-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أخلاقنا.. لماذا لا تزكو في رمضان؟

سلطان بركاني
  • 1394
  • 0
أخلاقنا.. لماذا لا تزكو في رمضان؟
ح. م

كلّنا نقرأ حديث النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: (الصّيام جنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه، فليقل: إنّي صائم، إنيّ صائم)، ونحفظ قوله عليه الصّلاة والسّلام: (من لم يدعْ قول الزّور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، ولكنّ المتأمّل لواقعنا وأحوالنا في هذا الشّهر الفضيل، يلحظ أنّ نفوس كثير منّا تزداد ضيقا، وطباعهم تزداد حدّة، خاصّة في ساعات المساء، ومع أنّ المفترض في الصّائم أن يستحضر الحكمة من الصّوم ويكون حريصا على حفظ صيامه، فيتحلّى بالمسؤولية في عمله إن كان عاملا، وبالصّدق والأمانة في تجارته إن كان تاجرا، ويجاهد نفسه على الصّبر في شهر الصّبر أيا كان مقامه ومكانه، ويكظم غيظه ويدفع بالتي هي أحسن، إلا أنّ بعض الصّائمين، وعلى النّقيض من هذا كلّه، يرون في رمضان فرصة لإشباع نهم النّفس من النّوم والكسل، وبعضهم يراه فرصة لتحقيق وافر الأرباح ولو كان ذلك بالغشّ والحيل، ويتحوّل كثير منهم في هذا الشّهر إلى سباع كاسرة، يغضبون لأتفه الأسباب، ويطلقون لألسنتهم العنان بالسّباب وسوء الخطاب، ويتمادى الأمر ببعضهم إلى أذية أهليهم وذويهم وإخوانهم، وربّما يصل الأمر إلى الطّلاق بين الزّوجين، وإلى السّب واللّعن وإشهار الأسلحة البيضاء وتبادل اللّكمات والطّعنات، في الأسواق ووسائل النّقل، بل قد يصل الأمر إلى حدّ سبّ الخالق جلّ في علاه!؛ وإلى تقاذف أشنع العبارات في بيوت الله، بسبب الأماكن التي تحجز للصّلاة، وبسبب فتح وإغلاق النّوافذ وتشغيل أو تعطيل أجهزة التّبريد، هذا فضلا عمّا يحصل في مختلف الإدارات والمستشفيات، من تعطيل لمصالح النّاس وتأجيل للأعمال، بحجّة الصّيام.

إنّه لأمر مؤسف حقا أن تطالعنا نتائج دراسة أجريت في إحدى الدّول الإسلاميّة، بأنّ نسبة الجرائم تزيد في شهر رمضان بمعدل يصل إلى 30  % عن غيره من شهور السّنة، وبأنّ مظاهر العنف بين الأزواج كالضّرب والإهانة والطرد من المنزل والقتل، لأتفه الأسباب، تزداد في الشّهر الفضيل، خصوصاً في السّاعات الأخيرة قبل الإفطار!.

الخلل ليس في رمضان، وإنّما هو في الصّائمين الذين غفلوا عن حقيقة الصّيام، ممّن يسأل الواحد منهم عن أدقّ التّفاصيل المتعلّقة بما يدخل الجوف من المفطرات، ولكنّه لا يعبأ في المقابل بما يخرج من هذا الجوف من المهلكات، ولا بما تقترفه جوارحه من المنكرات!. ولا شكّ أنّ هؤلاء لن يكون لهم حظّ من صيامهم إلا الجوع والعطش، والأوزار والآثام المضاعفة التي تلحقهم، ولن يكون رمضان إلا شاهدا عليهم، يشكو حالهم معه إلى الله سبحانه.

إنّنا جميعا مدعوون لمراجعة تعاملنا مع رمضان، وإلى مجاهدة أنفسنا لتحقيق الغاية الأهمّ للصّيام، ألا وهي طلب مرضاة الله، بتنقية القلوب وتزكية الأنفس، من رواسب التعلّق بالدّنيا الفانية، ومن الشّحناء والبغضاء والحقد والضّعينة، وتحليتها بالصّبر والحلم والأناة، ولجم الألسن عن قول الزّور والباطل، وعن الغيبة والفحش والبذاءة.. ومن لم يغالب نفسه في رمضان على هذا، فمتى سيُغالبها؟.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!