-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أطلبوا… ولو في الجزائر!

عمار يزلي
  • 3222
  • 0
أطلبوا… ولو في الجزائر!

عندما ينغلق العمل السياسي أو يُوجَّه نحو خنق المبادرات والعمل وفق منظور “ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد”، يتحول الناس في عمومهم عن الهمّ السياسي والفكري والثقافي ويتجهون صوب حل مشاكلهم اليومية بمختلف الطرق والسبل وأحيانا على قاعدة “الأمير”: الغاية تبرر الوسيلة! لا شيء يقف في وجه الاسترزاق عندما تنغلق طرق الحصول عليه، خاصة إذا ما رأى المواطن البسيط والشاب المقبل على الحياة، الأقلية ممن يرفلون في “نعيم الدنيا” بكل ما أوتوا من قوة ومركز وسلطة، ينهبون، ويسرفون في النهب، ويتاجرون بالحلال عن طريق الحرام، ويتاجرون بالحرام بما يبدو لهم كأنه حلال، وهذا وفق قاعدة العمل عندنا “عمل قليل سهل سريع وكثير”! هذه الشروط لدى العاملين، هي نفسها عند من لا يعمل أصلا: الربح السريع، بدون عمل!

التسول، جزء من هذه الاستراتيجيات المتبعة عندنا؛ لقد صار التسوّل شبه مهنة حرة بدون ضرائب، لسنا نملك إحصائيات رسمية معلنة في هذا السياق، لكن “المهنة” في تصاعد مستمر، ليس هذا بسبب الحاجة والفاقة والفقر، بقدر ما هي إستراتيجية مهنية، مُهينة، يختارها البعض لِما تغدق على صاحبها من مال وفير، سريع وبدون تعب.. والمثل الذي تحدثت عنه “الشروق” بشأن الشاب الجامعي الذي ضُبط يتسوّل وفي رصيده 750 مليون سنيتم و15 ألف أورو، خير دليل على أن التسوّل سار مهنة تتطلب فرض ضرائب عليها، حتى لا يبقى العامل الموظف هو الوحيد الذي يدفع نصف مرتبه للضرائب فيما يتهرب رجال الأعمال والمتسولون أصحاب العمايل!

نمتُ لأجد نفسي أكره مهنة التعليم التي لا تغني لا من جوع ولا تسمن من هزال، قررت أن أغيّر المدينة وأن أمتهن حرفة الجلوس ومدّ اليد واللسان والتطاول على جيوب الناس بلسان عربي مبين: يامومنين، راني مغبون، يخصني زوج ملاير باش نكمل الفيلا نتاعي، راني نسكن في برطما! يا الخاوة لله عاونوني راني باغي نحوّس ماليزيا قالوا لي عليها مخيرة ويخصني 10 آلاف أورو.. يا المومنين لله عاونوا خوكم المغبون! هذا الآيفون راه عندي قديم ما فيهش الريزو مليح، يخصني غالاكسي التالي، يرحم بوكم عاونوني نشريه، لو كان ما نشريهش راني نهبل!

ثم أنتقل إلى المساجد وأهجم على المصلين عند الدخول وقبل الخروج وأغلق الطريق عليهم: يا مومنين لله عاونوا خوكم راني مضرور، عندي باراصيون نتاع بنتي باغي نديرها في ماريكان على عينيها باش نردهم لها خضرين وشابين!.. يا محسنين شوفوا لوجه الله وعانوني نديرلها عملية تجميل.. يا الخاوة لله، يخصني 700 مليون! عندي غير 500 مليون ويخصني نزيد باش نزوجها تمة مع ماريكاني ونبني جامع في لوس أنجلس! يا المومنين شاركوا معي في بناء بيت الله في بلاد الكفر عند أبناء الماريكان! 

ثم أنتقل إلى مدينة أخرى وأجوب الخمّارات والبارات: يا خوتي، راني مغبون، عاونونا لوجه الله رب يرضى عليكم ويرضي عليكم الوالدين! يالخاوة، راني مضرار، يخصني نجدّد الطونوبيل وما عنديش! السيارات غلاو وأنا “البي أم” كبرت ويخصني وحدة جديدة من لاميزو!.. الله يرزقكم الجنة.. عاونوني..

ويحمل أحد السكارى كأس البيرة ويقذفه بوجهي ليشرّك لي الفم والوجه والعينين وهو يلعن: أنا ما عنديش حتى باش نشرب وأنت باغي تشري مرسيدس؟.. ينعل بو…

وأفيق وقد أسقطت كأس الماء على رأس زوجتي بضربة صاعقة لا إرادية!

 

ملاحظة: سبق نشرُ المقال

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • azed

    bravo سي عمار .. كل ما في الأمر نحن الجزائريين وصفنا سفير سابق لإيران بالجزائر بعد انقضاء فترته بالجزائر وعند مغادرته الجزائر سؤل عن الجزائريين قال بالحرف الواحد ... الجزائريــيـــــن ســـــذج بضم السين . مما يدل دلالة واضحة ... أن حلم سي عمار واقع ... يأتي الأفارقة وهم فقراء ويسلبون للجزائريين أموالهم بطريقة ساذجةمن أجل الثراء ... كم سمعنا من بعض أساتذة وأستاذات في الجامعات وأطباء أي أهل العلم والمعرفة أصيبوا بعدوة الطمع والجشع وسلموا أموالهم للمحتالين الأفارقة وأصبحوا في خبر كان ... صح أم لا؟

  • ع.مجيدي

    يطربنا الأستاذ عمار دائما بأحلامه اللذيذة.يبقى أن أضيف الى ما قاله أن العيب ليس في هؤلاء المتسولين الاحترافيين بل العيب فيمن يعطونهم ويغدقون عليهم بالعطاءوهم يعلمون بالتأكيد أنهم محترفون وقد تم ضبط الكثير منهم ممن انتحلوا شخصية السوريين.ثم انتقلت العدوى لأبناء الجنوب السود الذين انتحلوا شخصيةالماليين.والشعب لا ندري أهو جاهل أم عارف ويساهم في تشجيع العمليةحيث أننا نعرف الكثيرين ممن لهم أقارب وجيران لايملكون قوت يومهم ومع ذلك يتركونهم ويغدقون على المتسولين الذين يغلقون أبواب المساجد والأسواق