن ما قاله ماكرون في الجزائر قبل نحو سبع سنوات، أمر “غير مفهوم”، بل إن فرانسوا بايرو يعتبر توصيف ماكرون للاستعمار “جملة تجرح العديد من الفرنسيين، ولا تتوافق مع الحقيقة التاريخية”، على حد زعمه، معتقدا بأن “الجريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وهي جريمة تهدف إلى محو جزء من الإنسانية من على وجه الأرض”، وفق ما أورده موقع “فرانس إنفو”.
كما ألمح بايرو في معرض تعليقه على توصيف ماكرون للاستعمار بأنه “جريمة ضد الإنسانية”، إلى ما يمكن اعتباره تبييضا لصورة الاستعمار الكالحة السواد أينما كان، عندما قال: “ما كانت عليه هذه الحلقة من الحضور الفرنسي في الجزائر وإفريقيا لا يتوافق على الإطلاق مع ذلك”، ثم لم يلبث أن لعب على الحبلين وهو يتأسف على “المعاناة التي سببها الاستعمار في كل الاتجاهات وفي كل المعسكرات”.
وباختصار يمكن القول إن فرانسوا بايرو يعترف بأن الاستعمار الفرنسي سبب مآس للشعوب المستعمرة ومنها الشعب الجزائري، ولكنه لا يتجرأ على القول بأن الاستعمار الفرنسي ارتكب مجازر وحشية بحق الشعب الجزائري، باعتراف العديد من السياسيين والعسكريين والمؤرخين الفرنسيين الموضوعيين.
وفيما يتعلق بالهجرة، لا يظهر فرانسوا بايرو هواجس تجاه الهجرة والمهاجرين كما هو الحال بالنسبة لليمين واليمين المتطرف، فقانون الهجرة الذي تم تمريره من قبل غرفتي البرلمان الفرنسي (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ) في عهد حكومة إليزابيت بورن، مطلع العام 2024، لم يحظ بتأييد بايرو، الذي يشغل عمدة باو، الذي عارض القانون بحجة أن “الوقت لم يكن مناسبًا”.
ومما قاله بهذا الخصوص: “أنا عمدة. لدي مئات المهاجرين في مدينتي. أعلم أنه يمكن أن تكون هناك انحرافات. عندما يقول الناس أنه ليست هناك حاجة للقانون، فهذا أمر إجرامي. لكن هذا القانون لا يكون له معنى إلا إذا حقق التوازن”. وعليه يمكن القول إن بايرو ليس مثالا في العلاقات مع الجزائر، ولكنه أفضل بكثير من وجوه اليمين المتطرف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!