الرأي

أحداث باريس: جريمة وتساؤلات

محمد السعيد
  • 2122
  • 6

إن ما شهدته باريس في نهاية الثلث الأول من شهر جانفي الجاري من قتل المدنيين وترويع الآمنين واعتداء على حرمة المساجد يستوقفنا بمنطلقاته وسياقه ونتائجه:

ـ  إن الاغتيال مهما كانت ضحاياه جريمة مرفوضة ومدانة، ولا يمكن تحت أي مسمى التذرع بها بدعوى الدفاع عن الاسلام ورموزه ومقدساته.

ـ إن الإساءة إلى الأديان والأنبياء بأي شكل من الأشكال جريمة مرفوضة ومدانة، ولا يجوز التذرع بحرية الرأي والتعبير للنيل من مقدسات و معتقدات الشعوب لما في ذلك من استفزاز لمشاعرها يتعدى حدود ممارسة حرية التعبير.

ـ إن الجو العدائي ضد الإسلام والمسلمين الذي تغذيه في فرنسا الأقلية الممثلة في اليمين المتطرف الحاقد على الجزائر واللوبي الصهيوني المعادي للعرب كافة، يكشف في أحد جوانبه عن الروح الصليبية التي ترفض منذ الأزل الاسلام دينا ومحمدا (ص) رسولا، والتي تستمر ضمنيا في كتابات منظري صراع الحضارات.

ـ إن توقيت مقتل أربعة يهود في المتجر بباريس والإعدام الفوري لمرتكب الجريمة دون الإصرار على القبض عليه حيا يثيران تساؤلا عن علاقتهما بطلب انضمام الدولة الفلسطينية إلى منظمة الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية وموجة الاعتراف بهذه الدولة من طرف البرلمانات الأوروبية، كان آخرها البرلمان الفرنسي، وليس مستبعدا أن تكون للوبي الصهيوني يد في هذه الجريمة التي غطت إعلاميا على مجزرةشارلي إيبدولحمل الرأي العام الأوروبي على الضغط على حكوماته قصد التراجع عن هذه الخطوات المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني.

ـ إن المسيرة الحاشدة التي شهدتها باريس بحضور عدد كبير من قادة وممثلي دول العالم تضامنا مع فرنسا وتنديدا بالإرهاب تلوثت بمشاركة أحد أكبر مجرمي الحرب ضد الإنسانية، وهو نتانياهو رئيس الكيان الإسرائيلي الذي تقدم المسيرة ويداه ملطختان بدماء الآلاف من دماء إخواننا الفلسطينيين في حرب إبادة معلنة، كان آخر فصولها العدوان على غزة في شهر جويلية الماضي.

ـ إن حضور هذا المجرم إلى باريس كان كافيا لامتناع الجزائر عن المشاركة في هذه المسيرة حتى لو كان فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكان يجب الاكتفاء ببرقية التعزية التي بعث بها رئيس الجمهورية إلى نظيره الفرنسي، لاسيما وأن موقف الجزائر من محاربة الإرهاب لا يحتاج إلى بينة وبرهان.

ـ إننا نحيي مستشارة ألمانيا السيدة ميركيل التي قادت بنفسها في برلين  مسيرة تنديد بالحملة المعادية للإسلام التي يشنها اليمين المتطرف في بلادها، وندعو الرئيس هولاند إلى الاحتذاء بها حتى يشعر المسلمون في فرنسا بالاطمئنان والسكينة، وحتى تستعيد فرنسا استقلالية سياستها الخارجية كما فعل الجنرال ديغول عندما وقف ضد العدوان الاسرائيلي على الأمة العربية في 1967.

ـ إن النخب الإسلامية المنتشرة في الغرب مطالبة بتوظيف قلمها وقدراتها الفكرية للرد بشكل منظم ودائم على هذه الحملة المسعورة حتى لا تترك الساحة لأعداء الإسلام لتشويهه وتأليب الناس على أتباعه، فلا يجب أن يستبد بهم الخوف والضعف، وفي صدورهم كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومَثلهم الأعلى صاحب الخُلُق العظيم محمد رسول الله(ص).                                                               

 

*رئيس حزب الحرية والعدالة / وزير الاتصال السابق

مقالات ذات صلة