-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
التظاهر بالسعادة والانسجام

أزواج تعساء يخدعون مشاعرهم من أجل نظرة المجتمع

نسيبة علال
  • 1899
  • 0
أزواج تعساء يخدعون مشاعرهم من أجل نظرة المجتمع
بريشة: فاتح بارة

يعيش بعض المتزوجين حميميتهم للغير، فيصورون حفلاتهم الخاصة، وخرجاتهم الأسرية، والتفاصيل السعيدة، أمام الكاميرا، لغرض عرضها على جمهور المتابعين، على مواقع التواصل الاجتماعي. فالهدف لدى هؤلاء ليس الاستمتاع لأنفسهم بحياة زوجية هادئة يسودها التآلف، وإنما همهم كيف ينظر الناس إلى علاقتهم، وكيف يظهرون أكثر سعادة وانسجاما في أعين الغير، حتى وإن كانوا تعساء في الواقع.

تقول الخبيرة النفسية، المتخصصة في العلاقات الزوجية، الدكتورة دبوب عقيلة: “الواقع، أن التركيبة النفسية البشرية تسير بمبدإ غريب نوعا ما. فالتظاهر بالحب، يمكن أن يجعل الشخص يحب فعلا. والتظاهر على المدى البعيد بالسعادة، يجعل الزوجين سعيدين فعلا، لأن الجميع يؤمن بشعورهما.. من جانب آخر، وجود خلافات دائمة في العلاقة، والتظاهر فقط أمام الغير بالحياة السعيدة، يزيد من تعقيد العلاقة، بفقدان الثقة والمصداقية لكل طرف أمام الآخر، وشعور كل منهما بأن البقية أهم من الشخص ذاته وشعوره لدى الشريك”.

حفلات ومواعيد غرامية ملايين تدفع لعيون العائلة والمعارف

يقيس الكثير من الناس مقدار الحب ونجاح العلاقات الزوجية ببعض المظاهر، التي يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، كالاحتفالات الخاصة بأعياد الميلاد ومناسبات، كالنجاح مثلا، وبالأسفار والرحلات، التي يتقاسمها الزوجان، وينشران صور تفاصيلها التي تبدو للجميع ممتعة، فيما قد تحمل خلفها الكثير من المشاعر السلبية.. تقول آية: “أنا وزوجي، نختلف في أبسط الأمور الحياتية.. لا نعيش سعداء أبدا. مع هذا، نضطر إلى السفر معا، من أجل العمل في وكالتنا. ولأسباب خاصة، ينشر زوجي صورنا في بلدان عديدة، فيعتقد الجميع أننا نستمتع بوقتنا معا، بينما نضطر أحيانا إلى المبيت في غرفتين منفصلتين. وهذا النفاق الاجتماعي بات يقلقني أكثر، ويزيد من توتر علاقتنا.. كيف يهمه أن ترانا العائلة والأصدقاء بخير، عبر الصور، بينما لا يهمه أن أشعر بالإهمال والإهانة في الواقع.. فزوجي يعيش العلاقة معي حتى يرضي الآخرين”.

عبد الوهاب، شاب ثلاثيني، متزوج منذ سنتين تقريبا، بعد علاقة حب جمعته بمديرته في العمل. كتب يبحث عن حل لأزمته، يقول: “لاحظت أن زوجتي، في الكثير من المناسبات، تختار مكانا فاخرا للاحتفال، وتدفع مدخرات عملها، من أجل ديكور حفلة عيد ميلادي، في فندق 5 نجوم مثلا، رغم أن الأمر لا يستهويني تماما.. وتستمر، طوال الوقت، في توجيه الملاحظات إلي، حتى تقوم بتوثيق لحظات إشعال الشموع، وتقديم الهدايا، والتظاهر بالاستمتاع والاهتمام، حتى إذا رحل المعازيم من زملائنا والأصدقاء، أو أطفئت الكاميرا، انقلب مزاجها، ولم تعد تكترث بي.. حدث مرة، أنها أعدت كعكة باسمي، بالملاين، لكنها لم تنتبه إلى أنني لم أتذوق قضمة منها.. بالنسبة إلى زوجتي، السعادة هي ما يراه الآخرون، وليس ما نعيشه كزوجين. وهذا، يشعرني بالنفور والانزعاج الدائم”.

حسابات شخصية تدفع من رصيد مشاعر الشريك

تتعمد فئة من المتزوجين إطلاع الناس على الجانب المشرق والسعيد من حياتها، بدافع ما، يكون إما إثارة غيرة أو ندم طرف آخر، أو إخفاء الجانب المظلم من العلاقة، والتستر على بعض السلبيات فيها، كالغياب المتكرر، الهجران، الخيانة، الظروف المادية السيئة.. وفي جميع الحالات، نجد أن طرفا يستمتع بالتظاهر، بينما هناك الطرف الآخر يتألم أو يعاني.

تزوج كريم بطريقة تقليدية، بعدما كان على علاقة بابنة عمته، دامت تسع سنوات. تروي زوجته سمية، كيف أنه كان يعاملها بجفاء استثنائي، على مدار السنة، بينما إذا حلت مناسبة عائلية، أغدق عليها بأفخم الملابس والإكسسوارات والعطور، وعاملها بلطف مبالغ فيه أمام العائلة، يريد أن يظهر بذلك زواجا ناجحا، وتآلفا وحبا، على خلاف ما هو في الواقع: “كان الأمر بالنسبة إلي، بمثابة لغز، حتى سمعت عن القصة، وانكشف السر لي، أن زوجي يتظاهر بالسعادة، ويعيش حبا مزيفا، حتى يغيظ عمته وأفرادا من عائلته رفضوا زواجه من حبيبته السابقة.. كنت، أنا، بمثابة الطعم. وهذا، أمر جارح: أن يستخدم مشاعري وكرامتي حتى يشرع أشخاص غيري في الندم والغيرة منه”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!