الرأي

أرقام تُلغي العقل رسميا

محمد سليم قلالة
  • 3683
  • 14

عندما لا يتقبل العقل رقما معينا أو ادعاء معينا ويحاول أن يُقنع الآخرين بالمنطق أن ذلك غير ممكن، يتمادى صاحب الادعاء في إصراره على صحة موقفه بكل الوسائل بما في ذلك الصراخ والعويل… حدث ذلك لي عندما لم أتقبل عقليا إمكانية جمع 3 أو 04 أحزاب لـ 03 ملايين توقيع لصالح رئيس الجمهورية في 03 أيام، ونحن نعرف جميعا كم هو الجزائري حذر بشكل عام من تقديم توقيع لأي كان، فما بالك الذهاب إلى المكاتب بنفسه للمصادقة على توقيعه كما ينص القانون.

هذه المبررات العقلية غير نافعة مع صنف من الناس، ولذلك تحتاج إلى تقديم مبررات أخرى رقمية لعل القوم يكفّون عن استغباء العقل واستعداء المنطق، ولو أننا نستبعد ذلك…

المبررات الرقمية تقول: إن جبهة التحرير حصلت على 1324363 صوت (أقل من 1.4 مليون) في الانتخابات التشريعية 2012، وإن التجمع الوطني الديمقراطي حصل على524057 (نحو نصف مليون) في نفس الانتخابات، ولنفترض أن كل التكتل الأخضر الذي انشق عنه حزب تاج صب في نفس الوعاء بـ 475049 صوت (نحو نصف مليون)، سيصبح مجموع الأصوات المحصل عليها هو 2323469.

 أي أن كل هذه الأحزاب وبعد حملة انتخابية رسمية زادت عن 19 يوما، وتحضيرات دامت لشهور، لم تستطع أن تدفع بأكثر من 2.5 مليون مواطن للذهاب إلى صناديق الاقتراع، وبقدرة قادر استطاعت في ثلاثة أيام أن تدفع بـ 03 ملايين وهناك حديث عن 04 و05 ملايين للذهاب إلى عون الحالة المدنية أو الموثق أو المحضر القضائي للتوقيع أمامه على استمارات الدعم.

لم يبق لنا سوى أن نوقف عقولنا بل أن نُلغيها تماما لنقبل بذلك، والإلغاء أقرب لأن عدد الذين سبقوني وألغوا أصواتهم رسميا في نفس الانتخابات بلغ أزيد من 1.6 مليون، (1668507) مواطن، وهو أكبر من العدد الذي فازت به جبهة التحرير بـ 221 مقعد وتحكمنا باسمه اليوم.

نقول هذا ونحن نعرف أن لا المبررات المنطقية والعقلية، ولا المبررات الرقمية ستمنع هؤلاء من الاعتراف بأن السياسة هي علم لإدارة شؤون الناس وليست دروشة واستهتارا بالعقول، ونقوله لأننا ندرك أنه بدون العودة للسياسة كعلم، وبدون الاعتماد على الذكاء والكفاءة لتسيير شؤون البلاد، وبدون الابتعاد عن تلك الأساليب البالية التي لم تعد تجد نفعا في عالم اليوم، سنبقى دون الانطلاق نحو بناء دولة أصيلة وعصرية هي أمل الأمة اليوم أكثر من أي وقت آخر…

مقالات ذات صلة