-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أزماتٌ وتحاليل

أزماتٌ وتحاليل

تكاثرت الأزمات وتشابهت وكلها تعني يوميات المواطن من سيولة وزيت وسميد وحليب أكياس… لكن الملاحَظ في هذه الأزمات التي تتوالى ومنها ما يعمّر مثل السيولة، تكثر فيها التحاليل وتغيب الحلول، وفي كل مرة نستمع إلى تحليل وتفسير جديد لهذه الأزمة وكأن بعض الوزراء والمسؤولين بصدد شرح قصيدة الشاعر “الليث بن فاز الغضنفري”، فتجدهم مرة يُشرّقون وأخرى يُغرّبون من دون حلول أو طرح أفكار، في الوقت الذي تكاثرت فيه الأزمات وانتشرت مثل الجائحة، وصار لمشكلة السيولة سلالاتٌ، من شقيقاتٍ وبنات عم وبنات جيران.

لا يتوقف دور الطبيب في شرح طريقة تسرّب الفيروس مثلا إلى رئتي المريض، أو تقديم التشخيص الصحيح للمرض، فالحالة تحتاج إلى علاج كامل، بل إن تحليل الأعراض لا تهمّ المريض. والمواطن قد لا يتوقف كثيرا عند فهم سبب ندرة السيولة أو فقدان زيت المائدة عن “مائدته”، فما يهمُّه هو الحل الذي يتجسد على أرض الواقع، فقد قدّم وزير البريد ومعه العديد من مديري القطاع مجلدات من تحاليل للوضع، وأسهب وزيرُ التجارة ومرافقوه من حمَلة هذه الحقيبة، في شرح وتفسير أزمة زيت المائدة، ومنهم من قدّم بدل تشخيص الحالة عدة تشخيصات من دون أن نلمس حلولا جذرية تقتلع هذه الأعراض مع دخول شهر رمضان وغيوم الجائحة التي مازالت تخيّم على الأجواء الصحية في بلادنا.

في أواخر زمن هواري بومدين والشاذلي بن جديد كانت الطوابير هي ميزة كل أسواق الفلاح في الجزائر، فكان المواطن مجبرا على الوقوف في الصف وأحيانا لاستعمال عضلاته من أجل اقتناء البيض والعدس والموز والزبدة والجبن والقهوة… وكان ردّ النظام في ذلك الوقت جاهزا، وهو الدعم الكبير الذي تقدِّمه الدولة لمختلف المواد الغذائية من أساسية وغيرها، وجميعها تسافر من القارات البعيدة، وعندما أزيلت أسواق الفلاح والتعاضديات لم يتأسَّف على أيامها أحدٌ بالرغم من أن ثمن الإزالة، كان رفع الأسعار وتحرير البيع، لأن منظر الطابور فيه خدشٌ لكرامة المواطن وهيبة السلطة، فما بالك أن يكون هذا المنظر في عز وقوة فيروس مجهري لا يتسرَّب إلا إذا اقترب الناس من بعضهم البعض، خاصة في طوابير اللمس والتنفس ولعاب الشكوى، والتي صرنا نراها وبقوة في مختلف الولايات طلبا للمرتب ولقنينة الزيت أو كيس السميد.

لا أحد بإمكانه منع مواطن من تخزين السلع في بيته من خلال تحليل الوضع وتقديم نصيحة من نسج اللعاب، فدور المسؤول هو قلب الوضع الراهن إلى ما يريح الدولة والمواطن معا. ومن منطق الأشياء، فإننا إذا حذفنا من سيرة المسؤول سيئة اللامبالاة تجاه الوضع، ولا نظنهم غير مبالين بما هو موجود في الشارع، فإن سيئة عدم الكفاءة ستكون أقسى وأكثر منطقية، خاصة إذا طال زمن الأزمة وأخذت بدلا عن الأسابيع، عدة شهور، كما حال مشكلة السيولة.. الراكدة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • ابو سعيد الخدري

    حكومة فاشلة تتخبط و ترتجل وتعبث وتلعب وتراوغ وتمكر . تجار فجار جشعون طماعون لا انسانية ولا رحمة ولا وازع ديني لديهم تجار الجزائر دينهم الوحيد هو جمع المال وفقط علي حساب المساكين والفقراء تجار اوروبا من اليهود والمسيح والبوذيين والملحدين والهندوس وغيرهم من الاديلن الاخري افضل منهم انسانية ورحمة وشفقة حسبنا الله ونعم الوكيل في حكومتنا وفي تجارنا الطماعون المحتكرون

  • لزهر

    و الله عدت بنا إلى العصر الذهبي عندما إنقرضت كلُ من سوق الفلاح المونوبري لكوفال و الصومباك و لا ننسى قارورة الشوط. ذهبت معها البركة و لم نعد نحس بطعم العيش و السكينة. هذا الجيل الجديد ربما لم يسمع بهذه الأسماء التي كانت أنذاك في خدمة الفقراء و المساكين في زمن البترول. تجسيد مشروع من الآلف إلى الياء يحتاج إلى كفاءات و أفكار حقيقية. مشروع زراعة الأحياء َ داخل المدن قامت به كوبا و قد نجحت فيه لأنها تمر بأزمة إقتصادية منذ التسعينيات و هو جنيرال من قام بتجسيد هذا المشروع على أرض الواقع.