أحزاب التحالف الرئاسي لا تزال في خدمة السلطة!
كشفت حيثيات المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالدستور، أن التطورات التي عرفها المشهد السياسي على مدار ما يقارب السنتين، لا تزال سيدة، وأن الآلة الحزبية التي اعتمد عليها النظام السابق، لا تزال في خدمة السلطة.
وصوت لمشروع الدستور كل من أحزاب، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وتجمع أمل الجزائر “تاج” والحركة الشعبية، وتمكنوا بفضل المنطق العددي من تمرير مشروع القانون المتعلق بتعديل الدستور على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان، ومن بعده مجلس الأمة مع بعض الاختلافات على صعيد التمثيل.
وتمثل الأحزاب السالف ذكرها ما كان يعرف في العهد البائد، بـ”التحالف الرئاسي”، وهو تكتل سياسي تبنى مشروع الرئيس السابق ودافع عنه، ورافع من أجل العهدة الخامسة، التي كانت من بين الأسباب الرئيسية، إن لم تكن السبب المباشر، لاندلاع “الحراك الشعبي”، الذي أتى على المنظومة السابقة.
وتلتقي الأحزاب الأربعة في أكثر من قاسم مشترك، فعلاوة على دعمها لمشروع سياسي أسقطه الجزائريون، فقادتها يوجدون خلف القضبان على خلفية فساد سياسي ومالي، فحزب جبهة التحرير، يوجد إثنان من كبار قادته في السجن، وهما جمال ولد عباس ومحمد جميعي، والتجمع الديمقراطي، أدين أشهر أمنائه العامين، الوزير الأول الأسبق، أحمد أويحيى، في أكثر من قضية فساد، أعلاها حكما بـ15 سنة حبسا على خلفية قضايا فساد، والحال كذلك بالنسبة لعمار غول رئيس حزب “تاج”، وعمارة بن يونس رئيس الحركة الشعبية، اللذان ينتظران دورهما.
وعلى الرغم من مقاطعة بقية الأحزاب الأخرى، على غرار حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية، وأحزاب كل من جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، إلا أن ذلك لم يغير شيئا في واقع المعادلة، الموروث من عهد محل رفض شعبي.
ليس هناك من علاقة ظاهرية بين السلطة الجديدة وأحزاب التحالف سابقا، بل إن العلاقة تبدو سيئة، فالمشاورات السياسية التي قادها الرئيس عبد المجيد تبون، لم تكن تلك الأحزاب طرفا فيها، بل إنه تبرّأ علنًا من الأفلان، مؤكدا أكثر من مرة أنه مرشح باسم المجتمع المدني، وحتى المشاورات التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي قادها كما هو معلوم، وسيط الجمهورية الحالي، كريم يونس، لم يتم استدعاؤها.
وفي الجهة المقابلة، كانت هذه الأحزاب على لسان الملايين من الجزائريين الذين خرجوا في 22 فبراير 2019، ليس اعتدادا بمواقفها السياسية، وإنما مطالبين بحلها، لأنها أصبحت رموزا للفساد السياسي والمالي، وهي المطالب التي تمخضت عنها مقاربات، منها التي تطالب بممارسة العزل السياسي عليها، كما جرى في بعض البلدان التي شهدت ثورات كمصر وتونس، ومنها التي ترى بضرورة ترك مصيرها للصندوق، بمعنى أن الشعب هو من يحسم في أمرها في انتخابات تكون شفافة ونزيهة.
ويرى بعض المراقبين أن الظروف التي مرت بها البلاد على مدار الأشهر الماضية، هي التي تكون قد لعبت لصالح أحزاب التحالف سابقا، فالتغيير الذي يطالب به “الحراك المبارك”، كما سمي في ديباجة الدستور قيد التعديل، يجب أن يأخذ المسار الدستوري والقانوني، وهذا يتطلب المزيد من الوقت.
كما أنه من غير المعقول أن تقوم المؤسسات التي انتخبت في عهد النظام السابق، والتي لا تزال تحت سيطرة أحزاب التحالف سابقا، باتخاذ إجراءات ضد نفسها، ما يعني أن ما حدث في نهاية الأسبوع تحت قبة البرلمان، نتيجة لوضع سابق يبقى رهينة لتطورات تبقى تحت المجهر.