-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
كتبت في الرباط ووقعت في مدريد

أسرار رسالة سانشيز لمحمد السادس بخصوص الصحراء الغربية

محمد مسلم
  • 5349
  • 0
أسرار رسالة سانشيز لمحمد السادس بخصوص الصحراء الغربية
أرشيف

يبدو أن لعنة الجزائر ستبقى تلاحق رئيس الحكومة الإسبانية المنتهية ولايته، بيدرو سانشيز، حتى آخر أيامه في قصر الحكومة (مونكلوا)، ولا يستبعد أن تساهم في إنهاء مسيرته على رأس الجهاز التنفيذي، هذا ما بات متوقعا في نظر الكثير من المراقبين السياسيين في إسبانيا ولدى جيرانها الجنوبيين أيضا.
وفي ظرف جد حساس وبينما توجد الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية الإسبانية المسبقة والمرتقبة في 23 جويلية الجاري، في أوجها، تلقى رئيس الحكومة المنتهية ولايته، بيدرو سانشيز، ضربة جديدة قد تقضي على آماله في تدارك هزيمته في الانتخابات المحلية والإقليمية التي جرت في شهر ماي المنصرم، في الاستحقاق التشريعي المقبل.
فقد عادت رسالة بيدرو سانشيز الموجهة إلى ملك نظام المخزن المغربي، محمد السادس، في 14 مارس 2022، إلى الواجهة، ملقية بظلالها على مصير رئيس حكومة مدريد من جديد بعد أكثر من 15 شهرا من الجدل، كاشفة مرة أخرى عن فضيحة جديدة قديمة مدوية تورط فيها سانشيز.
وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة “إلديبات” الإسبانية التي سبق لها أن خاضت في قضية هذه الرسالة وما تخفيه، أن “مديرة قسم التنسيق التقني والقانوني في رئاسة الحكومة الإسبانية، بياتريس بيريز رودريغيز، اعترفت في وثيقة تحمل الرقم التسلسلي 00001-00079114، والموقعة في 16 جوان 2023، أن قصر المونكلوا لا يعرف من أو كيف أو حتى متى تم إرسال الرسالة” المثيرة للجدل، والتي هزت الوسط السياسي الإسباني وأدخلت العلاقات الجزائرية الإسبانية أزمة غير مسبوقة.
واعترفت مديرة التنسيق التقني برئاسة الحكومة الإسبانية، أنه على مستوى رئاسة الحكومة، “لا توجد أي وثيقة أو محتوى يثبت التاريخ أو الوسيلة التي تم بها إرسال الرسالة إلى ملك نظام المخزن المغربي، ولا حتى معلومات حول الجهة أو المسؤول الذي أمر بإرسال الرسالة”.
وتؤكد الصحيفة الإسبانية أنه وبناءً على الطلب الذي قدمته إلى مجلس الشفافية والحكامة الراشدة، وهو هيئة عامة ومستقلة، تم إنشاؤها عام 2014، دعت هذه الهيئة حكومة سانشيز في أفريل الماضي لإرسال الرسالة الأصلية، التي حاول سانشيز التستر عليها، للصحيفة، والتي يُفترض أنها مكتوبة بالفرنسية من قبل الحكومة إلى ملك المغرب.
ومعلوم أن هذه الرسالة تضمنت دعما من قبل سانشيز لمخطط الحكم الذاتي لنظام المخزن المغربي في الصحراء الغربية المحتلة، في انحراف عن موقف الحياد التاريخي لمدريد إزاء هذه القضية، تسبب كما هو معلوم في قرار الجزائر تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع مدريد، لتدخل بعدها العلاقات الثنائية في أزمة تسببت في أضرار كبيرة للاقتصاد الإسباني لا تزال قائمة حتى اليوم رغم المناشدات الإسبانية للاتحاد الأوروبي من أجل دعم موقف مدريد، لكن من دون جدوى.
الفضيحة ورغم أنها ليست جديدة، إلا أن المعارضة التقطت الفرصة ووظفتها بشكل مثالي لدعم حظوظها القوية في الانتخابات التشريعية المسبقة على بعد أقل من ثلاثة أسابيع. فقد تعهد استيبان غونزاليس بونس وزير الخارجية المرتقب في الحكومة الجديدة، التي يتوقع أن يقودها الحزب الشعبي الإسباني، الفائز في الانتخابات المحلية والإقليمية قبل أقل من شهرين، تعهد في تغريدة له على “تويتر” بأن حزبه، سيعيد فتح ملف هذه الفضيحة، وفي انحراف الموقف الإسباني من القضية الصحراوية.
وتنظر النخب السياسية في نظام المخزن المغربي إلى استيبان بونس على أنه العدو الأول لبلادهم، بسبب تأكيده على أن الحزب الشعبي سيصحح خطأ سانشيز ويقوم (بتشديد الواو) سياسة بلاده مع الجزائر بعد قيادته الحكومة هذه الصائفة كما هو متوقع.
وبعد هذا المستجد، عادت الاتهامات للحكومة مجددا في عز الحملة الانتخابية، كما جاء على لسان القيادية في الحزب الشعبي والنائب كارمن نافارو، التي نددت بما اعتبرتها واحدة من أكبر الفضائح في السياسة الخارجية الإسبانية، وقالت إن سانشيز ووزير خارجيته خوسي مانويل ألباريس “لم يقدما أي تفسيرات، حول هذا الموضوع”، حالها حال مرشحة الحزب الشعبي في مليلية المحتلة، لمجلس الشيوخ في الانتخابات التشريعية المقبلة في 23 جويلية، إيزابيل مورينو، التي قالت إن “الرسالة كتبت في الرباط ووقعت في مدريد”.
ولم يتخلف رئيس الوزراء الأسبق، خوسيه ماريا أزنار، عن الخوض في الفضيحة مجددا، وقال في مساهمة صحفية: “ما لا يمكن تصوره أن يرسل رئيس الحكومة رسالة مترجمة بشكل سيئ بالفرنسية، رسالة شخصية إلى ملك المغرب، لم تتم مناقشتها في مجلس الوزراء، ولا في مجلس النواب، يغير سياسة ومسؤوليات إسبانيا لأكثر من 40 عاما”.
ومن شأن إثارة هذا الجدل أن يساهم في إضعاف حظوظ الحزب الاشتراكي العام بزعامة بيدرو سانشيز، في الاستحقاق التشريعي المقبل، ومن ثم خروجه من السلطة تاركا المجال لخصمه وغريمه الحزب الشعبي، الذي وعد بتصحيح علاقاته مع الجزائر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!