-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ولو في.. الصين

ولو في.. الصين

التقارب العربي الصيني، الذي جسّده منتدى التعاون الصيني العربي في الرياض بالمملكة العربية السعودية، هو قمة أخرى خطاها العرب نحو التحرّر من الاستعمار الحديث، الذي كان مقتنعا بأن استعمارَه للعديد من الدول العربية، قد اكتمل وما عاد مطلوبا منه حتى تقديم الدعم السياسي الذي كان يقدمه في زمن الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية.

لقد لاحظ العرب بأن تعاونهم مع الصين لا يحتاج إلى تنفيذ شروط، تعوّدت أمريكا ومن سار على فلكها على إملائها، الأمر الذي لا يحتاج إلى تفكير ولا نقول رفضا، أو كما حدث مع المملكة المغربية التي اشترت تغريدة الرئيس دونالد ترامب بعقد اتفاقيات سياسية وثقافية واقتصادية وعسكرية واستخباراتية مع إسرائيل.

مخرجاتُ القمة العربية الصينية في الرياض لم تختلف كثيرا عن مخرجات القمة العربية في الجزائر، فقد لمس من لا يمتلك أصلا حاسة اللمس، بأن الأمور تتغير بسرعة، وبالتأكيد ليس في صالح العالم الغربي، الذي هو نفسه انقسم بعد حرب أوكرانيا وأزمة الغاز التي عصفت بالقارة العجوز، فقد صار الأوروبيون يعلنونها صراحة بأن أمريكا طعنتهم في الظهر عندما باعتهم الوهم ومعه الغاز بأضعاف ما كانت تبيعهم روسيا، وبقدر ما أدخل هذا الغازُ الدفء إلى بيوت الأوروبيين بقدر ما برّد العلاقة مع أمريكا الحليف الذي لا تهمُّه سوى مصالحه.

وإذا كان العرب قد تجرأوا على عقد اتفاقيات اقتصادية وفضائية مع الصين، وما هو قادم أعظم، فإنهم لمسوا توازنا في رؤى الصين حول القضية الفلسطينية بعد أن عاشوا على مدار عقود مع الرأي الأمريكي الواحد الذي يضع إسرائيل ضحية ويصف المقاومة بـ”الإرهاب”، وهو ما لم تفعله ولن تفعله دولة الصين التي فاجأت العالم، بعد أن اتهموها بزرع فيروس كورونا في العالم، وبعد أن أبانت عن ميول للجانب الروسي في الحرب الدائرة رحاها في أوكرانيا.

ما يهمنا أكثر في هذا الزلزال الاقتصادي والسياسي والفضائي الذي هزّ العالم، هو استفادة الجزائر من طلب العلم والمعرفة، ولو في الصين، إذ كانت سباقة إلى إبرام اتفاقيات مع العملاق الصيني من عهد أحمد بن بلة إلى عهد عبد المجيد تبون، وتواجدها المحتمل في منظمة “بريكس” هو خيار استراتيجي، لأن كل الدول المنتمية لهذا التكتل الاقتصادي والسياسي وعلى رأسها الصين، تحترم الآخر ولا تفرض عليه شروطا تعجيزية بلغت درجة الاستسلام للصهاينة مقابل رضا أمريكا، ولا نقول صفقات تصنيع بقيت لأقرب الناس إلى أمريكا، والمقصود هنا الكيان الصهيوني فقط.

يحفظ العرب منذ قرون، الكلام المأثور أو الحديث الضعيف السند، الذي يأمرهم بأن يطلبوا العلم ولو في الصين، وواضحٌ بأنهم الآن بعد أن أدهشهم ذكر الصين كمقصد للعلم، صاروا يطلبون العلم والزراعة والصناعة والفضاء بعد أن قضوا عقودا، كلما شرّقوا إلى العلم إلا وغرّب، وكلما غرّبوا إليه إلا وشرّق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!