الجزائر
الظاهرة أقلقت الجمعيات الحقوقية وهي مؤشر انتشار الفقر

أطفال ومراهقون يتنافسون على مسح زجاج السيارات

آمال عيساوي
  • 2904
  • 4
ح.م

انتشرت، مؤخرا، ظاهرة جديدة غير معروفة في مجتمعنا وصنعت جدلا كبيرا وسط الأولياء، وهي مسح سيارات المارة من قبل الأطفال وغالبيتهم أعمارهم لا تفوق 15 سنة،

حيث ينتشرون بقوة في الشوارع ومختلف الطرقات وفي أيديهم قارورات تحتوي على منظفات وفور مرور أي سيارة يترامون عليها ويقومون بتنظيف زجاجها، ويأخذون بالمقابل بعض الدنانير من دون رقابة ولا خوف من الخطر الذي يحدق بهم في الشوارع..

أصبحت ظاهرة مسح سيارات المارة من قبل الأطفال شبه موضة في مجتمعنا وخاصة في العاصمة، إذ أننا لم نكن نسمع عنها سابقا إلاّ في مصر بسبب الفقر المدقع الذي تعاني منه الكثير من العائلات المصرية والتي تبعت بأطفالها للعمل في الشوارع ويعتبرون مسح سيارات المارة واحدة من بين المهن التي يكتسب من خلالها الأطفال قليلا من المال، لكن في مجتمعنا الجزائري الذي لا يسمح بهذه التصرفات يختلف الأمر اختلاف الليل والنهار، وظاهرة مسح السيارات من قبل الأطفال من المفروض أن لا يقبل بها صاحب السيارة فما بالك بالأولياء، لهذا قامت “الشروق” بجولة استطلاعية على مستوى عديد الطرقات وسط العاصمة وقامت باستفسار بعض أصحاب السيارات، حيث صرّح الياس وهو شاب في الثلاثينات من عمره، أنّ الأطفال لا يتركون لهم فرصة للقبول أو الرفض، وإنما تجدهم يرمون بأنفسهم على السيارات ويقومون بمسحها مباشرة من دون سابق إنذار، وهذا ما يدفعهم إلى إعطائهم المال، تعاطفا معهم وليس استغلال لهم، حسب ما صرّح الياس الذي تساءل عن رقابة الأولياء والأمن معا، فكيف يتم –حسبه- السماح للأطفال في هذا العمر التفكير العمل وهم في هذا السن؟؟

من جهتهم بعض الأولياء الذين التقينا بهم وسط العاصمة وشاهدوا بأعينهم الأطفال وهم يمسحون السيارات، ألقوا اللوم على عاتق الآباء بالدرجة الأولى، وشدّدوا على أن الأطفال في هذا العمر في حاجة ماسة إلى حراسة ورقابة دائمتين، كما وجهوا أصابع الاتهام إلى المدارس وأرجعوا سبب ذلك إلى إضرابات المعلمين، وقالوا إن تسريح التلاميذ من مدارسهم وإخراجهم للشارع في فترة الإضرابات، يجعلهم يُقدمون على القيام بأي تصرفات وسلوكات غير سليمة، وليس مسح السيارات فقط، كما عبروا عن استيائهم من الحال الذي وصل إليه الأطفال اليوم فعوض أن يتواجدوا في مدارسهم أو في أماكن للعب والترفيه عن النفس، على حد قولهم، هاهم يمسحون زجاج السيارات للمارة، ويبيعون المناديل، من أجل كسب المال وشراء الممنوعات به من سجائر وحبوب مهلوسة وما خفي أعظم؟

من جهته رئيس شبكة ندى لحماية الطفولة عبد الرحمان عرعار، صرّح في حديثه مع “الشروق”، أنّ هذه الإفرازات من الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي نعيشه مؤخرا، من أهم أسباب خروج الأطفال للشارع، والتفكير في العمل وفي أمور أخرى غيره من التسول والسرقة وغيرها، مضيفا أن هؤلاء الأطفال لم يأخذوا حقهم الكامل في الرعاية والحماية، والتصدي لهذه التصرفات التي تُزعج المواطنين والأمر لا يتعلق حسب عرعار بمسح السيارات وبيع المناديل فقط، بل يتعداه إلى أمور أخرى غير أخلاقية، وأردف قائلا “هذه التصرفات التي تزعج المواطنين في تطوّر مستمر، ونحن هنا نضع اللوم على السلطات والأولياء على حد سواء، باعتبارهم لا يؤدون دورهم بالكامل في حماية هؤلاء الأطفال من مثل هكذا تصرفات”..

وأضاف المتحدث أن المسؤولية يتحملها الجميع من خلال استيعاب الكم الهائل من الأطفال وإيجاد حلول مناسبة لهم تجعلهم يُفرغون طاقاتهم ويملؤون أوقات فراغهم، هذا دون الحديث كما قال عرعار عن الاحتياج الاجتماعي، حيث ذكر، أنّ مشكلة هؤلاء الأطفال في البحث عن المال، ليس لمساعدة أوليائهم أو شراء كتب للدراسة وغيرها، لأن هذه الأمور توفرها حتى أفقر العائلات، وإنما يصرفونها لاحتياجات أخرى خاصة بهم وممنوعة عليهم كالتدخين والخروج مع الأصحاب والقيام بأمور أخرى غير سليمة.

مقالات ذات صلة