أبرهة وأصحاب الفيل في هجوم على الجزائر؟
في بيان صدر عن مصالح الحماية المدنية، على خلفية الهزات الأرضية التي حلّقت شدّتها حول الثلاث درجات، على سلّم ريشتر، في ولايتي باتنة وسطيف، لم يتم تسجيل سقوط أي بناية، ولم يُصب أي شخص، في ولايتين بهما أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، ماعدا انهيار مسجد عقبة بن نافع الذي انتهت الأشغال به منذ بضعة أسابيع، في قرية درارة ببلدية بيضاء برج الواقعة بين الولايتين، هذا الخبر يوحي بأن غياب الضمير المهني في الجزائر، لم يعد يعني فقط أستاذا ينام في القسم، ويجرّ التلاميذ عنوة نحو المستودعات، ليبيعهم دروسا خصوصية، ولا طبيبا يتظاهر بالتعب في المستشفى العمومي، ويخطف مريضه نحو العيادات الخاصة، ولا مناضلا في حزب يتحدث في برنامجه عن الأخلاق والمبادئ، ويشتري هو أصوات الناخبين، ولا تاجرا مطففا إذا اكتال على الناس يستوفيهم، وإنما طال حتى بناء المساجد التي من المفروض أنها تؤسس على التقوى، بمال المسلمين، وبنيّاتهم الصادقة، لأجل بناء جيل يعرف بأن المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشدّ بعضه بعضا، فما بالك أن يكون هذا البنيان مسجدا يُعبد فيه الله، ويلتقي فيه الناس خمس مرات في اليوم على الأقل، في زمن الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي التي نسفت البنيان المعنوي للمجتمعات، وجعلته أوهن من بيت العنكبوت.
وعندما يعيش الجزائريون الغشّ في بناء جامع، كان يمكن أن ينهار على المصلين، كما حدث ذات تراويح في تبسة، أو كما حدث في المدينة الجديدة بقسنطينة التي تهدم مسجدها خالد بن الوليد بالكامل، قبل أن تبنى المساكن، وعندما يسمعون عن سرقات تطال صناديق الزكاة، ويلتهبون بنار الأسعار في عز صيامهم، ويشاهدون كيف توزع جوازات الحج تحت الطاولة للمسؤولين والأثرياء، بينما تطير السنوات، وتنتهي برجال ونساء، تظل فريضتهم الخامسة مرتبطة بالقرعة قبل الاستطاعة، فإن السؤال، كيف يثقون بعد ذلك في المشاريع الدنيوية، من طريق سيّار، ومدن جديدة، بأنها لن تنهار كما انهار جامع طارق بن زياد، وفي مسؤولين لا يوزعون مناصب الشغل ومفاتيح السكن تحت الطاولة، وهم الذين وزعوا جوازات الحج بالمحاباة، وحتى الرشوة، وكيف يثقون بألا تمتد الأيادي السوداء لمخزون الصرف بالعملة الصعبة، وقد امتدت لصناديق الزكاة.
عندما تزور بلدا أوروبيا، ترى أن أجمل ما في مدنه وقراه هو الكنائس التي تدهشك بهندستها، وتجد نفسك مذهولا أمامها أو سارقا النظر في بهائها، بينما نقدم نحن، صورة سطحية وباطنية مسيئة لبيوت الله، فلا نختار في بنائها أحسن المهندسين المعماريين، ولا نحرص على المراقبة التقنية الدقيقة، فندخل مساجدنا في فوضانا، وفي تخلفنا، بالرغم من أنها المنارات الحقيقية لنهضتنا.
منذ سنوات قليلة تكفّل مهندس فرنسي، ببناء مسجد في ولاية ڤالمة، وكان جموع المصلين يريدون الصلاة فيه قبل إتمام إنجازه، وهالهم الأمر أن المهندس المعماري رفض تسليمه، حتى تركّب الأجهزة المانعة للصعقات الرعدية، وهو ما أثار بعض المصلين، فاقتحم أحدهم عليه مكتبه، واتهمه بالعداء للمسلمين، وأشار إلى المناخ الربيعي الذي تنعدم فيه فرص المطر والرعد، ولكن المهندس الفرنسي ردّ عليه ببرودة دم: “هذا رأيك أنت، أما أنا فأومن بالله، وعلى يقين بأنه قادر على إسقاط الثلج في أوت، وإلهاب الحر في ديسمبر، وقصف الرعد في كل فصل على أي بناية أو مسجد” . بدون تعليق!!