الرأي

آش ذا العار عليكم؟

جمال لعلامي
  • 4775
  • 11

وزير الخارجية المغربي، اعتذر إلى السفير الجزائري بالمغرب، بعد ما اقتحم ناشط مغربي القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء ودنـّس علم الشهداء في عيد الثورة، والحال أن هذا الاعتذار، لا يختلف كثيرا عمّن يسبّك أو يعتدي عليك عمدا، ثم يقول لك “ماشي بلعاني”!

الاعتذار لا يجب أن يُختزل في كلمة دبلوماسية عابرة، وإنـّما المطلوب من المغرب، الأفعال بدل الأقوال، وهذا ما يرفض المخزن الاتجاه نحوه، لأنه صنـّف جارته الشرقية كـ”عدوّ افتراضي” يتحامل ويتطاول عليه في الصاعد والنازل.. فآش ذا العار عليكم؟

اقتحام القنصلية الجزائرية، وقبلها محاصرة سفارة الجزائر، ليس إلاّ مشهد آخر من مشاهد خرق تقاليد حسن الجوار والأخوّة، فلو حدث ما حدث بالمغرب الشقيق، في دولة محسوبة على “أعداء” العرب والمسلمين، لربّما تمّ تفهـّم الاعتداء الذي لا صلة له بالأخلاق والدبلوماسية!

لا يُمكن للمراقبين والحياديين إلاّ أن يفهموا من استدعاء السفير المغربي والاحتجاج أمام سفارة الجزائر بالرباط واقتحام قنصليتها بالدار البيضاء وتدنيس علمها الوطني، سوى أنها عملية متناسقة ومنسجمة تم تحريكها بإيعاز مباشر من المخزن والبلاط!

كان الأجدر بالمملكة المغربية أن “تهنـّئ” عن طريق ملكها الجزائريين بالذكرى الـ59 لعيد الثورة التحريرية، بدل تدنيس علم الشهداء، ثم اعتقال المنفـّذ دون إلقاء القبض على المهندسين وإدانة الآمرين!

لقد حمّلت الجزائر المغرب مسؤولية توفير الأمن والحماية لمقراتها وبعثاتها الدبلوماسية، وهذا ما تقرّه الأعراف والمواثيق الدولية، والأنفع للمخزن أن يضمن ذلك، حتى لا يصبح كلّ من يحمل جواز سفر جزائري يتوجّس خيفة من التوجه إلى أراضي “أمير المؤمنين”!

ليس بمثل هذا التصعيد والتعفين المغربي، يُمكن ليّ ذراع الجزائر، وإجبارها على فتح الحدود بعد ما فشل المخزن في توسلاته وتسوّلاته لتحقيق مصلحة تبقى من جانب المغرب فقط، طالما أنه يُريد إغراق الجزائر بالحشيش و”فناجل مريم وقشّ بختة”!

فتح الحدود بين البلدين، المغلقة منذ عام 1994، لا يتم فتحها بشفرة: افتح يا سمسم، ولكن بتطبيق المغرب لالتزاماته ووعوده، حتى وإن كان هذا الأمر مستبعدا، خاصة إذا علم المراقبون بأن المخزن لم يلتزم سوى بتطبيق 8 اتفاقيات من مجموع 37 اتفاقية ضمن مظلة اتحاد المغرب العربي الذي أعلن المغرب عن تجميد نشاطاته عام 1995!

هذا هو المخزن: يقبر مشروع اتحاد المغرب العربي، من جانب واحد، ويفرض التأشيرة على الجزائريين، من جانب واحد، ويستدعي سفيره من جانب واحد، ويقتحم سفارة غيره من جانب واحد، ثم يتهم الآخر بشنّ “حملة عدائية” هي في الحقيقة ليست موجودة إلا في دفاتر البلاط!

يستحيل بمثل هذه العقليات المخزنية أن تتحرّر المبادرات وتـُبنى التحالفات ويتبادل بلدان المغرب العربي الخيرات والمصالح بما يخدم الشعوب، ولعلّ إقحام قضية الصحراء الغربية في كلّ محفل، وتفاوض من طرف المغرب الذي يحتلها ويرفض تصفيه استعماره بها، هي الشجرة التي تغطي الغابة، وترهن المنطقة وتضعفها وتستبيح وحدتها وسيادتها!

مقالات ذات صلة