الرأي

أخيراً انتصرت بن غبريط!

حسين لقرع
  • 2595
  • 23
ح.م
نورية بن غبريط

 يعني تصريح نجادي مسقّم، المفتش العام للبيداغوجيا بوزارة التربية، عن تقليص أيام امتحان البكالوريا من 5 أيام إلى يومين ونصف يوم أو ثلاثة أيام ونصف يوم، الاكتفاءَ بامتحان التلاميذ في المواد الأساسية لشُعبهم، والباقي يدخل ضمن ما يُسمَّى “التقويم المتواصل”، في هذه الحالة، لن يُمتحن طلبةُ الشُّعب العلمية والرياضية والتقنية –وهم أغلب الطلبة في التعليم الثانوي- سوى في موادهم الأساسية، أما اللغة العربية والتاريخ والتربية الإسلامية، فستُدرج في عملية “التقويم المتواصل” ابتداءً من الثانية ثانوي، ولن يُمتحَن فيها خلال البكالوريا سوى طلبة شعبة فلسفة وأدب!

منذ تعيين نورية بن غبريط رمعون وزيرة للتربية قبل سنوات، قلنا بصراحة ووضوح تامِّين إن هذه الوزيرة التي كانت عضوا في لجنة بن زاغو التغريبية لـ”إصلاح” المنظومة التربوية، واستعانت بخبراء تربية فرنسيين لوضع تصوّر لـ”جيلها الثاني من الإصلاحات” المزعومة، لها أجندة واضحةُ المنطلقات والأهداف ولن يهدأ لها بالٌ حتى تنفّذها كاملة مهما كان حجم الاعتراض الشعبي عليها، وهاهي الأيام تُثبت ذلك من خلال مقترحيها اللذين قدّمتهما للحكومة باسم “إصلاح البكالوريا”، وإذا أقرّتهما الحكومة، وهذا واردٌ جدا، فستتمكّن الوزيرة أخيراً من تهميش مواد الهوية في المدرسة بعد سنوات من المساعي الحثيثة لتحقيق هذا الهدف، وإذا نجحت هذه الخطوة فستُرفق مستقبلا بخطواتٍ أخرى ومنها تدريس العامِّيات بدل العربية الفصحى في السنوات الأولى للابتدائي، وتعزيز مركز اللغة الفرنسية بالجزائر على حساب العربية والإنجليزية معاً… والسمّ يُجرَّع للجزائريين قطرة قطرة.

صحيحٌ أن البكالوريا بحاجة إلى إصلاح بعد أن تراجعت هيبتُها في العقدين الأخيرين، ولكن الإصلاح يتطلّب تدابير أخرى لاستعادة هذه الهيبة، ومنها المكافحة الصارمة للغش الذي شاع في السنوات الأخيرة، والكفّ عن تضخيم نسب النجاح كل سنة للإيحاء بنجاح “إصلاحات” بن زاغو، ما سمح للكثير من ضعيفي المستوى بولوج الجامعة والتخرّج فيها، وهم لا يحسنون كتابة جملة مفيدة خالية من الأخطاء الإملائية البدائية، فضلا عن الكفّ عن التسامح في تصحيح إجابات البكالوريا وتدليل الكسالى، ألم تصرّح الوزيرة قبل أيام فقط أن “تصحيح إجابات البكالوريا هذه السنة سيراعي صعوبة الأسئلة”؟ أليس هذا “تسامحا” في غير موضعه مع الكسالى وتمهيدا لرفع نسبة النجاح بلا استحقاق؟

“إصلاح البكالوريا” يتمّ بالعودة إلى طريقة السبعينيات التي كانت لا تسمح سوى لنخبة الطلبة بدخول الجامعة والتخرّج بمستوى عال يؤهّلهم للعمل حيثما شاؤوا في الداخل والخارج، أما ما تقترحه بن غبريط رمعون، ويحمل اسم “إصلاح البكالوريا” زورا وبهتانا، فهو لا يحمل من صفات الإصلاح شيئا، بل هو مجرّد حيلة جهنّمية لتهميش مواد الهوية، وحملِ ملايين التلاميذ على عدم الاكتراث بها مستقبلاً لأنها مواد ثانوية لن تُدرج في البكالوريا، وانتهى الأمر.

ونضيف أخيراً أن “التقويم المتواصل” في هذه المواد ابتداء من السنة الثانية ثانوي، سيكون فرصة للأساتذة لتضخيم نقاط تلاميذهم في هذه المواد لرفع فرصهم في النجاح، وستسكت وزارة التربية عن هذا ما دام سيؤدي إلى رفع نِسب النجاح كل سنة ويسمح لها بالتباهي بذلك، وهذا ما ينال أكثر من هيبة البكالوريا ويضرب “إصلاحها” المزعوم في مقتل.

مقالات ذات صلة