مناطق التوسّع السياحي.. 34 سنة من التأجيل!

منذ أكثر من ثلاثة عقود، تعاني الجزائر من تأخر كبير في تهيئة وتطوير مناطق التوسع السياحي، رغم جهود متعددة وبرامج استثمارية ضخمة.
وبهذا الصدد، أكد تقرير مجلس المحاسبة لسنة 2024 أنه إلى غاية 31 ديسمبر 2022، تبقى حصيلة إنجازات عمليات الدراسة، التهيئة والتأهيل لمناطق التوسع والمواقع السياحية (ZEST) التي تم إطلاقها ضمن مختلف برامج التجهيز، ضعيفة، كما أن عدد مناطق التوسع والمواقع السياحية التي تم إعداد مخطط التهيئة السياحية (PAT) الخاص بها لم تتجاوز 103 من أصل 249 منطقة مصنفة منها 48 منطقة في طريق إلغاء التصنيف الكلي أو الجزئي، بالإضافة إلى ذلك، لم يتم تهيئة وتأهيل أي منطقة بنسبة 100 بالمائة حتى هذا التاريخ.
علاوة على ذلك، لم يكن لهذه الإنجازات تأثير معتبر على عرض العقار السياحي بالنظر إلى العدد المحدود لرخص الامتيازات العقارية الممنوحة وكذا مشاريع الاستثمار المعتمدة والمنجزة على إثر عمليات دراسة التهيئة وانجاز مناطق التوسع والمواقع السياحية. (ZEST)
وعليه، حتى نهاية عام 2022، لم تمثل المشاريع المعتمدة داخل مناطق التوسع والمواقع السياحية سوى 15 بالمائة من إجمالي المشاريع المعتمدة على المستوى الوطني، في حين أن بقية المشاريع تتواجد خارج مناطق التوسع والمواقع السياحية.
بالإضافة إلى القيود التنظيمية، هناك عدة أسباب تقف وراء هذا الوضع، حيث أن هذه النتيجة تعود بشكل رئيسي إلى غياب برمجة محكمة لعمليات التجهيز المعنية، وتأخر في وضع آليات التسيير اللازمة لاتخاذ القرارات وعدم كفاية الوسائل الممنوحة للوكالة الوطنية للتنمية السياحة (ANDT) كهيئة تقنية لإنجاز مناطق التوسع والمواقع السياحية(ZEST) ، بالإضافة إلى ذلك، توجد عوامل خارجية أخرى، مثل عدم توفر التمويل لجميع عمليات الدراسات والأشغال، وصعوبات التنسيق بين مختلف القطاعات المعنية بالسياحة وكذا تعقيد الإجراءات الإدارية.
وفي هذا الصدد، شملت التحريات المديرية العامة للسياحة التابعة لوزارة السياحة والصناعة التقليدية والوكالة الوطنية لتنمية السياحة وعينة مكونة من ست مديريات ولائية للسياحة وهي: الجزائر، تيبازة، الشلف، بومرداس، عين الدفلى، بشار، لفحص مناطق التوسع والمواقع السياحية المتواجدة بها وارتكزت عمليات الرقابة على الاستبيانات وطلب المعلومات من الهيئات المعنية تلتها تنقلات ميدانية إلى هذه الأخيرة، إضافة إلى تحليل النصوص المنظمة لقطاع السياحة وكذا فحص الملفات والوثائق الثبوتية التي تبين الإنجازات ومنح الامتياز للعقار السياحي والاستثمارات.
وأظهرت التدقيقات أن حصيلة الإنجازات إلى غاية 31 ديسمبر سنة 2022، والبالغ عددها 249 منطقة موزعة على 40 ولاية ومصنفة وفقا لمراسيم تنفيذية مختلفة، تبقى بعيدة عن الأهداف الكمية والنوعية المنتظرة من قبل السلطات العمومية، خصوصا فيما يتعلق بزيادة توفير العقار السياحي داخل مناطق التوسع والمواقع السياحية بهدف تعزيز الاستثمار والنشاط السياحي، وبالفعل، فبعد مرور ما يزيد عن 34 سنة على إطلاقها، لم يتم إنجاز سوى 14 مشروعا سياحيا من أصل 376 رخصة امتياز ممنوحة للمستثمرين منها تسع فقط دخلت حيز الاستغلال، إضافة إلى ذلك، تم إنجاز 126 مشروع فقط من بين 211 حصة تم التنازل عنها ببيعها قبل سنة 2003.
وحسب مجلس المحاسبة فإن هذا الضعف في النتائج يعود أساسا إلى عوامل داخلية مثل عدم كفاءة المتدخلين العموميين في إنجاز عمليات التجهيز بالإضافة إلى عدم وضع أدوات صنع القرار وضعف الموارد الممنوحة للوكالة الوطنية لتنمية السياحة يضاف إلى ذلك عوامل خارجية أخرى مثل عدم توفر التمويل لجميع عمليات الدراسات والأشغال، وصعوبات التنسيق بين مختلف القطاعات المعنية بالسياحة وكذا تعقد الإجراءات الإدارية ووضعية عمليات تصنيف دراسة وتهيئة مناطق التوسع والمواقع السياحية.
كما لم تسمح عمليات إنجاز مخططات التهيئة السياحية وتهيئة وتأهيل مناطق التوسع من تحقيق النتائج المنتظرة، سواء من حيث إعداد مخططات التهيئة التي تعتبر ضرورية لتهيئة هذه المناطق أو من حيث الانتهاء من تهيئة مناطق التوسع وجعلها جاهزة لاحتضان المشاريع السياحية، وفي هذا الإطار سجلت الرقابة ضعفا في عدد مخططات التهيئة السياحية المنجزة مقارنة بعدد المناطق المصنفة ووفقا لأحكام المادة 12 من القانون المتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية، فإن تهيئة وتسيير هذه المناطق والمواقع تتم وفقا لمواصفات مخطط التهيئة السياحية الذي يندرج في إطار أدوات تهيئة الإقليم والعمران.
وعلى الرغم من أهميتها، إلا أن عدد مخططات التهيئة المنجزة لا يزال ضعيفا، فإلى غاية 31 ديسمبر سنة 2022 تم الانتهاء من إنجاز 103 مخطط من أصل 249 منطقة تستوجب إعداد مخططات تهيئة سياحية خاصة بها، منها 71 مخططا تمت المصادقة عليه سواء عن طريق مرسوم تنفيذي أو قرار وزاري، هذه المخططات متعلقة بمناطق مصنفة أما بالنسبة لـ146 منطقة الأخرى، فإن مخططات التهيئة السياحية الخاصة بها هي في مراحل مختلفة، منها 60 مخططا في طور الدراسة، 32 مخططا محجمدا، 54 مخططا لم يستفد من التمويل اللازم لإنجازه، حيث
تجدر الإشارة إلى أنه من بين 54 مخططا الذي لم يستفد من التمويل يوجد 13 مخططا متعلقا بمناطق مصنفة سنة 1988، أي منذ 34 سنة.
وفي رده على انتقادات مجلس المحاسبة، أكد وزير السياحة أن 48 منطقة سياحية في انتظار إلغاء التصنيف الكلي أو الجزئي وأن العمليات المسجلة في إطار برنامج التجهيز القطاعية الممركزة والتي تم برمجتها وتسييرها من طرف الوزارة بصدد الاستكمال، كما أن العمليات المسجلة في إطار برنامج التجهيز القطاعية غير الممركزة والتي يتم تسييرها ومتابعتها من طرف المديريات الولائية للسياحة والصناعة التقليدية بصدد رفع التجميد عنها، وبخصوص عدم وجود ولا منطقة مهيأة ومؤهلة كليا إلى غاية نهاية 2022 تتطلب تمويلا كافيا يتم إعادة النظر فيه.